على اعتبار أن خروج الصرافات الآلية عن العمل بات مسألة تقليدية تعود للواجهة في كل شهر، موظفون يهرولون في شوارع دمشق بحثاً عن صراف آلي قيد الخدمة، فيرتفع معدل (فشات الخلق) على صفحات التواصل الاجتماعي، ويردفها جهد صحفي يعيد نفس الانتقادات مع تغيير بعض العبارات. هنا يطرح السؤال المشروع: لماذا لا تحل مشكلة الصرافات؟
إجابات تحمل وجهات نظر مختلفة، ففي تواصل للصحيفة مع المتابعين للعمل المصرفي أكدوا أنه ليس هناك رغبة جدية لدى الحكومة بحل هذا الملف وكل ما يتم اتخاذه في الموضوع من باب الترقيع وترحيل الأزمات ريثما يتحقق حلم الدفع الإلكتروني مع أن الكثير من مشكلات عمل الصرافات يمكن التعامل معها أو التخفيف منها
ولمعرفة هذه المشكلات اتصلت «الوطن» مع مدير في القطاع المصرفي أمضى سنوات طويلة من حياته الوظيفية في العمل في قطاع الصرافات واستطاع أن يلخص لنا أهم المشكلات التي تسهم في تراجع خدمة الصرافات: أولاها انخفاض عدد الصرافات مقارنة بالخدمة المطلوبة، فحالياً لا يتجاوز عدد الصرافات العاملة في كل من التجاري السوري والعقاري 500 صراف بشكل فعلي، على حين أننا بحاجة لحدود 5 آلاف صراف لتحسين هذه الخدمة، وتتمحور المشكلة الثانية بحجم التضخم والحاجة لسحب نحو 100 ورقة نقدية من فئة الألفين ليرة، في حين عالمياً لو أردت سحب مبلغ ألف دولار تحتاج لسحب 10 ورقات فقط من فئة المئة دولار إضافة إلى أن معظم البلدان ودعت تقريباً التعامل بالكاش الذي تراجع معدل التعامل به في بعض الدول لحدود 2 بالمئة في حين ما يزال التعامل الأساس عندنا، ومعظم الموطنين لمعاشاتهم لدى الصرافات الآلية يقومون بسحب كامل رصيدهم كاش.
وفي المشكلة الثالثة يظهر عامل التقنين في الكهرباء وهو ما يتسبب في خروج الكثير من الصرافات عن العمل وهو الأمر الذي دفع بعض المصارف لإعادة توزيع صرافاتها وتجميعها في مناطق محددة مثال المصرف العقاري ركب 33 صرافاً في صالة المصرف بمقر الإدارة في ساحة المحافظة.
كذلك مشكلة عدم توافر مركبات لنقل الأموال التي يتم الاستعاضة عنها بنقل الأموال بطرق غير آمنة عبر سيارات عمومي أو سيارات بعض المديرين وأحياناً نقل الأموال لتغذية بعض الصرافات بواسطة الدراجات النارية. إضافة إلى مشكلة التأمين على الأموال في الصرافات وتأمين نقل الأموال، وفي المشكلة السادسة تظهر مسألة النقص في عدد الكوادر البشرية العاملة في تغذية وصيانة الصرافات وتشغيلها.
وعن الحل من وجهة نظره، بين أنه لا بد من ربط عمل كل الصرافات المتاحة لدى المصارف (العامة والخاصة) مع بعضها عبر محولة وطنية للربط بما يسمح لحامل البطاقة باستخدام أي صراف آلي قريب منه أو متاح له استخدامه ولابد من إيجاد طريقة لإقناع وربما إلزام القطاع الخاص بأن يكون شريكاً في هذا الموضوع، كما لابد من تأمين عدد كاف من الصرافات الآلية الجديدة وضمان تغذيتها بالتيار الكهربائي وفي حال تعذر ذلك علينا اللجوء للطاقات المتجددة لتشغيل الصرافات وخاصة في مناطق حيوية ومكتظة، وتدريب جزء من العاملين في القطاع المصرفي على التعامل مع الصرافات وكيفية تشغيلها وتغذيتها وعدم الاكتفاء بالعدد الحالي المتواضع جداً وغير القادر على متابعة عمل الصرافات، كما لا بد من تعزيز ثقافة الدفع الإلكتروني والإسراع في آليات تنفيذ هذا المشروع وتوفير البنية التقنية اللازمة له.
وفي المحصلة يبدو أن العديد من المشكلات التي تم ذكرها يمكن حلها ولابد من ترك سياسة الهروب من حل المشكلة وترحيلها، لأن مشكلة الصرافات لم تعد مقبولة، ويرى كثير من المواطنين أنه في حال عجزت الحكومة عن التعامل مع هذه المشكلة، فالأجدى هو العودة لمعتمدي الرواتب والمحاسبين و(بلا ما نعلي باب الدار).