العيسمي :وصفت طبيب الأسنان السوري بأنه من أفضل الأطباء العرب

المال :تيماء حيدر

  •  العيسمي الأزمة دفعت بالزملاء للهجرة وأغلبهم قصد دول الخليج وأميركاوأوروبا
  • لا يمكن تصور جمالية وجه دون ابتسامة جميلة تشكل الأسنان أبرز ملامحه

 تروي طبيبة الأسنان لميس العيسمي لـ موقع مجلة المال السورية” بعضا من ملامح قصة نجاحها، والتي اعتمدت فيها- كما تقول- على حكمتها المفضلة (آمن بالله والحب وتحدّى المستحيل وتفاءل بالخير..)، وكيف أنها استطاعت أن تشق طريقها وسط زحمة المنافسة وأعداد الأطباء، الذين يعملون في أسواق الخليج من جنسيات كثيرة، وكيف يبقى الطبيب السوري علامة فارقة بين هؤلاء جميعا.. حول هذه المحاور وغيرها، دار حديث شيق مع العيسمي هذه تفاصيله..

*توصف مهنة طب الأسنان بأنها إحدى المهن الشاقة.. ما الذي يجعلها مختلفة لديك؟

**مهنة طب الأسنان ممتعة وغير مملة، وأنا أميل بفطرتي نحو الأعمال التي تملأ وقتي بالعمل والحركة والتواصل المستمر مع الناس،لذا وجدت أن هذه المهنة تتوافق مع ميولي الفطرية، ففيها تطور مستمر،وأجهزة وتقنيات جديدة كل يوم،يجعلها شيقة وجاذبة، وعموما  عندما يحب الإنسان مهنته وعمله،فلن يرى فيهما مايزعج أو يرهق،لذا سيسعى إلىالإبداع والتطور بشكل طبيعي.

*كطبيبة أسنان تعمل في دول الخليج العربية.. لماذا يتصدر طبيب الأسنان السوري قائمة نظرائه العرب في سوق العمل هناك برأيك؟

**لأنه يتخرج من أقوى كليات طب الأسنان في الجامعات العربية أكاديميا ومهنيا، فدراسة طب الأسنان في الجامعات السورية احترافية ومتميزة، يتم التركيز فيها على تحمل المسؤولية وإتقان العمل منذ السنة الأولى، حيث يبدأ استقبال المراجعين من السنة الثانية،ما يرفع كفاءة الطبيب ويزيد من خبراته، كما أن السوريين اعتادوا على احترام الطبيب وتقدير عمله، وهذا يجعله أكثر ثقة بنفسه، وبالتالي أكثر تميزا في بلدان الاغتراب.

*عن الممارسة العملية ومتاعب تطوير الذات علميا ومهنيا.. ماذا تقولين؟

**لم أتوقف يوما، مذ تخرجت من الجامعة عن ممارسة المهنة، وتطوير نفسي في مجالات الأسنان كلها، كنت استثمر وقتي في الكثير من الدورات والمؤتمرات، حتى في الخارج، لأحصل على الجديد والمفيد في المعالجات والتقنيات السنية، وهذا كلفني الكثير من المال، والبعد عن أسرتي في بعض الأحيان،نتيجة السفر خارج مكان إقامتي.

*تمر بالممارس لأية مهنة مفارقات ودروس مستفادة.. كيف تصفين تجربتك؟

**من أولى المفارقات التي حصلت معي في بداية طريقي المهني،أنني عندما ذهبت للعمل في السعودية، بعد تخرجي في ٢٠٠٧، اضطررت إلى دخول مجتمع طبي لايستخدم مصطلحات المهنة إلا بالانكليزية،وهو ما لم نعتد عليه كثيرا أيام الجامعة، وكلنا نعلم أن الجامعات السورية تعتمد اللغة العربية كلغة رسمية في الدراسة، أما في السعودية، فأغلب الطواقم الطبية والتمريضية والشركات العاملة في هذا القطاع من الأجانب، وهؤلاء لا يستخدمون  العربية إلا عند التعامل مع المراجعين. أما المفارقة الثانية،فهي الأجهزة الحديثة المتطورة التي تملأ العيادات هناك والتي لم أرها من قبل وبالتالي صرت وكأنني أعيد هيكلة ماتعلمت في إطار جديد يتلاءم مع واقع جديد..

