تحاول الحكومة بشكل دائم جذب الاستثمارات الخارجية والتشجيع على الاستثمار من خلال منح الكثير من التسهيلات، ولكن يبقى السؤال عن حجم هذه الاستثمارات الخارجية التي تمكنت الحكومة من جذبها، وهل هي مرضية؟ وما مقياس الرضا والنجاح بالنسبة للحكومة؟ والأهم من ذلك أين هذه الاستثمارات؟
مدير عام هيئة الاستثمار السورية مدين دياب، بيّن في تصريح لـ«الوطن» أن قانون الاستثمار رقم 18 استطاع جذب استثمارات نوعية، حيث وصل عدد الاستثمارات المستقطبة إلى 61 استثماراً، بقيمة 2000 مليار ليرة، نُفِّذَ منها 13 مشروعاً بمجالات مختلفة كالطاقة المتجددة والصناعات الغذائية والكيميائية والأدوية والنسيجية، لافتاً إلى أن عدداً قليلاً من هذه الاستثمارات أجنبية، وذلك بسبب العقوبات الخارجية على الشركات وخوف المستثمر الأجنبي على رأسماله، متابعاً: «نحقق الغاية من قانون الاستثمار الجديد عندما نصل إلى حجم استثمارات جيد منفّذ على الأرض، ولكن إلى اليوم لم نصل إلى حجم استثمارات مرض، ولم نصل إلى مستوى طموحنا، ولكن على الرغم من جميع الصعوبات والحرب الاقتصادية فإن العملية الاستثمارية لم تتوقف بالمطلق، ونشهد كل يوم إجازات استثمار جديدة».
وفي السياق، أكد أن التعديلات التي صدرت على قانون الاستثمار الجديد أضافت قطاعين مهمين وهما قطاعا التطوير والاستثمار العقاري والنقل، ويتم العمل حالياً على التعليمات التنفيذية للقانون والتي تتم مشاركتها مع وزارة الأشغال العامة والإسكان لإزالة جميع المسببات التي كانت تعوق تنفيذ مشاريع التطوير العقاري، لافتاً إلى أن نجاح القانون يرتبط بآلياته التنفيذية المناسبة والمرنة ومقدار ما يجذب من مشروعات تُنَفّذ على أرض الواقع.
ونفى دياب وجود أي تأخير بإصدار التعليمات التنفيذية للقانون بسبب الاختلاف الجذري على الآليات المنفّذة في السابق، لذلك يحتاج ذلك إلى مجموعة من الآليات تضاف إلى التعليمات التنفيذية، مثل تنظيم مهنة التطوير والاستثمار العقاري، وإصدار نظام خاص لمزاولة المهنة، ونظام آخر يحدد العلاقة بين المستثمر والمطور العقاري والجهة المسؤولة عن التنظيم العقاري، وهذا يتم العمل عليه حالياً لرسم مسار القانون بشكل مناسب.
من جهته، طرح أمين سر غرفة صناعة حلب رأفت شماع في تصريح لـ«الوطن» العديد من التساؤلات بعيداً عن الورقيات والقرارات لكون الاستثمار يجب أن يبنى على أرضية استثمارية مقبولة، ومن هذه التساؤلات: «هل تمتلك سورية اليوم بيئة استثمارية؟ ففي حال كانت تملك فإن أهم عامل استثماري بالنسبة للصناعيين هو الطاقة، فأين الطاقة؟ وقبل الحديث عن الاستثمار يجب النظر إلى المقياس التصديري المتمثل في التسويق الداخلي، فهل لدى سورية القوة الشرائية التي تتناسب مع الدخل ومع أنواع الاستثمارات التي سيجري تسويقها في الأسواق الداخلية؟ وهل هي قادرة على المنافسة مع الأسواق الخارجية من خلال الجودة والمواصفة والسعر وسرعة التسليم بشكل يتناسب مع العقود الموقعة ومع الواقع الداخلي في آن واحد؟».
ويرى شماع أن سورية بعيدة عن حجم الاستثمار الأمثل، وهي بطور الاستثمار المبدئي من خلال التعاون الذي يجري لتحسين البيئة الاستثمارية، فعندما يكون المستثمر الداخلي بخير فحتماً المستثمر الخارجي بخير أيضاً وليس هناك أي حاجة لدعوته للاستثمار وإنما سيقوم بذلك من تلقاء نفسه، متابعاً: «من خلال لقاءاتنا الخارجية نتطرق بشكل دائم لحث الصناعيين ليعودوا ويستثمروا في سورية، ولكن هل يوجد هناك انسيابية في تمويل المستوردات من ناحية تأمين المواد الأولية بشكل جيّد؟»، لافتاً إلى ضرورة تكاتف كافة الجهود لإيصال فكرة الاستثمار بشكل صحيح للمستثمر سواء كان داخلياً أم خارجياً من خلال تسهيل آليات تأمين المواد اللازمة للتصنيع، فمثلاً إلى اليوم لا يستطيع المستورد معرفة حجم الضريبة التي ستفرض عليه، فيجب اقتطاع الضريبة على المستورد قبل البدء بعملية الاستيراد، وذلك لمعرفة التكاليف بشكل واضح.
وطالب شماع بإعادة ترتيب الأوراق لجذب الاستثمارات من خلال بناء واقع صحيح وواضح، لافتاً إلى أن قانون الاستثمار جيد ولكن ماذا سيواجه المستثمر عند تطبيقه؟ لافتاً إلى ضرورة زيادة الملتقيات والاجتماعات والورشات لمخاطبة المستثمرين ومعرفة مطالبهم.