عززوا صمود الأهل في الوطن الأم وقدموا المبادرات المختلفة وواجهوا “قيصر”

الجالية السورية في أميركا: لنشجع قطاع الأعمال ونحد من الرسوم والضرائب

لم نترك فرصة لنصرة بلدنا إلا واغتنمناها..

“المال”- تيماء حيدر:

ثمة الكثير مما يمكن أن تقدمه الجاليات السورية، حول العالم، للوطن الأم، في مواجهة ما تعرض، ويتعرض له كل يوم، من ضغوط خارجية وعقوبات وحصار اقتصاديين، فلكل دوره، ولكل تأثيره، وهو ما آمنت به وعملت عليه جاليتنا في مدينة “النتاون” في الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يلخصه رئيس الجمعية السورية الأميركية المعمارية الأسبق هناك عزيز وهبي، عبر هذا اللقاء والمكاشفة الصريحين..

كرجل أعمال في قطاع تجارة السيارات في أميركا، منذ عشرين عاما، كيف تنظر إلى إمكانية تنشيط هذا القطاع محليا، في ظل الأزمة والعقوبات الغربية الجائرة على البلاد؟

لا شك بأن قانون قيصر أثّر بشكل مباشر على كافة القطاعات العامة والخاصة في الوطن الأم سوريا وهذا شيء واضح وملموس ويشكّل عائقا كبيرا امام قطاع النقل في البلاد، فمحاربة مثل هذا القانون الغاشم، تقتضي- برأيي المتواضع- أن نفتح المجال للتجارة الخاصة، التي قد تجد بعض النوافذ للتهرب من العقوبات التي فُرضت على هذا القطاع، لذا يجب على الجهات المعنية تخفيف ضرائب الاستيراد الخاصة، والتي تشّكل عبئا ثقيلا على السوري الراغب في إقتناء سيارة، في ظل وجود عدد هائل من السيارات القديمة في طرقاتنا، ما يشكّل خطرا كبيرا، ليس فقط على المالكين فحسب، ولكن على المارة أيضا، فظاهرة التمسك بهذه السيارات، هي نتيجة لعدم استقرارية السوق، فالذي اشترى سيارة قديمة بأسعار خيالية، وجد نفسة أمام مشكلة كبيرة في ظل دخول سيارات حديثة إلى البلاد، فلهذا وجب على الحكومة النظر في وجود حلول أو تسهيلات تسمح لأصحاب هذه السيارات باستبدالها، ضمن تخفيضات جمركية تتناسب مع الأسعار التي دفعها هؤلاء المالكون، ما سيفتح المجال لتجديد  السيارات بصرف النظر عن أنواعها وطرازها، فمن ناحية منحنا فرصة لدخول سيارات جديدة إلى السوق المحلية، ومن أخرى خففنا عبء العقوبات. لكنني أرى بأن الرسوم الجمركية العالية، وخاصة رسم الرفاهية والتي تشمل مجمل السيارات تنعكس سلباً على عملية الاستيراد الخاصة، والتي بدورها قد تكون الحل الأنسب للتخلص من العقوبات الغاشمة المفروضة على البلاد.

قدمتم عديد المبادرات الإنسانية لأهلنا في الداخل، هل من تفاصيل عنها؟

لقد كان لي دور، خلال رئاستي للجمعية السورية الأميركية المعمارية في مدينة النتاون، في تحمّل مسؤولية المساهمة في عديد الأعمال الخيرية، كواجب علينا تجاه أهلنا وبلدنا، وطبعاً الفضل يعود إلى أفراد الجالية الشرفاء والجمعيات الخيرية والكنائس، الذين كان لهم الدور الأكبر في إنجاح هذه المبادرات، فلقد كان قلبنا جميعاً كأفراد ومنظمات ينزف دماً على وضع أهلنا في الوطن، وعلى كمية الضغط الذي يعانونه، جراء الحرب الإرهابية التي شُنت عليهم دولة وشعباً، فكانت المبادرة الأولى التي قمنا بها بشكل جماعي، هي إرسال شحنة ملابس وضروريات إلى منطقة وادي النضارة عام ٢٠١٣، ومن ثم باشرنا في مساعدة ودعم بعض المناطق التي كان دفاعها الوطني بحاجة ماسة للدعم المعنوي والمادي، إضافة لمبادرات تخص أبناء الشهداء، الذين فقدوا آباءهم دفاعاً عن كرامة الوطن، كما ساعدنا العائلات المهجرة من المناطق التي وصلت إليها يد الإرهاب، ناهيك عن الفعالية الكبيرة التي قامت بها الجالية، ودعمت بشكل مباشر الأعمال الخيرية التي تقوم بها بطريركية الروم الأروثودكس، ولكن وبالرغم كل هذه الأعمال التي قمنا بها كجالية سورية في مدينة النتاون، فلا تساوي نقطة في بحر تضحيات أهلنا وجيشنا.

كيف لكم أن تلخصوا الدور الوطني للمغتربين في أميركا لشرح حقيقة ما يجري في البلاد، والعقوبات الأميركية الظالمة على البلاد؟

لقد كان للجالية السورية هناك دور كبير في إظهار الوجه الخفي للمؤامرة التي حيكت ضد سورية، فبينما كانت جميع وسائل الإعلام الغربية، وتحديداً في الولايات المتحدة الأميركية، تغطي بكامل قوتها الهجمات الإرهابية التي كانت تُشن على أهلنا في سورية تحت شعار الحرية والديموقراطية, تحركت جماهير المغتربين السوريين لإظهار الحقيقة للرأي العام الأميركي، فبدأنا بتحركات شبه يومية، تمثلت بالوقوف في مراكز المدن التي ينتشر فيها المغتربون السوريون، وكان أهل مدينة النتاون هم السبّاقون في تلك المظاهرات، والتي كان أكبرها على مستوى المدينة مظاهرة عام ٢٠١٣، والتي طالبنا من خلاها بعدم تدخل أميركا في الشؤون الداخلية لسورية، ووقفنا بحزم ضد قرار الرئيس أوباما بتوجيه ضربة عسكرية لسورية،  بحجة الهجمات الكيميائية المفبركة ضد الدولة السورية.

