أهمية الاهتمام بالطاقات المتجددة والطاقات المتبددة معا ..! 

لا يخفى على أي مواطن أن الإرهابين أضروا كثيرا بمحطات توليد الطاقة الكهربائية ضمن المناطق التي تواجدوا فيها عن قرب وعن بعد، ما تسبب في تدهور الطاقة الكهربائية، ولكن الملفت للانتباه أن هذا التدهور ظهر حتى في المناطق التي لم يدخلها الإرهاب، حيث كثيرا ما ضعفت الطاقة المولَّدة بحجم متباين بين فترة وأخرى، في هذه المحطة أو تلك، تارة تحت بند الصيانة وأخرى تحت بند التعطل المؤقت، وتارة تحت بند ضعف أو عدم توفر الوقود النفطي..!.

والسؤال الكبير: أما كان على وزارة الكهرباء أن تأخذ احتياطاتها اللازمة؟ وهل أحصت قيمة المعدات والمولدات الكهرباية المستوردة بالعملة الصعبة خلال السنوات الماضية ؟، وخاصة مولدات الأمبير التي انتشرت في أغلب المحافظات وما تطلب ذلك من وقود لها، والتي كانت كافية لإحداث محطات توليد كهربائي كبيرة خاصة أو عامة، ولماذا لم تثمر وعودها الكثيرة بإصلاح أو استعادة عمل هذه المحطة الكهربائية أو تلك أو اكتشاف هذا البئر الغازي وذاك البئر النفطي، أكان ذلك ضمن الأراضي التي لم يدخلها الإرهاب، أو تلك التي تم دحره منها، فلا زالت أزمة الكهرباء قائمة، وقد تسببت فترات التقنين المتقلبة بأضرار بالغة لآلاف المعدات والتجهيزات الكهربائية.

نظرا لهذه المعاناة الكبيرة تعمل الحكومة على تشجيع توليد الطاقة البديلة، أكان ذلك لصالح المنشآت الصناعية أو لصالح الاستهلاك المنزلي، وقد صدر التشريع الذي يجيز شراء الطاقة الكهربائية من مشاريع توليد الطاقات المتجددة، وأطلق رئيس مجلس الوزراء العمل بمشروع الطاقات المتجددة لإنتاج 110 ميغا واط في المدينة الصناعية بعدرا، وحدد أثناء زيارته الأخيرة إلى مدينة حسياء الصناعية ثلاث مناطق لإقامة مشاريع الطاقة البديلة، وحجم الاستثمارات في مدينة الشيخ نجار الصناعية بلغ 287 مليار ليرة، وتمت المباشرة بإنشاء محطة كهرضوئية باستطاعة 23 ميغا واط، وأيضا تحظى مئات المنشآت بالتشجيع لإنشاء طاقة شمسية خاصة بها، وصدر التشريع القاضي بمنح طابق إضافي لكل مبنى يتعهد ساكنوه باستثمار سطحه لغاية طاقة شمسية، كما قام عشرات المستثمرين بإحداث مشاريع طاقة متجددة وأصبحت قيد الاستثمار، ويلقى عشرات آخرين المزيد من التشجيع لإقامة محطات توليد طاقة كهربائية بديلة متتابعة، واستعداد وزارة الكهرباء لشراء ما ينتجونه وبالعملة الصعبة، ويتزايد المقبلون على هذا الاستثمار الرابح باضطراد، وقد أقيمت العديد من ورشات العمل والندوات التي تشجع ذلك.

مدعاة للسرور أن هذا الاهتمام بالطاقات المتجددة يتواكب بالتوازي مع جهود لاستئناف عمل العديد من المحطات القديمة لتوليد الكهرباء، فالأمل قائم بعودة بعض كهرباء سد الفرات إلى سورية، وبشائر بانفراج جزئي للأزمة، وسبق أن أكد وزير الكهرباء أن حل مشكلة الكهرباء بشكل كامل موضوع على الطريق الصحيح، لكن المسألة تحتاج إلى وقت فقط، إذ سيتم إعادة تأهيل كافة محطات التوليد في سورية، وقد تم تأمين قيمة العقود الخاصة بتأهيل بعضها رغم أنها أرقام كبيرة، وفي حال توافرت حالياً كميات جيدة من الغاز فستعمل مجموعات التوليد  التي تعمل على الغاز والمتوقفة حالياً، لعدم توافر الكميات التي تشغلها، والعمل جاري لاستكمال تنفيذ أعمال مشروع محطة توليد الرستين، وصيانة محطة تشرين الحرارية ومحطة محردة.

إن اللجوء إلى الطاقة الشمسية والطاقة الريحية مخرج للأزمة، ولكن الغريب في الأمر لماذا الحضور الضعيف للقطاع العام – بدءا من وزارة الكهرباء – في هذا الميدان، علما أن القطاع العام يملك الأرض اللازمة لذلك، فبادية الشام بنت الشمس وأم الرياح، والأسلاك الكهربائية تسمح بنقل الطاقة المولَّدة من مكان لمكان، ولماذا لم تكن الجهات المعنية هي المهتمة بتأمين مستلزمات توليد الطاقة الشمسية من ألواح وبطاريات وبأفضل نوعية وأقل كلفة، بدلا من أن تترك الأمر بين يدي التجار الكبار الذي ثبت تحايل بعضهم على جني المزيد من الأرباح، من خلال سعيهم لاستيراد الأقل جودة وبيعه بأعلى سعر، كما يحصل في العديد  من المواد المستوردة، لغايات استهلاكية أو إنتاجية، وهل يغيب عن أذهان أولي الأمر ضعف الجدوى من تشجيع عشرات آلاف المنشآت الصغيرة وملايين الأسر لإنتاج الطاقة البديلة، نظرا لضعف إمكاناتهم المادية..؟.

خلال ورشة عمل كبيرة، أكد خبير في الطاقة البديلة أن توليد الطاقة الشمسية لمنزل يكلف نحو 15 مليون ليرة، ومبلغ أكبر لكل منشأة حسب حجم عملها، وحيث أن العمر الزمني المتوقع لمعدات الطاقة المتجددة لا يتجاوز30 سنة فهذا يعني أن الأسرة ستتحمل نصف مليون ليرة عن كل عام عدا نفقات الصيانة اللازمة خلال هذه المدة، وهذا ليس بمستطاع ملايين الأسر، ويبقى المخرج الوحيد حضور الحكومة في تأمين الطاقة الكهربائية، من خلال استعادة عمل المحطات القديمة الكبيرة وإحداث الجديد، وأن تكون هي الرائدة في إحلال الطاقات المتجددة البديلة، وضمن أولوياتها، فالكهرباء نور والظلام زور.

البعث

شارك