اعتبرت وزيرة الاقتصاد السابقة الدكتورة لمياء عاصي أن عملية رفع الحكومة لأسعار الكهرباء والغاز كانت بدافع اكيد لتخفيض فاتورة الدعم، حيث وصلت اجمالي مبالغ الدعم الى نسبة نحو 40% من الموازنة العامة للدولة، تشتمل على المشتقات البترولية، والدقيق التمويني والأرز والسكر، مع صندوق المعونة الاجتماعية، وصندوق الجفاف.
ورأت عاصي في حديث مع “المشهد” ان القرارات الحكومية التي أقرت ارتفاع بأسعار حوامل الطاقة, تُدخل البلاد في موجة تضخم جديدة، تشمل كل شيء, مشيرةً إلى أن هذا الرفع للأسعار سوف يؤدي بالتأكيد الى انهيار جديد في القدرة الشرائية لغالبية الناس، وأحد أهم عوائق الإنتاج والنهوض الاقتصادي، ولن يؤدي الى معالجة جذرية لموضوع العجز المالي، ذلك لأن مع انخفاض القدرة الشرائية، وانكماش الناتج المحلي ستأكل فروقات فاتورة الدعم، وأضافت: “اقتصادياً يجب أن تكون معالجة العجز المالي، من خلال خلق مزيد من فرص العمل وزيادة الإنفاق العام الاستثماري في الاقتصاد الوطني.
ويترقب الشارع السوري وتحديداً العاملين في القطاع العام، زيادة على الرواتب والأجور، التي عادة ما تتم عقب كل ارتفاع في أسعار حوامل الطاقة، ورأت “عاصي” في هذا السياق أن المشكلة اليوم هي أن معدلات التضخم ارتفعت الى حدود كبيرة، لم يعد ينفع معها زيادة الراتب بنسب معينة، إلا إذا كانت زيادة تفوق معدلات التضخم، مشيرةً إلى أن معدلات التضخم والفقر والبطالة، تفاقمت وتراكمت منذ سنوات بمعدلات كبيرة وباستمرار، دون إجراءات حقيقية لوقف هذا الانحدار الاقتصادي، وكل الجهود المبذولة للتحكم في سعر سلعة لم تساهم في تغيير واقع أن المشكلة تكمن بالقدرة الشرائية للناس ولدخولهم الضئيلة، واصفةً تلك الجهود بأنها نوع من الإجراءات الخلبية، والنتيجة برأيها هي مراوحة بالمكان أو تراجع، والتبريرات التي تساق لرفع الأسعار هي غير مقنعة، ولن تسهم في تخفيض كلف الإنتاج ولا محاربة السوق السوداء, فالإرتفاعات المتكررة في الأسعار من شأنها أن تدخل البلاد في حلقة مفرغة من الفقر الذي يؤدي الى فقر أشد.
وانتقدت الدكتورة لمياء عاصي إلى ما اعتبرته تخبطاً في السياسات الحكومية، وعدم التكامل في القرارات الصادرة عن وزاراتها المختلفة، ورأت بأنه ناجم عن عدم وجود رؤية استراتيجية شاملة، لكيفية النهوض الاقتصادي ومعالجة المشاكل الاقتصادية بحزمة قرارات متكاملة ومتناسقة، تخدم هذه الرؤية وتنفذها، إضافة إلى أن زعزعة الثقة بالاقتصاد الوطني وضعف مصداقية الحكومة يعتبر عاملاً خطيراً، ويؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد المتعب أصلاً، وهذا يؤكده نفي الوزير لرفع سعر مادة وصدور القرار برفع سعر تلك المادة في مساء نفس اليوم.
وصدرت مؤخراً عدة قرارات قضت برفع أسعار جميع المواد المدعومة كالكهرباء والغاز وقبلها المازوت والبنزين، وبررت الحكومة ذلك بأنه إجراء ضروري لتفادي الوقوع بالعجز، وتقليصاً لحجم الخسائر في قطاع الطاقة وحواملها.