كما قامت الجالية بتنظيم مظاهرة كبيرة ضد تلك القرارات، وكان مركزها العاصمة واشنطن والحضور الجماهيري فيها كبير جداً، ولقد استجاب لطلب الحضور عضو الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا الصديق “تشارلي دنت”، حيث وقف ضد الضربة، وكان هذا بالنسبة لنا إنجاز وتحقيق مطلب محق، كما كان لأبناء الجالية مواقف إعلامية كثيرة، ولقد كان لي الشرف بأن أدافع عن وطني الأم في عديد القنوات العالمية كـ”سي إن إن، و “إن بي سي” و”الإخبارية ٦٩”، كما شاركنا في قنوات عالمية أخرى كالقناة الرسمية الهولندية و”فرانس ٢٤”.

وماذا عن الوقفة الاحتجاجية التي نظمتموها هناك بشأن قانون “قيصر”

لقد شكّل قانون “قيصر” الظالم وصمة عار في تاريخ السياسة العالمية لما يحتويه من فبركات كاذبة، هدفها الأول والأخير خنق أهلنا في سورية، وإستعمالها وسيلة ضغط على الحكومة السورية لإجبارها للرضوخ لمخططاتهم الشيطانية، فقد شعرنا بالخطر الكبير ليس على أهلنا فحسب، بل أيضا علينا كمغتربين، فهذا القانون الخانق يشكل جريمة ضد الإنسانية، لأنه شكل جديد من الحروب التي تحرمها القوانين الدولية، فلقد وجدنا أنفسنا كمغتربين منعزلين وممنوعين من مد يد المساعدة إلى أهلنا وذوينا، ناهيك عن ارسال مساعدات إلى بعض المنظمات الحكومية التي ترعى الشؤون الإنسانية والإجتماعية للأطفال والمسنين وجرحى الحرب، فقمنا في تنظيم وقفة إحتجاجية كان هدفها تحريك الرأي العام الأميركي ضد هذا القانون، ووجهنا رسالة الى الرئيس الأسبق ترامب، ولكن للأسف ظروف كورونا كانت الشاغل الأكبر للأميركيين، ويمكنني أن أقول بأن هذه القرارات أكبر بكثير من الرأي العام، لأنها بمثابة سلاح قوي بيد الدول المتآمرة على سورية.

دخلتم معترك العمل السياسي والحزبي في سورية عام 2012، كيف تقيمون هذه التجربة؟

دخولنا في المعترك السياسي نابع من الإلتزام الوطني، وفي المغترب من أجل المشاركة في الدفاع عن بلدنا، وكانت تجربة ناجحة وجيدة على المستوى الشخصي، فلقد تعلمت الكثير من هذه التجربة، وبنينا علاقات قوية مع معظم سياسي المنطقة، أهمهم عضو الكونغرس “تشارلي دينت” وسيناتور ولاية بنسلفانيا “بوب كايسي”، وأيضاً على المستوى الفيدرالي، فالسياسة هنا تحكمها الشركات والـ “لوبيات”، وهذا شيء نفتقده نحن السوريين في المهجر، بالرغم من أن لدينا سلاحا قويا، ولكن للأسف لا نستعمله، وهو سلاح المشاركة في الإنتخابات السياسية، وهذا السلاح هو الذي كنت أبني عليه معظم المطالب السياسية في هذه التجربة، خاصة في أوقات الانتحابات المختلفة، فلو استطعنا تنظيم أنفسنا بشكل يشارك به معظم أبناء الجالية، لكان لنا صوت قوي في الحكومة المحلية، وربما الفديرالية لا يستهان به، ونأمل أن نستطيع إنجاز شيء من هذا القبيل، فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً..

شغلتم غير مرة منصب نائب رئيس الجمعية، ماذا قدمتم للداخل السوري؟

لقد شغلت منصب رئيس الجمعية، لسنوات طويلة، ولكن أهم هذه السنوات كانت فترة بدء الدفاع عن سورية، فكان لي الشرف بأن أمثل الجمعية في عديد المحاورات التلفزيونية، وأيضاً تحول مركز الجمعية الخاص بالقرية إلى مركز عام للجالية، نجتمع به نستقبل سياسيين وننظم مسيرات تأييد لجيش الوطن وقائده العظيم سيادة الرئيس بشار حافظ الأسد، لقد كان للجمعية عديد المساهمات أهمها مساعدة العائلات المهجرة والمحتاجين وعائلات الشهداء، الذين استطعنا الوصول إليهم في فترة رئاستي، ومساعدة بعض الكنائس التي تقوم بالأعمال الإنسانية، بدون أية تفرقة دينية أو طائفية، فمحبة الوطن تجمعنا قبل كل شيء.

هل من كلمة أخيرة؟

أخيرا أود بأن أرسل، ومن خلال مجلة “المال”،  تحية إجلال ووقار لشهداء سورية الأبطال وعائلاتهم، وتحية عزة وكرامة إلى قائد الوطن سيادة الرئيس بشار حافظ الأسد وإلى أبطال الجيش العربي السوري المقدام، ونحن على ثقة كبيرة بأن نصرنا كسوريين أصبح قريباً بإذن الله.

شارك