كيف تطور توليد الكهرباء في الصين من الاعتماد على الفحم الحجري إلى الطاقة الشمسية

مرّ تطور الكهرباء في الصين بجملة من العقبات، فلم تتوّلد الطاقة الكهربائية بفعل عصا سحرية، بل كان الأمر عبارة عن سلسلة من الصعوبات، تنقّلت خلالها الصين بين عدد من المراحل، حتى وصلت إلى ماهي عليه اليوم، فمن توليد للكهرباء باستخدام الفحم الحجري إلى الاعتماد على الطاقات المتجددة، رغبة في تخفيف التلوث.

هي تجربة رائدة، ربما على كثير من الدول العربية الاطلاع عليها، لا سيما في سوريا ولبنان، حيث بات تأمين الكهرباء مشكلة كبيرة تتطلّب جهودا حكومية فعّالة وحقيقية، فعلى الرغم من طرح ألواح الطاقة الشمسية كحل بديل عن الكهرباء في سوريا مؤخرا، إلا أنه وبحسب عدد من الاختصاصيين غير مجد من مختلف النواحي.

هذه قراءة في تجربة الصين وكيفية استخدامها للطاقة الشمسية كمرادف للكهرباء وذلك لتخفيف التلوث:

في عام 1882 قام مستثمر بريطاني بتمويل أول محطة كهربائية في “شنغهاي” إلا أن الصين لم تبدأ بالنظام الوطني للكهرباء حتى عام 1949 أي عندما تسلّم الحزب الشيوعي الصيني للسلطة.

وفي عام 1978 قامت الصين بالتزوّد بالكهرباء عبر التخطيط المركزي الحكومي، وفي الـ 1979 كان 40% من الأسر الصينية في الأرياف تفتقر للكهرباء، ولكن بحلول عام 2005 أشارت الإحصائيات إلى أن 98% من القرى أصبحت تنعم بالكهرباء، وهو العام ذاته الذي أصبحت فيه الصين ثاني أكبر مستهلك للكهرباء في العالم.

لم يكن تأمين الكهرباء بالأمر اليسير فقد عانت معظم المصانع في المدن الكبرى من نقص الكهرباء في منتصف الثمانينات، لدرجة انها بدأت تغلق خطوط الإنتاج أربعة أيام من كل أسبوع، ولذلك راحت الحكومة تشجّع على صناعة الكهرباء بشكل غير مركزي، ولم تسيطر الا على أقل من 50 بالمئة من الطاقة الإنتاجية .

في عام 2002 قامت الحكومة الصينية بتفكيك الشركة الكهربائية الحكومية وأعادت تخصيص أصولها إلى خمس شركات حكومية باتت تعرف باسم “الخمسة الكبار”، وهو ما أعطى للسوق سمة تنافسية ومرونة أكبر بحيث باتت هذه الشركات تتنافس فيما بينها ، مما انعكس أيضا على إنتاج المصانع التي تنافست لتقديم وفرة في الإنتاج ما زاد العرض وأدى إلى انخفاض الأسعار.

ورغبة في زيادة الترشيد أصدرت الحكومة قرارا بإغلاق المصانع المملوكة للدولة أي الحكومية والتي تصنّف على أنها عديمة الفائدة لأنها تستهلك الكهرباء بإسراف دون فوائد إنتاجية تذكر.

وفي العام 2003 إزداد إجمالي الطاقة الإنتاجية 8%، في حين ازداد الطلب على الكهرباء 15%”

أما اليوم فإن وكالة الطاقة الدولية تقول ” إذا أرادت الصين مواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء فإنها بحاجة إلى استثمار 2 تريليون دولار أمريكي تقريبا في البنية التحتية بين عامي 2001 و 2030 ويمثّل هذا المبلغ ثلث الاستثمار العالمي في مجال الطاقة الكهربائية”.

إلا أن التلوث الهوائي الناجم عن استخدام الفحم الحجري في توليد الكهرباء دفع الصين إلى التفكير باستخدام الطاقات المتجددة كالشمس والرياح، وعلى سبيل المثال فإن 73% من الكهرباء قد تم توليدها باستخدام الفحم الحجري في العام 2014 ، أما اليوم فيلحظ زائر المدن الصينية الكبرى انخفاض التلوث بنسبة كبيرة بعد ان كان التلوث يحجب أشعة الشمس .

الصين تحتضن اليوم أكبر محطات طاقة شمسية في العالم ففي مدينة “داتونغ” الواقعة شمالي البلاد بُنيت أكبر محطة عملاقة للطاقة الشمسية في العالم وتمتد على مساحة 248 فدانا.

وتبلغ القدرة الإنتاجية لمحطات الطاقة الشمسية في الصين عموما 130 غيغاوات، وبهذا تحتل الصين المرتبة الأولى عالميا في مجال توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أفادت بأن الصين تصنّع أكثر من 60 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي من الألواح الشمسية.

هي تجربة فريدة لعملية تكامل ما بين الطاقة الشمسية والكهربائية، فلا تحل الواحدة مكان الأخرى، ولا يتم الاستخدام إلا بعد تقييم المكان المناسب وتنفيذ جدوى اقتصادية.

المشهد

شارك