*طغى خلال السنوات الأخيرة الجانب التجميلي في طب الأسنان على الجانب العلاجي.. ما حدود كلا الجانبين، وما حصة كل منهما في السوق؟

**لو نظرنا إلى لوحات المشاهير في العصور السابقة، لكنا لاحظنا أنها وجوه بدون ابتسامات، والسبب يعود لقلة الاهتمام بالناحية الجمالية قديماً، أما الآن فلا يمكن أن نقبل جمال الوجه بدون ابتسامة جميلة،فجمالية الأسنان تزيد من الثقة بالنفس، وبعض جهات العمل تجبر الموظفين على تجميل أسنانهم كشرط من شروط قبولهم، ولكن هذا يبقى جانب من جوانب المهنة، وله قيود وشروط، ويجب أن يتم بطريقة أكاديمية وبحرفية عالية، وليس بشكل تجاري..

*كيف أثرت الأزمة في سورية على قطاع طب الأسنان، وبكم تقديرين نسبة الأطباء الذي غادروا إلى الخارج، وما هي وجهات سفرهم؟

**لاشك ان الأزمة السورية أوجعتنا جميعا، وعلى الأصعدة والمجالات كافة، وكان أثرها كبيراً على أطباء الأسنان ويؤسفني أنني ومعظم زملاء دفعتي الآن منتشرين في عديد البلدان حول العالم،ولم تعد تلمنا إلا بعض التطبيقات على الجوال، وذكريات قديمة هناك حيث تخرجنا.. ثمة عوامل ساعدت على هذه الهجرة مثل.. عدم توافر بعض المواد الطبية، وغلاء الأسعار للمواد والأجهزة، وانعدام الأمان والاستقرار في بعض المناطق نتيجة الأزمة.. هذا كله دفع الكثير من الأطباء للرحيل، فلم يعد الواقع يتناسب واحتياجاتهم وطموحاتهم، التي وجدوها في بلدان أخرى، وكان لدول الخليج النصيب الأكبر من هؤلاء، بالإضافة لأميركا والدول الأوروبية خاصة ألمانيا،ولا أستطيع أن أقدر نسبتهم،لكنها كبيرة مع الأسف.

*كانت لديك الرغبة بمتابعة دراستك العليا في اختصاصك للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، لكن بعض الظروف حالت دون ذلك.. ماذا تقولين هنا؟

**كنت أحلم بأن أكمل طريقي في الجامعة بدراسة الماجستير ثم الدكتوراه، ولهذا رفعت معدلي الذي تجاوز السبعين، وكنت أعمل جاهدة لهذا الهدف، لكن سرعان ماتلاشى، عندما تفاجأنا بقرار وزارة التعليم إلغاء المعدل، وتخصيص نسبة ٤٠٪له، والصدمة أننا كنا خارج اللعبة أنا وكثير من زملائي، وهذه كانت أولى صدماتي، فلم أكن أعلم أنني لكي أصل إلى هدفي،أحتاج وساطة أو دعما لم أكن أملكه حينذاك..!

