لا نعرف من هو المحدود، الدخل أم القرض ومطارح توظيفه؟ اثنان يختلفان بالهدف ويتفقان بالنتيجة بأن كل منهما لا يتناسب مع الثاني لا الدخل كبير يغطي قيمة القرض ولا الأخير يكفي لسد حاجة المقترض، معادلة صعبة الحلّ في ظل انخفاض الدخل وقيمة الليرة وتراجع القوة الشرائية حتى تلاشت سبل هذا القرض، وبالتالي ما جدوى هذه القروض طالما حجم الاستفادة منها قليل إلا في قضايا استهلاكية حيث من الصعب أن نسترجع رأس المال (القرض وفوائده) نظراً لتوظيف القرض بأمور استهلاكية لا تعيد تدوير رأس المال؟.
معاون مدير عام مصرف التوفير وائل محمد قال: الإقبال على قروض الدخل المحدود بالمصرف موجود ومستمر، وفيما يتعلق بمبلغ القرض فهو مرتبط بنسبة 30% من دخل المقترض التي يتم على أساسها حساب مبلغ القرض الذي يحصل عليه المقترض.
بدوره معاون مدير عام مصرف التسليف عدنان حسن أكد أن هذه القروض تلبي جزءاً من متطلبات المعيشة كونها تمنح لغاية شخصية أي لا يسأل العميل عن الآلية أو الجهة التي سيتم استخدام هذا القرض بها، كما أن هذا القرض ينسجم مع مستويات الدخل الحالية وإمكانية العامل على السداد وفقا للقوانين والأنظمة النافذة وقدرته على تأمين الكفالات المطلوبة كونها تمنح بكفالات شخصية ومؤخرا بكفالة المؤسسة العامة السورية للتأمين.
وأوضح حسن أن القرض يمنح لمدة سبع سنوات وبالتالي سيكون مبلغ القسط الشهري لقرض 5 ملايين ليرة بحدود 110000 ليرة، وان القرض يمنح بنسبة 40% من الأجر الشهري المقطوع مضافا إليه 100% من التعويضات الثابتة وبالتالي فإن مبلغ القسط الشهري يكون حسب مبلغ القرض الممنوح ولمدة لا تتجاوز سبعة سنوات.
وحول ما إذا كانت القروض بهذه الآلية «كمن لا يريد الإقراض» أشار إلى أن هذا الكلام غير دقيق لأن كل عامل يمكنه الحصول على هذا القرض حسب أجره وضمن النسبة والمدة المحددة، مؤكدا وجود إقبال شديد للحصول على هذه القروض وهناك أعداد كبيرة تتقدم للاستفادة منه خاصة بعد التسهيلات الأخيرة التي قام بها المصرف من ناحية تأمين الكفالة المطلوبة عن طريق الاتفاق الذي تم إبرامه مع المؤسسة العامة السورية للتأمين.
إلتزام مضاعف
من جهته الاقتصادي وعضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق قال إن المقترض عليه التزام مضاعف «إعادة المال وتسديد فائدة» وبالتالي يتوجب أن يكون المقترض واعياً و مدركاً لهذا الأمر.
وأوضح أن القرض يختلف حسب الاحتياجات، حيث يمكن أن يصنف على أنه نفقة، كالعمل الجراحي أو إكساء عقار وكل حالة لها خصوصيتها، بيد أن الأولى تم انفاقها ولن يتم استرجاعها أو استثمارها (بالطبع عدا عن الفائدة الصحية) أما الثانية فستصبح ذو قيمة في العقار ويمكن الاستفادة منها عند بيعه، كما يمكن أن يكون القرض لإنشاء عمل تجاري أو صناعي بسيط، وفي حال وجود دراسة له و قدرة على إدارة المشروع بشكل جيد، حينها يفترض إعادة القرض مع الفائدة المترتبة عليه بيسر وسهولة.
وختم الحلاق قوله انه بالمجمل القرض هو عبء يتوجب أن يُستثمر، لا أن يتم انفاقه على ما لا يمكن استعادته، بغض النظر عن حجم دخل المستفيد، أما في حالة انخفاض الدخل فحينها سيكون القرض ذو منفعة لفترة مؤقتة، وسيتحول إلى كابوس في مرحلة لاحقة.
