تعود أسباب ضعف عمل ونشاط وفعالية قطاع التأمين الصحي إلى أنه في حال كانت تقع أعباء وتكاليف التأمين الصحي على رب العمل، فالمبلغ الذي يرضى أن يدفعه عن العاملين لديه في كلا القطاعين العام والخاص يكون ضئيلاً وضعيفاً لأن هذا التأمين يعد جزءا من الأجور والرواتب المنخفضة أصلاً التي تدفعها جهات العمل، فمستوى الرواتب والأجور منخفض عموماً، لذلك تكون الخدمات الصحية المقدمة من شركات التأمين ضعيفة.
وعليه لا يمكن أن يدفع رب العمل قسط التأمين الشهري عن العامل بمبلغ ١٢٠ ألف ليرة إذا كان راتبه النقدي هو ١٥٠ ألف ليرة، وكذلك العامل أساساً لا يناسبه ولا يقبل أن يستلم بيده شهرياً أقل من مبلغ ١٥٠ ألف ليرة فكيف له ان يقبل بدفع قسط كبير باعتبار أن راتبه أصلاَ ضعيف؟ .
وحتى في حال توفر قوة دفع نقدية لدى الموظف أو العامل أو المهني الحر، فليس لديه الجرأة لدفع أقساط عالية مقابل خدمات صحية غير مؤكدة الحصول عليها، بسبب أن الوعي التأميني الصحي وثقافة التأمين ضعيفة لدى المجتمع عموماً سواء كان لدى رب العمل في العام والخاص، أو كان عاملا” بأجر أو مهنياً في عمل حر أو تاجراً أو طالباً أو ميسوراً .
وهذا المستوى من الوعي التأميني الصحي وغير الصحي يجعل سوق التأمين ضيقاً بالنسبة لشركات التأمين على وجه الخصوص، وضيق السوق هذا يجعل هذه الشركات (درءاً للخسارة) تبالغ في قسوة شروطها (وحجم أقساطها) على المؤمن له، الأمر الذي بدوره يقلل من مستوى القناعة بالتأمين عموماً.
ومن المهم في هذا الإطار التنويه إلى أن التشريعات النافذة المتعلقة بالتأمين بصورة مباشرة أو غير مباشرة لا تغطي كما يجب كافة الشروط الناظمة واللازمة لقطاع النشاط التأميني المؤسسي والفردي من ناحية العرض والطلب، ويكفي ربما أن نشير إلى أنه لا توجد تشريعات كافية ومكتملة لنشر ثقافة وسلوكيات التأمين لفرض الاشتراك بالتأمين (المناسب) على رب العمل وعلى كافة العاملين لديه، كما لا توجد في أحكام هذه التشريعات ما يشير إلى ضرورة اعتماد وتقديم شركات التأمين حزماً محددة مترابطة متكاملة من الخدمات التأمينية، كما أنه لا أحد من عارضي خدمات التأمين (من الشركات) يقبل أن يقدم بعض الخدمات التأمينية ذات الخصوصية الاحتمالية (التأمين ضد الكوارث المفتعلة أو الطبيعية).
ويجب ألا نهمل التنويه إلى وجود (المؤسسة العامة للتأمين) التي هي المعتمد والوسيط الحكومي بين شركات التأمين والجهات الأخرى ذات الصلة، ومنها الشرائح والجهات التي تتقدم بالطلب للحصول على الخدمات التأمينية، كما نشير إلى وجود (مؤسسة إعادة التأمين) الحكومية التي تقع وظيفياً فوق مستوى نشاط التأمين المباشر .. والتي (بالوقت ذاته) لا يعرف إلا القليل من الناس ما هي طبيعة نشاطها ولا يلمس إلا قلة من القليل منهم نتائج وآثار ومزايا وحدود عمل الأنشطة التي تمارسها هذه المؤسسة، وخاصة ماهية وطبيعة علاقتها وصلتها المؤسسية (وعلاقات وصلات شركات التأمين عموما) بشركات التأمين الخارجية الأجنبية.
ويجب بذل المزيد من الجهود العامة والخاصة والأهلية التي من شأنها زيادة الوعي التأميني، مع تذكير كافة الجهات ذات الصلة بالقدرة المالية على تسديد أقساط التأمين بأن مستوى الرواتب والأجور لا يتناسب مع مبدأ تشجيع الشرائح الأعرض من المواطنين للمشاركة بالأنشطة التأمينية.
مصادر هيئة الإشراف على التأمين قالت للثورة إن هناك صعوبات تواجه التأمين الصحي منها عدم وجود إلزام لكافة العاملين في الدولة بالتأمين الصحي إضافة إلى التضخم الهائل والمتسارع في أجور الخدمات والمستهلكات الطبية ناهيك عن سوء استخدام التأمين الصحي من قبل الأطراف ذات العلاقة، وتبذل جهود كبيرة جداً في هذا المجال.
مضيفة رغم وجود العديد من المعوقات في قطاع التأمين الصحي إلا أنه نجح ويلبي العديد من احتياجات المؤمن عليهم حاملي بطاقة التأمين الصحي، حيث بلغ إجمالي عدد المطالبات في التأمين الصحي ما يقارب ٤ملايين مطالبة خلال عام ٢٠٢٢.
ومايقارب ٢ مليون مطالبة خلال النصف الأول ٢٠٢٣، وبلغ إجمالي عدد وثائق التأمين الصحي خلال عام ٢٠٢٢ (٦٦٢٤) وثيقة وبلغت الأقساط ٣١ مليارا.. وعدد الوثائق خلال النضف الأول من عام ٢٠٢٣ بلغت٧١٤٦ وثيقة وإجمالي الأقساط ٢٨ مليارا، وهذا ما يؤكد بعدم إلغاء أي جهة لعقود التأمين الصحي.
الثورة