 

*لنتحدث عن البدايات.. النشأة.. الأسرة.. النجاح؟

**ولدت في دمشق لأسرة بسيطة،وترعرعت على رائحة شجرة الياسمين، التي زرعها جدي في أرض الدار.. أبي مدرس رياضيات، وأمي معلمة حياة، كنت أكبر أخوتي سنا، وهذا رتب علي  الكثير من المسؤولية فالكبير هو القدوة أتذكر أن طفولتي كانت مليئة بشهادات الامتياز والندوات والنشاطات.. كنت مجتهدة على الأصعدة كافة، ولاقيت نجاحاً في كل مرحلة، وبمعدل عال، حتى دخلت كلية طب الأسنان، التي كانت تشبهني كثيرا بحيويتها، وأنا ممتنة لتلك المرحلة من حياتي.والديّ أفنيا عمرهما في تربيتنا وتعليمنا، ووفرا لنا بيئة جيدة للانطلاق نحو مانريد، ولولاهما لما وصلت إلى ما أنا عليه أطال الله عمرهما..

*وماذا عن الرسائل والبرامج التوعوية والإرشادية التي تقومين بنشرها عبر وسائل التواصل؟

**يعيش البلد حالياً أزمة مضت عليها عشر سنوات، عانينا فيها جميعا في الداخل والخارج،ولا يمكنناإنكار أثرها على العائلات الفقيرة، التي أصبحت لديه مشكلة معيشية، مثلي كمثل غيري من الذين مازالوا مخلصين للوطن وأهله، كنت أحاول جاهدة مد يد العون قدر استطاعتي، وأنا أخجل من قول هذا، لأنه واجب علينا، كنت ومازلت في اللجنة الخيرية التابعة لمدرسة أناندا مارغا في السويداء، وهي لجنة معنية بالخدمات الخيرية المنظمة، وأتواصل معهم باستمرار لتحسين وضع الكثير من العائلات، بالإضافة لمبادرة قلم رصاص لإعانة الطلاب وغيرها..والحمد لله الذي رزقني الإرادة والقوة والصحة ليمكنني من العمل والمساعدة دوماً.

*ترك فيروس “كورونا” تأثيرات سلبية على الأعمال كلها حول العالم، كيف أثر على أعمالكم؟

**منذ بدأت أزمة كورونا،أخذت على نفسي عهداً بنشر السعادة والطاقة الإيجابية، وبدأت سلسلة من الفيديوهات أسميتها كورونا الجميل، وهذا لأنني أردت من الناس أن ينظروا دائماً إلى نصف الكأس الملأى، فلا توجد أزمة إلا ويختبئ خلفها بحرٌ من الهبات والنعم.. تأثر عملي ودخلي، كما تأثرت دخول الآخرين، ولكني تعاملت مع الوضع بإيجابية وصبر، فكل محنة إلى زوال، لو آمنا برحمة الله وقدرته.

*سؤال كنت تتوقعينه منا؟

**ماذا لو عاد بي الزمن إلى الوراء، هل كنت سأسافر خارجاً؟

الحمد لله أنني لا أندم على قرار أو خطوة اتخذتها في حياتي،فالصواب الذي قمت به حفّزني، والخطأ الذي قمت به علمني الكثير، ولكن لو أتيحت لي العودة إلى الوراء،وقبلت في دراسة الماجستير في جامعة دمشق،لما اخترت السفر.

برجي هو القوس، وأسعد أيامي الخميس، أعشق الملوخية، وأحب روائح الياسمين وعطورها، فهي تذكرني بطفولتي في دمشق. وهوايتي تصميم الأزياء، تعودت إذا حزنت أن أبكي قليلاً لأريح نفسي، وأناجي ربي، ولكن تعودت مع الزمن ألايتعدى هذا بضع دقائق، أماأكثر درس تعلمته من والدي،فهو الاجتهاد والمثابرة،لقد تقاعد من التدريس ولم يأخذ إجازة يوما قط،ولم أكن أره يشكو التعب أو الملل، ووالدتي علمتني أن أطلب المستحيل وأحققه، وهذا لم يجعل لدي حدود، بل وسّع أفقي. ثقتي الوحيدة والدائمة هي بالله وحده، وأقول أنت كل شيء في حياتي لابني طلال وابنتي سلمى، فهما سر سعادتي وابتسامتي، حكمتي في الحياة: آمن بالله والحب وتحدّى المستحيل وتفاءل بالخير.. !

 

 

شارك