المشكلة داخلية والحجة خارجية
أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور شفيق عربش حمل مسؤولية ذلك إلى السياسات الحكومية خلال الفترة الماضية خاصة في مجال رفع أسعار حوامل الطاقة التي أخذت مساراً متتالياً في الارتفاع على مدد زمنية متقاربة متتالية، ما دفع التجار إلى اتباع سياسة التحوط تجاه هذه الارتفاعات.
عربش أكد أن الأسعار في سورية باتت أغلى من دول الجوار، ما يعني عدم أحقية حجة أزمة البحر الأحمر إذ إن طرق التجارة إلى لبنان الطرق ذاتها إلى سورية، كما أن وضع الطريق التجاري إلى العراق أصعب لكن رغم ذلك الأسعار باتت فيه أرخص، واصفاً المشكلة بأنها دائماً داخلية لكن الحجة خارجية.
ظروف مختلفة
من جهته رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور حسن حزوري في تصريحه لـ«الوطن» أن سورية لن تتأثر بالانخفاض العالمي لأسعار الأغذية لأن ظروفها تختلف عن ظروف الدول الأخرى، فالاقتصاد السوري يفتقد المنافسة الحقيقية ويعاني الاحتكار، وخاصة للمواد الغذائية ذات صلاحية الاستخدام الطويلة، إضافة إلى وجود تكاليف إضافية تدفع عند الاستيراد، ولكن يفترض أن يترافق أي انخفاض عالمي للأسعار مع انخفاض على المستوى المحلي وإن كان بشكل طفيف، لكن ما يحدث هو العكس تماماً.
واعتبر حزوري أن مسؤولية ارتفاع أسعار المواد الأساسية تعود في جزء كبير منها إلى موضوع التمويل للمستوردات لأنها تحتاج إلى ملاءة مالية كبيرة، مؤكداً أنها تساهم بارتفاع الأسعار بنسب تتراوح بين 25-50 بالمئة مقارنة بأسعار الدول المجاورة، ذاكراً سبباً آخر يؤدي إلى ارتفاع الأسعار منها عادات وسلوكيات التجار، فمثلاً ترتفع أسعار السلع الغذائية في شهر رمضان بدلاً من أن تنخفض، بدليل ارتفاع الأسعار الكبير الذي شهدته أسعار الخضر والحشائش في أول أيام شهر رمضان.
صمام عدم الرجوع
وشبّه حزوري الأسعار في سورية بـ«صمّام عدم الرجوع» فهي ترتفع عند حدوث أي ارتفاع لسعر صرف الدولار أو للأسعار العالمية، ولكنها لا تنخفض عند حدوث العكس، فمثلاً انخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء من 15200 ليرة إلى 14 ألف ليرة، ولكن لم تتجاوب الأسواق مع ذلك.
وفي السياق، طالب حزوري بالسماح بالاستيراد لعدد أكبر من الأشخاص، وإلغاء القيود على التمويل التي تحصر الاستيراد بأصحاب الملاءة المالية الكبيرة، وتقديم تسهيلات أخرى في هذا المجال، وأن تكون الحكومة جهة رقابية لمنع الاحتكار وتطبيق قانون المنافسة ومنع الاحتكار ومنع الغش والتدليس كاستيراد مواد مضرة بالصحة وغير محققة لشروط الأمن والسلامة، متابعاً: «والغريب أنه يوجد بيئة تشريعية كاملة تمنع مثل هذه الحالات ولكن لا تطبق على أرض الواقع لتبقى حبراً على ورق».
انخفاض أسعار جملة الخضر
وحول أسعار الخضر والفواكه في بداية شهر رمضان، توقع عضو لجنة تجار ومصدري سوق الهال في دمشق محمد العقاد عن انخفاض أسعار الخضر والفواكه في أسواق الجملة خلال الأيام القادمة، وأكد إلى وجود فائض بالكميات نتيجة تحسن أحوال الطقس خلال الأيام الماضية، موضحاً أن المواطن لم يلحظ هذا الانخفاض بشكل واضح لأنه يشتري من تجار المفرق الذين يضيفون أجور النقل والأرباح على أسعار الجملة، متوقعاً أن تنخفض الأسعار خلال الأيام القادمة.
وأعطى العقاد لمحة عن الأسعار في سوق الهال اليوم، حيث تراوح سعر كيلو البطاطا بين 4-5 آلاف، والبندورة بـ6-7 آلاف ليرة، والخيار بـ5 آلاف ليرة، والكوسا بـ8 آلاف ليرة، والليمون بـ2500 ليرة، والباذنجان بـ12 ألف ليرة، على حين وصل سعر كيلو الزهرة إلى 5 آلاف ليرة، والبرتقال «الشموطي» بـ9 آلاف ليرة، والتفاح تراوح سعره بين 6-12 ألف ليرة.
