سواء كان السبب “إجراءات” المصرف المركزي، أم زيادة العرض بعد ارتفاع نسبة الحوالات، فقد حقق سعر الصرف مؤخراً انخفاضاً طفيفاً في السوق الموازية بعد فترة من الاستقرار النسبي، ما أثار العديد من الأسئلة حول السبب الفعلي لهذا الانخفاض، ومدى استمراريته للفترة المقبلة، ففي وقت يصرح فيه المصرف المركزي أنه اتخذ إجراءات وخطوات عدة لتحسين قيمة الليرة، وهو مستمر فيها لتنعكس على أسعار السلع، يرد طرف آخر من الأساتذة والخبراء السبب إلى زيادة الحوالات في مثل هذا الوقت من العام، مع حلول شهر رمضان و اقتراب عيد الفطر، معتبرين أنها حالة مؤقتة، كما كل سنة، طالما لم تترافق بإجراءات فعلية على أرض الواقع.
الأستاذ في كلية الاقتصاد، الدكتور عابد فضلية، أرجع سبب انخفاض سعر الدولار بشكل أساسي إلى تضاعف حجم التحويلات الخارجية، بغرض مساعدة الأهل على تحمل أعباء العيد والتكاليف الرمضانية، كما يتجه المواطنون لتصريف قطع أجنبي من مكتنزاتهم الخاصة، لتغطية تكاليف شهر رمضان الاستثنائية، ومتطلبات العيد، فالإنفاق بهذا الشهر يكون به نوع من السخاء وليس كأشهر أخرى، الأمر الذي ينعكس بزيادة ملحوظة في المعروض من القطع مقابل ثبات أو انخفاض الطلب، وهي حالة يستغلها تجار القطع والمضاربون للشراء بأقل سعر.
وأضاف فضلية أن النشاط التجاري الخارجي بالدول الإسلامية والعربية وكذلك سورية، يتباطأ بشهر رمضان، لأن الأغلبية تكون استوردت احتياجات الشهر قبل بدئه، فيكون هناك نوع من الهدوء النسبي بالنشاط وانخفاض وتيرة الاستيراد، ومعظم تعاملاتنا التجارية مع دول عربية وإسلامية ينطبق عليها هذا التوصيف، لذلك ينخفض الطلب بهذه الفترة، مؤكداً أن هذه الحالة تتكرر سنوياً، وستتكرر بحال ثبات العوامل الأخرى سنوياً في رمضان وعيد الأضحى وأعياد الميلاد ورأس السنة.
ولم يخف فضلية أنها حالة مؤقتة، مرتبطة بمناسبة معينة، بزوالها يعود الوضع إلى ما كان عليه في السابق، وهو رأي تطابق مع عدد من أساتذة الاقتصاد الذين فضلوا بمعظمهم عدم التصريح بشكل مباشر، حيث اعتبر أستاذ في الكلية أن السوق لم يشهد إجراءات واضحة وتدخلا من المركزي، لذلك ينسب الانخفاض للحوالات وزيادة العرض، وسيعود الارتفاع بمجرد عودة الحوالات للنسبة المعتادة، موضحاً أن تقارب السعر مع النشرة الرسمية قادر على جذب الوارد من الحوالات عبر القنوات الرسمية، لكنه أمر يتطلب ثقة واستقرارا لفترة طويلة، فيما رأى أستاذ آخر أن القرارات الاقتصادية خفضت الطلب على القطع للاستيراد بشكل كبير، فالمستوردون “عاطلون عن العمل”، وهي ليست بالحالة الإيجابية، معتبراً أنها حالة مؤقتة يستغل فيها المضاربون توجه المواطنين للبيع أو تصريف ما يردهم من حوالات لتحقيق أكبر ما يمكن من مكاسب.