في ظل التوجه الحكومي للتحول الرقمي والانتقال للدفع الإلكتروني لعدد من الخدمات التي تقدمها الوزارات، وبالتالي إلغاء التعامل بالورقيات، عمل الكثير من الوزارات والمؤسسات على الأمر من ناحية البنى التحتية والتجهيز للانتقال، واستغرق هذا التجهيز فترة ليست قليلة، وكانت بداية إعلان الانتقال الكامل من الشركة السورية للاتصالات التي أعلنت أنه مع بداية العام القادم سيكون تسديد فواتير خدماتها عبر أقنية الدفع الإلكتروني حصراً، لتعلن ذلك يوم أمس المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في محافظة دمشق، ولم يتبقَ سوى وزارة الكهرباء التي لم تنتقل بشكل كلي إلى منظومة الدفع الإلكتروني، على الرغم من أنها تعمل على الأمر منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
مدير المعلوماتية في مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء نبراس خضور، أكد في تصريح خاص لـ«الوطن» أن الوزارة كانت أولى الجهات الحكومية التي أطلقت خدمة الدفع الإلكتروني لتسديد فواتير الطاقة الكهربائية، وهي تعمل على ذلك منذ شهر نيسان من عام 2020، منوّهاً بالوصول إلى مراحل متقدمة في ذلك، وبأنه تم وضع خطة عمل حتى نهاية عام 2024 للانتقال بشكل كلي لتسديد الفواتير عبر نظام الدفع الإلكتروني، لافتاً إلى وجود 3 محافظات لا تزال خارجة عن منظومة الدفع الإلكتروني، وهي إدلب والرقة والحسكة بسبب الظروف السائدة في هذه المناطق، كما أن محافظة دير الزور تعاني ضعف الإقبال على الخدمة نتيجة سوء الظروف أيضاً، مشيراً إلى وجود 14 قناة دفع من مصارف عامة وخاصة، وأن الوزارة تهدف إلى زيادة عدد هذه القنوات.
وحول الخطة التي وضعتها الوزارة في هذا الإطار، أوضح خضور أنها تتضمن تحديث البنية التحتية للخدمات على صعيد المخدمات والكهرباء وشبكة الاتصالات، لضمان استمرارية العمل على مدار 24 ساعة، وردم الثغرات الناجمة عن العمل في بيئة غير مثالية وظروف غير تقليدية، مفصلاً ما يتم العمل عليه حالياً حيث تم إجراء بعض التعديلات البرمجية في الشهر الماضي، لتلافي ظهور أي إشكاليات بسبب انقطاع التيار الكهربائي أو الاتصالات، أو خروج المفوتر لفترة طويلة عن الخدمة، كما قامت بعض الشركات في المحافظات بشراء منظومات الطاقة البديلة، معتبراً أن الوزارة تسير إلى حالة الاستقرار في منظومة الدفع الإلكتروني.
وتابع: «أما عن المراحل التي يجري العمل عليها فنحن لم نصدق عليها بشكل نهائي، ولكن بالمجمل قمنا بخطوة مبدئية تمهيدية تتمثل بإلغاء طباعة فواتير الكهرباء في بعض كوات الجباية في محافظات طرطوس وحماة والسويداء واللاذقية ودرعا، وذلك ليتقبل المواطنون الانتقال إلى الدفع الإلكتروني، وخاصة أن الأغلبية يطالبون بالفاتورة الورقية، اعتقاداً منهم أنها إثبات ملكيتهم للعقار، وهذا الاعتقاد خاطئ»، مؤكداً أن إلغاء الطباعة يخفف التكاليف المالية المرصودة لشراء الأحبار والورقيات وصيانة الطابعات، ناهيك عن كلفة التغذية الكهربائية وغير ذلك، كاشفاً أنه مع بداية العام القادم سيتم إلغاء طباعة الفواتير بشكل نهائي في معظم الشركات، بحيث سيتم إشعار المواطن بنجاح عملية تسديد الفاتورة برسالة نصية، وهذا سيساعد لاحقاً على الانتقال إلى الدفع الإلكتروني.
وفي السياق، أشار خضور إلى أنه خلال العام القادم سيتم تحديث التطبيق الخاص بوزارة الكهرباء ليتسنى للمواطنين الاستعلام عن قيمة الفواتير المدفوعة وغير المدفوعة، واستعراض التأشيرة الحالية والسابقة والضرائب وغير ذلك، علماً أن التطبيق حالياً لا يشمل سوى 5 شركات، كما سيتمكن المواطن من استعراض فاتورته بما يماثل الفاتورة الورقية.
وبين أنه لم يتم تشميل سوى خدمة واحدة في عملية الدفع الإلكتروني، وهي تسديد الفاتورة، وهناك دراسة حالية للخدمات التي تقدمها شركات الكهرباء كافة، لرصد الخدمات التي يمكن إضافتها على أن يكون لها أثر مالي.
وحول الفائدة المحققة من الانتقال ولو جزئياً لمنظومة الدفع الإلكتروني، أكد خضور أنه حقق تسهيلاً في عملية جباية المال العام بالنسبة للقطاع الحكومي، كما أدى إلى تخفيف أعباء التنقل على المواطن لتسديد الفواتير في مراكز الجباية، مشيراً إلى أن هذا الانتقال يعني الاستغناء عن العامل البشري في كوات الجباية، حيث سيكون للموظفين أدوار مختلفة في الجهات الأخرى، وقد يكون لهم دور ضمن العملية ذاتها ولكنها مختلفة عن الدور السابق الذي كانوا يعملون به، لافتاً إلى أنه سيتم تدريب الكوادر على ما سيسند إليهم من مهام.
ولم ينفِ خضور وجود صعوبات تواجه الانتقال إلى عملية الدفع الإلكتروني، فأكبر مشكلة حالياً هي عدم امتلاك المواطنين كافة حسابات بنكية، لافتاً إلى أن الحلول التي قدمتها شركات الاتصالات بإنشاء حسابات «كاش» ساهمت إلى حد ما بدعم عملية الدفع الإلكتروني، علماً أن مصرف سورية المركزي وضع مؤخراً الكثير من التسهيلات لفتح حسابات مصرفية، مؤكداً تفاؤل الوزارة بالانتقال إلى الدفع الإلكتروني، معيداً سبب التفاؤل إلى تزايد عدد المشتركين الذين يدفعون فواتيرهم إلكترونياً، ففي كل دورة هناك زيادة تتراوح بين 20-30 ألف مشترك، واصفاً هذا الرقم بأنه خجول ولكنه مبشر في الوقت ذاته.
وفيما يخص حديث الشارع الذي يقول إن التعامل مع الدفع الإلكتروني سيكون صعباً على بعض فئات المجتمع وخاصة كبار السن، أكد مدير المعلوماتية أن وزارة الكهرباء لا تخترع الدولاب من جديد وإنما تحاول اللحاق بركب التقانة والمعلومات، معتبراً أن صعوبة الوصول تلك لن تعوق عملية الانتقال للدفع الإلكتروني بشكل كامل، فالجميع أصبح يستخدم الموبايلات، إضافة إلى أن الوزارة حتماً ستراعي كل الظروف الإنسانية، إضافة إلى أنها سترصد ردود أفعال المواطنين ورجع الصدى خلال العام القادم لمعرفة جميع المشاكل والثغرات.