الأسواق تعيش “ورطة” الركود.. وتكلفة “المستورد” أقل من “الوطني”

يُجمع عدد من التّجار والصناعيين وخبراء الاقتصاد، أن الأسواق اليوم تعيش أسوأ الظروف وأحلكها، بما تواجهه من فلتان أسعار وتخبّط في البيع وازدياد نسب التضخم التي ما تزال تطرق دخل المواطن بشكل يومي، فلا مشكلة بتوفر المواد والسلع – حسب رأيهم – وإن انخفضت نسبها عن الأعوام الماضية بالقدر الكافي، لكن التخبط وفوضى الأسعار والتسعير، مردّها عدم وضوح الخطط الاقتصادية المرسومة، وارتفاع موارد الطاقة والمواد الأولية بشكل مستمر، وهذا يأتي ضمن اعتراف المصرف المركزي بالسعر الحقيقي لسعر الصرف مقابل الليرة السورية ورفعه لسعر الصرف بشكل دوري.

في ورطة..!
عضو غرفة تجارة دمشق ياسر اكريم اعتبر أن الأسواق وما يحدث فيها من ركود مرتبط ارتباطاً كبيراً بالخطط الاقتصادية، والقوانين والتشريعات الموضوعة، والسوق ستكون في ورطة من مواجهة التضخم والجمود والركود، إذا ما كان هناك خلل بهذه الأمور، وهذا ما يحدث اليوم أمام ضعف الطلب، وتدني القدرة الشرائية للمواطن التي تزداد يوماً بعد يوم، مشيراً إلى أن حركة الأسواق مبنية على تحسين الدخل المعيشي، تزامناً مع التضخم الحاصل الذي يزداد قوة واتساعاً.
وبيّن اكريم أن مشكلة ارتفاع الأسعار في الأسواق هي نتيجة فرض سياسات خاطئة بالسوق من إيجاد عراقيل إدارية كوجود المنصة التي هي أحد أسباب ارتفاع الأسعار الجمركي، مما ضغط على المصاريف المدفوعة والنفقات لدى الجميع، داعياً إلى ضرورة التعامل مع الأسواق بحذر من ناحية نقص المخازين في المواد الأساسية، حتى لا يكون ذلك مبرراً أمام الآخرين من ضعاف النفوس بزيادة السعر بسبب عدم وفرة المواد.

تساؤلات..؟
بدوره الخبير الاقتصادي جورج خزام أكد أن الأسواق تعيش حالة صعبة، بعد الانكماش وتراجع الطلب وضعف القوة الشرائية للمواطن التي وصلت إلى أشدّ أمورها، مبيناً أن هناك خللاً كبيراً بارتفاع الرسوم الجمركية والمالية المفروضة على المواد الأولية المستوردة، والتي تدخل في تصنيع المنتج الوطني، متسائلاً: ماذا يعني أن تكون تكلفة البضاعة المستوردة بعد دفع الرسوم أرخص من تكلفة إنتاج البضاعة الوطنية؟، يعني ضرب السلعة المحلية وخلق حالة من الجمود والركود في الأسواق، كما أن الخلل الأكبر يحدث اليوم، حسب قوله، بارتفاع تكاليف إنتاج المواد الأولية ذات المنشأ الوطني التي تدخل في تصنيع المنتج النهائي، مما خلق تراجعاً واضحاً لمستوى الجودة، وتضخماً بارتفاع الضرائب المالية المفروضة على المصانع والورشات.
وأضاف خزام أن عملية الاحتكار الحاصلة لاستيراد لبعض أصناف المواد الأولية المدعوم من بعض الأشخاص في مراكز اتخاذ القرار الاقتصادي، مثل احتكار العلف لبيعه بضعف السعر عن دول الجوار، قد سبّبت ارتفاعات كبيرة بالمصاريف المباشرة وغير المباشرة المدفوعة للوصول إلى المنتج النهائي.
وأوضح خزام أن هناك احتمالاً كبيراً لتضاعف سعر صرف الدولار مرتين أو ثلاث مرات عام 2024، إذا ما بقيت تلك القرارات الهدامة للاقتصاد الوطني، ولم يتمّ تغييرها بالسرعة القصوى كقرار تنصيب منصة تمويل المستوردات سيئة السمعة، وقرار تقييد حرية سحب ونقل الأموال، وهذان العاملان سبّبا كارثة للأسواق.

ويشير خزام إلى أنه ليس من المستبعد أن يصل سعر صرف الدولار إلى أسعار قياسية العام المقبل، إن لم يتمّ إحداث تغيير شامل بقرارات السياسة المالية والاقتصادية، مما جعل العامل أو الموظف يعيش في قدرة شرائية ضعيفة، بسبب التضخم النقدي الكبير، وتراجع قيمة الليرة السورية، الأمر الذي أدّى لازدياد نسبة البطالة وإغلاق المنشآت الصناعية وتصفية الكثير من المحلات التجارية.

شارك