آمال ومطالب كبيرة وتعويل أكبر على الحكومة الجديدة التي وضعت على طاولتها خططاً جديدة تشرح داء ودواء الشارع السوري ومطلبه في مرحلة تعتبر الأصعب اقتصادياً والأكثر خلخلة إدارياً، إذ لم تستطع الحكومات المتعاقبة كسب رهان معالجة أزمة جملة من الأمور الإدارية السلبية التي تعيشها المؤسسات القائمة حالياً، والتي يجب على الحكومة الجديدة في مرحلة ما بعد الأزمة أخذها بعين الاعتبار والانطلاق منها كخطوة أولى للإصلاح والتغيير الجذري.
مكانك راوح
الإدارة هي الأساس في أي مجتمع ومشكلتنا في سورية أولاً وأخيراً هي مشكلة إدارة، لذا يجب أن نفتش عن الإدارة برأي عبد الرحمن تيشوري الخبير الاستشاري الإداري، فقد قال ذلك السيد الرئيس أكثر من مرة وشخّص الحالة الراهنة بأن أغلب المديرين اليوم يخصّصون 80% من وقتهم للأعمال الروتينية الإجرائية في مؤسساتهم وشركاتهم ووزاراتهم، وأن 20% فقط من الأوقات تخصّص لأنشطة التخطيط والتطوير والتفكير، وأنه علينا أن نعكس هذه النسبة بأقصر فترة ممكنة، لكن حتى الآن لم ننجز المطلوب، فالأخطاء التي تقع فيها الحكومات المتعاقبة في مجال الإدارة هي ذاتها، إذ لم تُدعم وزارة التنمية الإدارية ولم نحُلّ مشكلة المعهد الوطني للإدارة، ولم نتحوّل إلى الحكومة الالكترونية، ولم نقدّم خدمة إلكترونية واحدة، كذلك لم نحقق مبدأ الإدارة الاقتصادية الرشيدة، ناهيك عن عدم تغيير بنية القوى العاملة السورية التي تعتبر مرعبة (75% منخفضو التأهيل ثانويات وما دون ولدينا عشرات الآلاف من المؤهّلين عاطلين عن العمل).
المطلوب إذاً!
ويؤكد تيشوري حاجتنا اليوم إلى وقفة جديدة عند الحكومة الجديدة ومجلس الشعب الجديد، كما أننا بحاجة إلى قراءة جديدة مع ترتيب للأولويات ثم وضع أولويات في الأولويات والبدء من جديد واتباع المحاسبة مع الجميع بدءاً من محاسبة الحكومة وكل المعنيين وعدم تركهم يسيّرون أعمالاً فقط دون تحقيق الأهداف وخاصة فيما يتعلق بتطوير النظام الضريبي النافذ، وتطوير وتحديث أنظمة المناطق الحرة، كذلك لا بد من تطوير التعليم على قاعدة الانتقال إلى التعلم الذاتي من خلال اللغات والمعلوماتية وتطوير نظم الامتحانات، إضافة إلى ضبط تكاليف الإنتاج والإنتاج بالكلفة العربية والعالمية، وإقرار التقاعد المبكر مع زيادة الرواتب وربط الدخول بالسياسات السعرية.
رؤى إدارية
وفي إطار إعادة النظر في بنية إدارات الدولة والكفاءات الفنية فيها، يرى تيشوري ضرورة أن يكون المحافظون من أهل العلم والاختصاص لا من الذين انتهت صلاحيتهم، وأن يكون لكل وزير أو محافظ معاونان من اختصاصين قريبين ومرتبطين به، وفي الوقت ذاته يجب أن يكون لكل وزير أو محافظ مستشار مختص بالإدارة ومستشار حقوقي ومستشار مختص بعلم الاجتماع مهمّتهم تقديم الاستشارة والتوجيه لتصويب القرارات، مع ضرورة أن يكون مشروع الحكومة الجديدة إحياء القطاع العام والمشترك لأنهما قاطرتا البلد، مع التوجيه والضبط للقطاع الخاص، وفي مجال مكافحة الفساد لا بدّ من قيام أهل الاختصاصات في الجامعات بتقييم سنوي لعمل الحكومة وفق اختصاصاتهم باستمارات إلكترونية مؤتمتة لتصويب العمل، مع امتلاك المواطنين حقهم في تقييم رضاهم عن أعمال الحكومة من خلال استمارات إلكترونية مؤتمتة تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحسب نتائجها مباشرة لتحديد نقاط الضعف والقوة ومعالجتها (بحيث يتم إدخال الرقم الوطني للمصوّتين) لمنع الغش والتلاعب والتدخلات الخارجية، مع ضرورة الاهتمام والتبنّي للخبراء والمخترعين لأنهم كنز يجب ألا نفرّط به.
البعث