دراسة في جامعة دمشق تقر بابتكار مصرف سورية المركزي آليات تساهم في تجاوز الصعوبات الناشئة عن انخفاض موارد القطع الأجنبي

أكد باحث أكاديمي أنّ مصرف سورية المركزي تمكّن على الرغم من امتداد الأزمة وعمق أثرها على الاقتصاد الوطني من ابتكار آليات تساهم في تجاوز الصعوبات الناشئة عن انخفاض موارد القطع الأجنبي اللازم لاستمرار النشاط الاقتصادي والحفاظ على استقرار سعر الصرف قدر المستطاع عبر تدابير وإجراءات تسهم بتأمين مصدر مستمر للقطع الأجنبي لاستخدامه في أغراض تمويل العمليات التجارية وغير التجارية عن طريق عدة وسائل.

وتطرق الباحث الدكتور عبد الله قزّاز في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، خلال دراسته التي جاءت تحت عنوان: “إدارة احتياطيات ومراكز القطع الأجنبي فِي القطاع المصرفي ودورها في تمويل التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار في سورية”، إلى الوسائل التي اتبعها المصرف لتأمين مصدر مستمر للقطع الأجنبي ومنها: استخدام حصيلة الحوالات في تأمين مصدر دائم ومستمر من القطع الأجنبي اللازم، وإلزام جميع المصدرين بتنظيم تعهد بإعادة قطع التصدير للبضائع المراد تصديرها، والتدخّل المباشر في سوق القطع الأجنبي عبر بيع القطع الأجنبي في السوق المحلية، وكذلك طرح مزادات علنية لبيع القطع الأجنبي للمصارف وشركات الصرافة.

مبيناً أن هذه الوسائل تضمنت تنظيم سوق القطع الأجنبي من خلال وضع ضوابط عمليات البيع والشراء وتنفيذ الحوالات لدى المصارف وشركات الصرافة، وإعادة ضبط وتنظيم عمليات الاستيراد وتمويلها للمواد والسلع حسب أولويتها وضرورتها للاقتصاد الوطني، مع تشديد الرقابة والمتابعة على تدفق السلع بما يضمن توجيه القطع الأجنبي المباع نحو الاستيراد الذي يدعم العرض السلعي، وكذلك الرقابة المشددة على الأطراف المشاركة في السوق عبر إجراءات مصرف سورية المركزي التدخّلية والرقابية المستمرة والفعالة، إلى جانب دور هيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

وهدفت الدراسة إلى بيان دور الاحتياطيات الأجنبية لدى مصرف سورية المركزي ومراكز القطع الأجنبي لدى القطاع المصرفي في تمويل التنمية الاقتصادية وعمليات إعادة الإعمار في سورية، وتقديم تصورّات عملية لكيفية إعادة بناء الاحتياطيات الأجنبية وكذلك تقديم رؤى وأفكار قابلة للتطبيق لمرحلة إعادة الإعمار في سورية.

واعتمد الباحث في دراسته على مناقشة ودراسة الاحتياطيات الأجنبية ومكوناتها في المصارف المركزية، وأسباب تكوينها، وأساليب إدارة عوائد ومخاطر الأصول الأجنبية، وتراكمها، وتحديد الحجم الأمثل منها، وإستراتيجيات إدارة الأصول الأجنبية، وتضمنت الدراسة تجارب بعض الدول في مجال إدارة الاحتياطيات الأجنبية.

وناقش الباحث في بحثه عدداً من المؤشرات الاقتصادية الواردة في الدراسة، تمثلت بالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتراكم رأس المال الثابت، والإنفاق الاستثماري، وصافي رصيد ميزان المدفوعات، بعد التطرّق إلى مفاهيم التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي، ومن ثمّ تحليل واقع الاقتصاد السوري خلال الفترة المدروسة وتفسير التغيرات التي طرأت على بيانات الاقتصاد السوري.

واعتمد الباحث في الدراسة الإحصائية على برنامج (E-views10) للبيانات السنوية المدروسة خلال الفترة /2000-2018/ بالنسبة للاحتياطيات الأجنبية باستخدام نموذج مقدّر على أساس طريقة مربعات الانحدار الصغرى OLS، والبيانات السنوية خلال الفترة /2011-2018/ بالنسبة لمراكز القطع التشغيلي للمصارف الخاصة والإسلاميّة عن طريق تطبيق نموذج “PANEL-ARDL”.

وتوصل الباحث من خلال الدراسة الإحصائية التي تضمنها بحثه إلى وجود أثر “معنوي” إيجابي للاحتياطيات الأجنبية في كل من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتراكم رأس المال الثابت، والإنفاق الاستثماري، وصافي رصيد ميزان المدفوعات.

وبناءً على ذلك أشار الباحث إلى وجود أثر معنوي إيجابي على المدى طويل الأجل لمراكز القطع التشغيلي في كلٍّ من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتراكم رأس المال الثابت، والإنفاق الاستثماري، إلّا أنَّ الأثر كان معنوياً سلبياً لمراكز القطع التشغيلي في صافي رصيد ميزان المدفوعات.

وقد قدرّ الباحث تكلفة إعادة إعمار الوحدات السكنية المدمرة بـ /24.5/ مليار دولار أمريكي بالاعتماد على بيانات عن الوحدات السكنية المدمرة من البنك الدولي.

يذكر أنه في السنوات الأخيرة اتجهت الكثير من الأبحاث والدراسات العلمية بجامعة دمشق إلى معالجة قضايا تخص التنمية المستدامة في المؤسسات الاقتصادية والمالية في سورية.

تشرين

شارك