بين أصحاب المكاتب العقارية في أكثر من منطقة أن نسبة أصحاب المنازل الذين رفعوا مبالغ الإيجار تتجاوز 75%، ومتوسط الإيجار الشهري في المناطق الممتدة من (البرامكة) إلى (الفحامة) و(المجتهد) وإلى (الحلبوني) و(فكتوريا) و(عين الكرش) يتراوح بين 200 – 300 ألف ليرة، وأغلبية أصحاب المنازل يطلبون من المستأجر دفع إيجار سنة كاملة، وقلة يطلبون الدفع لستة أشهر.
وأضافوا: إن المبالغ المطلوبة كبيرة جداً وظالمة ولا تراعي أوضاع الناس، مع استثناءات قليلة جداً لأصحاب منازل يرفضون تقاضي إيجارات مرتفعة، ويرفضون زيادتها عند تجديد عقد الإيجار كما يفعل كثيرون، وأرجعوا السبب إلى الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار العقارات في المناطق المذكورة وخاصة في العام الحالي.
وأضاف أحد أصحاب المكاتب: من المتعارف عليه أن للمكتب العقاري الذي يقوم بتيسير عملية الإيجار نسبة معينة، لكن مع هذا الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات صرنا نطلب نسبتنا على استحياء من الزبون، وخاصة عندما يُطلب منه الدفع عن سنة كاملة، لأن المبلغ المطلوب يكون كبيراً جداً.
قد يظن البعض أن الابتعاد عن مركز المدينة سيؤدي إلى انخفاض أسعار الإيجارات، لكن العكس هو الصحيح، وباتت الأسعار في الضواحي مثل (ضاحية الأسد) و(صحنايا) وخاصة (ضاحية قدسيا) تماثل أسعار وسط العاصمة وقد تزيد عليها.
(أبو مؤيد) صاحب مكتب عقاري في (ضاحية قدسيا) يقول: نحن أول من يُصدم بالمبالغ المطلوبة، ونحاول دائماً إقناع صاحب المنزل بتخفيض السعر، وخاصة عندما يكون منزله بحاجة إلى إصلاحات أو مساحته صغيرة، لكن الرفض هو سيد الموقف دائماً، إذ من غير المنطقي أن يصل الإيجار الشهري لمنزل بمساحة 125 أو 130 متراً ومن دون مفروشات إلى 200 أو 250 ألف ليرة، أما المنازل التي تصل مساحتها إلى 150 متراً، فإن الإيجار يتراوح بين 300 و350 ألفاً، وأستغرب ممن لديه مثل هذه الإمكانية ولا يستأجر في وسط دمشق.
من جهته قال الباحث الاقتصادي الدكتور عمار يوسف: إن ارتفاع أسعار الإيجارات هذا العام أكثر من الأعوام السابقة هو نتيجة طبيعية لتذبذب سعر الصرف غير المسبوق، والذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام أكثر من ضعفين، بينما ارتفعت الإيجارات بنسبة 60 إلى 70% من قيمة الإيجار الأساسي، وما أدى إليه هذا التذبذب من انخفاض للقيمة الشرائية دفع أصحاب المنازل لرفع السعر ليتناسب مع تكاليف الحياة الجديدة، وهو أيضاً أمر طبيعي، ولا نستطيع لوم المؤجر، وخاصة المؤجر المعتمد في حياته ومصاريفه على إيجار منزله.
أما عن ارتفاع أسعار الإيجارات في الضواحي، فأوضح د. اليوسف أن السبب هو الارتفاع الكبير في أسعار إيجارات المنازل في المدينة، فالمنازل في بعض أحياء مدينة دمشق تصل إيجاراتها إلى مليون ليرة شهرياً، لذا فإن المنزل في الضواحي إن كان إيجاره 150 ألفاً يصير مرغوباً أكثر بسبب فرق السعر الكبير، ومهما ازدادت الإيجارات في الضواحي فإنها تبقى قليلة جداً تجاه مثيلتها في المدينة، وزيادة الإيجار في بعض أحياء دمشق من مليون إلى مليون ونصف المليون شهرياً مثلاً، حتماً ستقابله زيادة في الضواحي، وبالنسبة ذاتها، لكن يبقى الفرق كبيراً بناء على المبلغ الأساسي.
وأكد الخبير اليوسف أنه لا توجد حلول ولا مقترحات لحل هذه المشكلة أو حتى ضبطها، فإن قررت الدولة – مثلاً – تثبيت أسعار الإيجارات عن طريق البلديات سيمتنع عدد كبير من أصحاب المنازل عن تأجير عقاراتهم، أو سيستمر ما يحدث حالياً من اتفاقات سرية بين المؤجر والمستأجر على مبلغ معين، وتسجيل مبلغ آخر في البلدية خلال توقيع العقد، وأشار اليوسف إلى أن عملية تأجير العقار هي عملية عرض وطلب وحرية في التعاقد بين شخصين، مشدداً على أن امتناع أصحاب العقارات عن التأجير هو مشكلة أكبر من مشكلة رفع أسعار الإيجارات، مضيفاً: إذا كان هناك حل مقترح فيجب أن يكون خطة على المدى البعيد، وذلك عبر تدخل الدولة وإنشاء عقارات خاصة بالتأجير وليس التملك، لكن ورغم هذا، سيسيطر – حسب اليوسف – على هذه العقارات المتنفذون وأبناؤهم، ويؤجرونها كما يحلو لهم، لذا لا يوجد حل لهذه المشكلة!.
تشرين