على الرغم من وصول جودة إنتاج زيت الزيتون السوري إلى مراحل وتصنيفات متقدّمة عربياً وعالمياً، حيث وصل بحسب التقرير الصادر عن مديرية الاقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة إلى المرتبة الخامسة عالمياً على مستوى الإنتاج والثالثة عربياً، إلا أن هذا المحصول مهدّد بالتراجع، ولاسيما في ظل غياب المؤشرات التخطيطية له، إلى جانب وجود صعوبات جمّة قد تؤثر على جودة وتصنيف هذا المحصول، لعلّ أبرزها صعوبة الوقوف على الأعداد الفعلية لأشجار الزيتون، وحجم الأضرار الناتجة عن الأزمة الحالية، وعدم توفر قواعد بيانات تتعلّق بالأعداد على مستوى الصنف والعمر، مع ضعف البيانات المتعلقة بالإنتاج وعدم دقة البيانات المتعلقة بمعاصر الزيتون، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، ولاسيما أجور العمالة وانخفاض الإنتاجية، وتدني نوعية الإنتاج بسبب انتشار بعض الآفات الرئيسية، مثل عين الطاووس وذبابة ثمار الزيتون.. وما إلى ذلك.
صعوبات
ويشير التقرير إلى وجود صعوبات أخرى تتمثّل في انخفاض إنتاجية الشجرة وتدني نوعية المنتج وعدم سلامته بسبب عدم تطبيق الممارسات الجيدة في الزراعة، إلى جانب عدم الاستفادة من التنوع الوراثي للأصناف المزروعة بما يتناسب مع البيئة، وضعف التطبيق العملي لنتائج الدراسات والأبحاث في مجال إنتاج الزيتون، والتواصل بين الجهات الإشرافية والمنتجين، ويترافق الضعف مع تردي كفاءة التسويق نتيجة عدم توفر أسواق مركزية وشركات متخصّصة بالتسويق، وضعف المعرفة بمتطلبات الأسواق الخارجية من حيث اشتراطات القبول والرفض ومتطلبات السلامة والمواصفات، وعدم وجود دراسات تسويقية محفزة، ناهيكم عن ضعف البنية التحتية للجودة في مجال الإنتاج، وعدم وجود متخصّص لتحليل زيت الزيتون لضبط المواصفات والجودة وضعف البنية التحتية لمنشآت التصنيع، ومعوقات قانونية تتعلق بترخيص المعاصر ومواصفات الخزانات واستخدام معدات وتجهيزات غير ملائمة.
مصفوفة
رئيسة قسم بحوث الزيتون في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتورة ريم عبد الحميد بيّنت أن رئاسة مجلس الوزراء وافقت خلال الشهر الفائت على مضمون المصفوفة التنفيذية لمحصول الزيتون التي أعدّتها الهيئة، إذ تهدف هذه المصفوفة إلى الارتقاء بهذا المحصول من خلال رفده بالأبحاث العلمية الزراعية الحديثة، وتقديم التقانات التكنولوجية له من خلال إحداث مراكز اختبارات وتحاليل خاصة بزيت الزيتون.
وبحسب عبد الحميد فإن المصفوفة تتضمن جملة إجراءات تتركز على القيام بتوفير قاعدة بيانات مركزية تساعد على وضع الخطط، وهذا يأتي من خلال مسح شامل لأشجار الزيتون بحيث يكون العدُّ فعلياً وليس تقديرياً، مع المسح الشامل والميداني لمعاصر الزيت ومنشآت المنتجات الثانوية، إضافة إلى استخدام تقانات الاستشعار عن بعد، مع وضع خارطة أصناف بيئية مناسبة لكل منطقة. كما شملت المصفوفة التركيز على زيادة الإنتاج وإنتاجية الشجرة من خلال متابعة تنفيذ خارطة الحزام البيئي وتحديد الأصناف الملائمة حسب المنطقة، على أن تتضمن هذه الخارطة الآفات وخرائط الأصناف الملائمة حسب المناطق، والنظم الزراعية والتوسّع ببرنامج الإدارة المتكاملة للأمراض وحشرات الزيتون، مع اعتماد المعادلة السمادية حسب نتائج تحليل التربة، كما أن زيادة إنتاجية الشجرة تحتاج إلى إجراء بحث عينة عشوائية لتقدير الإنتاج الفعلي وإعداد دراسة حول مؤشرات إنتاج الزيتون ومنتجاته حسب الصنف، وإعداد دراسات حول كفاءة الأعداء الحيوية مثل فعالية المتطفلات المتخصّصة بمكافحة ذبابة ثمار الزيتون وتربيتها وإكثارها في حال الجدوى الاقتصادية لها، منوهة بأن تحسين نوعية المنتج وزيادة التنافسية في الأسواق الخارجية يحتاج إلى مراقبة نوعية وجودة المنتج، وهذا بحاجة إلى إنشاء مخبرين: الأول خدمي لتحليل زيت الزيتون مركزه في مكتب الزيتون، والآخر مخبر أبحاث وتحليل الزيتون مركزه الهيئة، إلى جانب التوسع في أعداد المعاصر الحديثة من خلال منح تسهيلات الترخيص ومرونة الإجراءات، مع ضرورة إعداد أطلس لأصناف الزيتون السوري.
نسب نمو
يُشار إلى أن المساحة المزروعة بالزيتون شكّلت في العام 2006 نحو 62.82% من المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة على مستوى القطر، أي ما يقارب 565 ألف هكتار، وازدادت هذه المساحة لتصل في العام 2016 إلى نحو 66.11% من إجمالي مساحة الأشجار المثمرة بمساحة 692 ألف هكتار بمعدل نمو سنوي يصل إلى 2%، في حين وصلت المساحة المزروعة منه في العام 2018 إلى 693 ألف هكتار، مع الإشارة إلى وجود اختلاف في معدلات النمو السنوية لمساحة الزيتون بين المحافظات وذلك حسب الفترات المدروسة، فقد كانت موجبة لكافة المحافظات خلال الفترة الممتدة من 2006 إلى 2018 في الرقة 6% تليها حماة 4% وحمص 3%، ولكن خلال سنوات الحرب تراجعت معدلات النمو السنوية لمساحة الزيتون.
يُذكر أن محافظة حلب سجّلت أكبر مساحة مزروعة بالزيتون 190 ألف هكتار أي 27% من إجمالي مساحة الزيتون في القطر، وذلك حسب إحصائيات وزارة الزراعة لعام 2018.
البعث