فائدة كبيرة
وصال إبراهيم «موظفة» قالت: قررت التقدم للحصول على قرض ذوي الدخل المحدود ولكن عندما علمت حجم الفائدة الكبير وقيمة الاقتطاع الشهري أحجمت عن القرض مؤكدة أن القروض لا تتناسب مع حجم راتبنا خاصة في ظل فائدته الكبيرة والتي تصل بالملايين، حتى ولو كانت قيمة القرض خمسة ملايين، فنحن لا نستطيع الحصول على كامل القرض إذا كان الراتب قليل وبالتالي انخفاض قيمة الليرة مع حجم المبلغ القليل يحول دون أن تقيم أي مشروع ولو صغير، وبالتالي نكون رتبنا على أنفسنا ديناً وحجم فائدة كبيرين ما يجعلنا نحجم عن هذه القروض.
من جهته أوضح علي ابراهيم موظف بإحدى شركات القطاع العام أن هذه القروض يمكن أن يستفاد منها من لديه مشروع وينقصه سيوله لشراء مواد أولية مثلا لمشروعه رغم أن قيمتها لا تساوي الكثير، أما الموظف فلن يستفيد منها كونه بالأساس متعثرا ولا يتحمل راتبه أن يقتطع منه ٤٠% فكيف سيكمل الشهر، ومن أين سيصرف.. وهل سيصرف من قيمة القرض.. عندها سيكون أهدر القرض ولم يستثمره بشكل يعود عليه بالفائدة ويوفي قيمة القرض.
بعيداً عن الاستثمار
من جهته ياسر درويش موظف شركة حكومية أوضح أن هذه القروض ليست ذات فائدة لان المقترض سيعيد دفع القرض مع فائدته الكبيرة ولن يستطيع استثماره بأي مشروع نظرا لانخفاض قيمة الليرة، كون المشروع يتطلب رأسمال كبير ما يعني أن المقترض سيصرف القرض على احتياجاته الأسرية من مأكل ولباس وأساس للبيت، وبالتالي لم يستثمره في مشروع يستطيع من خلاله إعادة القرض وتحقيق فائدة عائد مالي له وبالتالي تعتبر هذه القروض غير ذي فائدة للموظفين من ذوي الدخل المحدود. الأستاذ في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية أكد أن جميع أصحاب الدخل المحدود في سورية دونما استثناء يحتاجون ويستحقون هذا النوع من القروض لتغطية الفرق بين مستوى القدرة الشرائية لرواتبهم الشهرية الحالية وبين الحد الأدنى اللازم والضروري لتغطية احتياجاتهم الأساسية، ومن جهة أخرى لابد من التنويه إلى أن الغاية والهدف الأساسي من منح قروض الدخل المحدود هي (أو يجب أن تكون) المساعدة على تسديد التزامات مستحقة على المقترض مثل (الأقساط الجامعية) أو لتغطية مصاريف والتزامات مالية ضرورية (عملية جراحية أو احتياجات دوائية طارئة، أو ترميم منزل أو تغطية شراء أصول ثابتة معمرة كالأثاث والتجهيزات الكهربائية) وهنا يكون القرض مجديا ضروريا ومفيدا بالمطلق، حيث يؤخذ دفعة واحدة ليتم إيفاءه على أقساط.
اشباع آني
أما إذا كان الإقراض والاقتراض لغايات استهلاكية محضة، دون أن يكون هناك مصادر وموارد أخرى من غير الراتب لإيفائه (المكافآت الدورية والسنوية أو أرباح مستحقة على تملك أسهم أو ايجار عقار) فيعد الاقتراض وعلى الرغم من أنه يشكل طلبا فعالا اضافيا في سوق السلع الاستهلاكية إلا انه يعد بالوقت نفسه إرهاقاً مادياً شهرياً ومستقبلياً للمقترض صاحب الدخل المحدود، لاسيما في ظل انخفاض القوة الشرائية لهذا الدخل، وبالتالي يكون الحصول على هذا النوع من القروض الاستهلاكية المحضة من قبل ذوي الدخل المحدود هو لتحقيق إشباع آني أو طارئ، وهنا على المقترضين أنفسهم تحديد واقرار ما إذا كان الاقتراض مجديا أو مفيدا أو داعما ماليا مستداما على المدى المنظور والطويل، مع التنويه مرة أخرى إلى أن أصحاب الدخل المحدود يحتاجون بشدة ويستحقون حتما لمثل هذه القروض سواء أكانت لتغطية احتياجات ضرورية أم لحاجات استهلاكية، وعليه نقترح أن تكون فوائد هذا النوع من القروض منخفضة أو معدومة وأن يكون سدادها أو فترة استردادها من قبل المصارف طويلة بما فيه الكفاية لعدم تشكيلها عبئا على المقترض صاحب الدخل المحدود وفي حال كانت التشريعات النافذة لدى المصارف لا تسمح بذلك (ومن المؤكد أنها كذلك) فيجب استصدار تشريعات جديدة مناسبة تحقق هذه المقترحات.
الثورة