كيف سبق «التأمين» حدوث كارثة الزلزال ليوفر الحماية الاقتصادية للمتضررين؟

أسئلة عديدة، طرحت بعد حدوث الزلزال، عن دور قطاع التأمين في تحمل مسؤولياته، والتقليل قدر الإمكان من الأعباء التي ستتحملها مؤسسات الدولة في إعادة تأهيل ما تضرر، وهناك من تساءل: هل تغطي شركات التأمين المحلية مخاطر الكوارث الطبيعية، وماذا تقدم للمتضررين منها، وإلى أي مدى يوفر التأمين الحماية الاقتصادية للمؤمن لهم..؟

«الإشراف على التأمين»: ٢٥٪ من مبلغ التغطية ونحصر الأضرار لتسديد التعويضات للمنكوبين

الدكتور رافد محمد مدير عام هيئة الإشراف على التأمين وفي تصريح خاص لـ(تشرين) أكد وجود تأمين ضد مخاطر الزلازل في الشركات العاملة في السوق، وذلك منذ تأسيسها، ولكن ليس كمنتج تأميني مستقل، أو وثيقة تأمين خاصة بالزلازل، وإنما يأتي ضمن التأمين ضد مخاطر الكوارث الطبيعية، ضمن أنواع بوالص تأمين أخرى، أبرزها تأمين الحريق، لافتاً إلى أن سعر التأمين ضد أخطار الحريق المتعارف عليه اليوم في السوق السورية يتراوح بين ١.٥ – ٣ في الألف سواء من قيمة المبنى أو مواده، وذلك حسب طبيعة الخطر وتقييم المنشأة قيد التأمين.
ومن ضمن سعر التأمين المذكور، هناك سعر متعارف عليه خاص بتغطيات الكوارث الطبيعية، كالفيضانات، والزلازل، وتحكم كل واحدة منها سعر مختلف عن الآخر، فهناك شركات تغطي مخاطر الزلازل بنسبة ١٠٠٪ من قيمة التأمين الخاص بالحريق، وشركات أخرى بنسبة ٥٠٪، و ٢٥٪، ويعود السبب بقيام بعض الشركات بالتأمين ضد مخاطر الزلازل بأقل من قيمة الحريق حسب الدكتور محمد يعود إلى المخاوف من تراكم الخطر، لأنه في التأمين ضد الحريق هناك منزل يحترق بالكامل، أما الكارثة فيمكن أن تصيب عدداً كبيراً، وهذا بدوره يخلق مشكلات لدى شركة التأمين لجهة سداد التعويضات، وهذه المخاوف موجودة لدى شركات التأمين المحلية والعالمية، وكذلك شركات إعادة التأمين، وهنا الجميع يكون حذراً في مثل هذا النوع من التأمين.
وفي سورية، يتحمل المؤمن له ضد مخاطر الزلازل مبلغ ١٪ من مبلغ التأمين، وفي بلدان أخرى يصل إلى نسب عالية جداً كنسبة ٣٠٪ وذلك حسب الخطورة، ولكن شركات التأمين المحلية حسب تأكيد مدير عام الهيئة، ومنذ بداية العام الحالي حددت نسبة التأمين ضد مخاطر الطبيعة بنسبة ٢٥٪ من مبلغ التأمين، وقد تم تضمين ذلك ضمن الاتفاقيات الموقعة بين الشركات والشركة العربية المتحدة  لإعادة التأمين، وهي المعيد الوطني الوحيد بعد انسحاب المعيد الأوروبي بسبب العقوبات.

ولم يخفِ الدكتور محمد أنه منعاً للتراكم اعتمدت الشركات تلك الطريقة في التأمين ضد مخاطر الزلازل بالتنسيق مع الهيئة، وذلك بعد القيام بعدة دراسات على الشركات قبل بداية العام الحالي، وكنا حذرين في هذا السياق، ومتنبهين له، فالتغيرات المناخية، والتواتر الزمني لحدوث مثل هذا الزلزال الذي أصاب بعض المحافظات السورية، والدراسات العالمية التي أشارت إلى تعرض منطقتنا لزلزال مدمر كل ٢٥٠ – ٣٠٠ عام، فضلاً عن حث شركات إعادة التأمين العالمية للتنبه ومنذ عام ٢٠٠٩ إلى حدوث مثل هذه الكارثة الطبيعية في التوقيت الزمني الحالي، جعلنا نستبق الحدث وإدراجه في إستراتيجية التأمين.

وبعد حدوث الزلزال، وخلال الأيام الثلاثة الأولى، يلفت الدكتور محمد الانتباه إلى أن أولويات قطاع التأمين بجميع مكوناته تركزت على التعامل الإغاثي بالدرجة الأولى، فقدم تبرعات إغاثية كبيرة جداً، وبعد ذلك تم الانتقال إلى مرحلة حصر الأضرار المؤمنة، لمعرفة قيمة التعويضات التي ستسددها شركات التأمين، وما زلنا نتواصل مع شركات التأمين وفروعها لتحديث البيانات بخصوص الأضرار الحاصلة، لافتاً إلى أن أي ضرر نجم خلال ٧٢ ساعة عن حدوث الزلزال، سيتم عدّه ضرراً ناجماً عن الكارثة، وهذه المدة انتهت صباح يوم الخميس المنصرم، وبناءً عليه تم التوجيه لجميع الشركات بالتواصل مع المؤمن لهم لمعرفة حجم الأضرار، وبالفعل بدأت لجان الكشف بالاطلاع على طبيعة الضرر وحجمه ليتم الانتقال من مرحلة تقدير التعويضات إلى حصرها بشكل نهائي.

تشرين

شارك