عاد موسم الحمضيات وعادت معه هموم آلاف المزارعين المنتشرين على طول خط الساحل السوري، الذين ينتظرون أن تستجر السورية للتجارة محصولهم بالسعر التأشيري الذي حددته، رغم شيوع حالة من عدم الرضا إزاء الأسعار التي رآها الكثير غير منّصفة بالمقارنة مع ارتفاع مستلزمات الإنتاج، وتعب آلاف الأسر التي تعيش على “جني الموسم“، فمن المعلوم للجميع أن كلفة إنتاج الكيلو من الحمضيات تقدّر بين 700-800 ليرة فيما كانت التسعيرة من السورية للتجارة بين 350- 750 ليرة.
رغم عدم رضا معظم المزارعين عن الأسعار المحددة “تموينياً”، إلا أنهم يرون أن الرمد أفضل من العمى، خاصة في ظل معاناتهم المتكررة في كل عام مع التسويق وخضوعهم لجشع تجّار سوق الهال الذين يشترون الحمضيات بأرخص الأسعار، لكن حتى رمد الاستجرار تساوره شكوك المزارعين بالوصول إليهم بعد أن علموا أن السورية للتجارة لن تسوّق أكثر من 20% من الإنتاج.
لعل هذه الشكوك دفعت عدد من المزارعين للتوجّه أمس ببعض صناديق الحمضيات إلى سوق الهال في اللاذقية، حيث قالت مصادر لـ”أثر” إن البازار وصل إلى سعر 100 ل.س لكيلو البرتقال، عازية السبب وراء بيع الحمضيات بـ”تراب المصاري” إلى خوف المزارع من عدم استجرار محصوله ووقوعه في الخسارة.
في اللاذقية، استبشر مزارعو الحمضيات بالإجراءات التي تتخذها مؤسسات التدخل الإيجابي لتسويق محصولهم من الحمضيات بما يخفف عنهم الكثير من الأعباء الجسدية والمادية، فقرار مؤسسة السورية للتجارة باستجرار الحمضيات من المزارعين في اللاذقية مباشرة ومن دون وسيط لم يكن بالأمر الجديد على حد وصف بعض المزارعين والذين وصفوه بالقرار الممتاز ولكن غير المكتمل.
المزارع أحمد عبد الله: “شراء مؤسسة السورية للتجارة لمحصول البرتقال هو قرار جيد بالعموم ولكن يجب أن تكون نسبة الكميات المسوقة أكبر، فكل عام لا تشتري المؤسسة سوى كميات قليلة وتترك الشقى على من بقى”.
بدوره أوضح المزارع سهيل إبراهيم أن كيلو البرتقال في محلات بيع الخضار والفواكه يتجاوز سعره ثلاثة أضعاف سعره عند تسويقه، وبالتالي سعر الشراء الذي أقرّته مؤسسة التجارة هو قليل مقارنة مع الأسعار في السوق.
وطالب إبراهيم بأن يتم إنصاف المزارعين وذلك بشراء محصولهم بأسعار مقبولة ومنصفة وخاصة بعد ارتفاع مستلزمات الزراعة.
فيما بيّن حكمت صقر رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية أن استجرار السورية للتجارة محصول الحمضيات من المزارعين هو أمر صائب ومنصف أيضاً بالنسبة للمزارعين وخاصة أن المؤسسة ستوفّر العبوات البلاستيكية للمزارعين وتنقل المادة من أراضي الفلاحين إلى صالات المؤسسة في اللاذقية وباقي المحافظات، وبذلك لا يتحمّل المزارع عبء أجور النقل وشراء العبوات البلاستيكية بالإضافة إلى أجور السمسرة في سوق الهال، مشيراً إلى أنه تم تحديد سعر الكيلو للحمضيات 480 ليرة، وهو يمثّل الحد الأدنى لسعر كل كيلو ويتحسّن السعر مع تحسّن الأسواق، باستثناء نوع الكريفون بـ 380 للكيلو الواحد.
وأضاف صقر: “يعمل في إنتاج موسم الحمضيات 44 ألف أسرة ويقدر الإنتاج هذا العام بـ 600 ألف طن ستقوم المؤسسة باستجرار نسبة 20% من إجمالي المحصول”، داعياً إلى فتح أسواق جديدة لتصريف المنتج.
إلى طرطوس، لا يختلف واقع حال المزارع في شعوره بعدم الرضا عن السعر الذي حددته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لشراء كيلو الحمضيات بمختلف أنواعها.
عدم الرضا الذي ينتاب المزارع مرده إلى الفرق بين تكاليف الإنتاج وبين التسعيرة الرسمية، التي يراها الفلاح غير منصفة لتعبه طيلة العام، إذ يقول المزارع أبو إبراهيم : “تم تحديد سعر شراء كيلو البرتقال بـ480 ليرة، وهذه التسعيرة غير منصفة، فتكاليف الإنتاج ابتداء من أجور الحراثة التي تضاعفت، والسماد وغيره من مستلزمات إنتاج باتت تكبّد المزارع أعباء مالية كبيرة. ناهيك عن الجهد الذي يبذله طيلة العام للوصول إلى الموسم”.
بدوره، يقول المزارع عبد الله: “صحيح أن استجرار السورية للتجارة للمحصول من الأرض يوفّر علينا أجور النقل وثمن العبوات البلاستيكية، إلا أن المؤسسة لا تعطينا أسعار تتناسب مع غلاء تكاليف الإنتاج، وتتناسب مع حركة السوق”.
المزارع أبو نادر يفضّل أن ينقل ما يجنيه من حمضيات إلى سوق الهال حيث يبيع بسعر أعلى مما تدفعه السورية للتجارة، خاصة للصنف الأول والثاني.
إزاء طرح الحمضيات في صالات السورية للتجارة، انقسم المواطنون بين مرحّبين بالفكرة باعتبار أن السعر سيكون أرخص من السوق، وبين معترضين باعتبار أن الصالات ستعرض الصنف الثاني والثالث، فيما ستخزّن الصنف الأول، ناهيك أن دوام صالات السورية للتجارة يلزم المواطن بالشراء قبل الظهر، ساعة إغلاق الصالات، واقع الحال الذي يجعل عدداً كبيراً من الموظفين يلجؤون للشراء من المحلات التي تبيع كيلو البرتقال بأكثر من ألف ليرة.
اثر برس