وكان العقاد بيّن في تصريح لـ«الوطن» أنه مع دخول شهر رمضان المبارك وخلال هذه الفترة من كل عام يزداد استجرار الخضر من تجار المفرق بسبب لجوء نسبة من المواطنين لشراء كميات زائدة عن استهلاكهم المعتاد وذلك تحضيراً لشهر رمضان لذا فإن الأسعار ترتفع، مؤكداً أن ارتفاع أسعار الخضر مؤقت وسيستمر خلال الأيام الأولى من شهر رمضان بسبب زيادة الاستهلاك ومن ثم ستعود الأسعار للانخفاض.
السلع الغذائية الأكثر تداولاً عالمياً
وبالعودة إلى تقرير المنظمة الذي قال: إن مؤشرها للأسعار، الذي يقيس التغيرات في أسعار السلع الغذائية الأولية الأكثر تداولاً عالمياً، بلغ في المتوسط 117.3 نقطة في شباط، انخفاضاً من 118.2 نقطة في الشهر السابق، أي تراجع بنسبة 0.7 بالمئة عن مستوى كانون الثاني.
وقراءة شباط الحالية هي الأدنى منذ شباط 2021.
وذكر تقرير الفاو أن الأسعار الدولية لجميع أنواع الحبوب الرئيسية تراجعت على أساس شهري.
وسجّلت أسعار صادرات الذرة الانخفاض الأكبر في ظلّ التوقعات التي أثّرت في السوق بشأن وجود حصاد كبير في الأرجنتين والبرازيل.
وفيما يتعلق بالقمح، أتى التراجع في الأسعار الدولية نتيجة تدني الأسعار للتصدير بشكل رئيسي، بفعل تسارع وتيرة التصدير في الاتحاد الروسي، ما دفع الأسعار من مصادر أخرى إلى الانخفاض، وخاصة في الاتحاد الأوروبي.
وتماشياً مع انخفاض أسعار القمح والذرة في الأسواق، تراجعت أيضاً الأسعار العالمية للشعير والذرة الرفيعة.
وشهدت الأسعار الدولية للحوم الدواجن الارتفاع الأكبر، تبعتها لحوم الأبقار، مدفوعة بشكل رئيسي بارتفاع الطلب من البلدان المستوردة الأكبر.
وعُزي الارتفاع في أسعار لحوم الأبقار إلى إمدادات أقل من المتوقع من أستراليا، حيث أعاقت الأمطار الغزيرة نقل المواشي من المناطق المنتجة الرئيسية.
وشهدت الأسعار العالمية للزبدة الارتفاع الأكبر بفعل ارتفاع الطلب على الواردات من الشارين في آسيا، وتراجع الإنتاج الموسمي للحليب في دول منطقة أوسيانيا.
في هذه الأثناء، استمرت أسعار الحليب المجفف الكامل الدسم بالارتفاع، لكن بوتيرة بطيئة، ما يُعزى بشكل رئيسي إلى زيادة الطلب على الواردات وخاصة من الصين، وبقيت أسعار الحليب المجفف الخالي من الدسم مستقرة.
وعلى مستوى أسعار الزيوت، تراجعت 1.3 بالمئة و11 بالمئة في شباط على أساس شهري وسنوي على الترتيب، في ظل توقعات بوفرة الإمدادات من أميركا الجنوبية، كما انخفضت أسعار زيت بذور اللفت ودوار الشمس.
وارتفع مؤشر فاو للسكر للشهر الثاني على التوالي وسجل في شباط زيادة بنسبة 3.2 بالمئة على أساس شهري، بما يعكس استمرار المخاوف ذات الصلة بالإنتاج المرتقب في البرازيل.
حيث استمر القلق بشأن التوقعات للموسم القادم في البرازيل بعدما واصلت فترة الأمطار دون المتوسط دعم الأسعار العالمية للسكر، الأمر الذي فاقم الارتفاع الموسمي للأسعار.
وعلاوةً على ذلك، فإن التوقعات التي أشارت إلى احتمال تراجع الإنتاج في تايلاند والصين، وهما بلدان مصدّران رئيسيان، ساهمت في ارتفاع الأسعار.
وعلى صعيد التوقعات لعام 2024، رفعت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إنتاج القمح 1 بالمئة عن العام السابق ليصل إلى 797 مليون طن بفضل الطقس المواتي في أميركا الشمالية وروسيا، أكبر المصدرين، وأيضاً في الصين والهند وإيران وباكستان وتركيا.