ترتفع أصوات صناعيي الألبسة اليوم من وصول تكاليف الإنتاج إلى أرقام قياسية مقارنة مع الأعوام السابقة، خاصة وأن حال حركة الأسواق شبه المعدومة باتت لا تطمئن في حركة البيع، واصفين الحالة بالركود المخيف التي لا سابق لها، ويأتي ارتفاع سعر الكهرباء ومادة الفيول مؤخراً ليدقّ المسمار الأخير في نعش الصناعة المحلية، إضافة إلى الرسوم الأخرى المالية والضريبية التي ستكون آثارها ومنعكساتها على المواطن بنهاية المطاف، حسب قولهم.
عدد من أصحاب محال بيع الملبوسات في دمشق، كالشعلان والصالحية والحميدية والمزة، أكدوا أن حركة الأسواق هذا العام كانت معدومة مقارنة بالعام الماضي، وأرجع هؤلاء ذلك إلى زيادة أسعار الألبسة التي ارتفعت بها تكاليف النقل والشحن والرسوم والضرائب وأجرة المحلات ورواتب الأيدي العاملة، وكذلك سعر الصرف الذي زاد عن العام السابق.
ولفت التّجار إلى أن محلات بيع الألبسة الرجالي كانت أكثر الأسواق جموداً مقارنة مع الألبسة النسائية والأطفال، وخاصة في ظلّ أعياد الفصح والفطر، لكن حسب قولهم فإن محتوى المنتجات اختلف عن الأعوام الماضية، بعد أن أصبحت صناعة خفيفة بسبب ارتفاع تكاليف الخيوط والقطن وأجرة ورشات الحياكة والقص والتطريز وما إلى ذلك من الخدمات المتبقية.
صناعيون أكدوا لـ “البعث” أن ارتفاع تكاليف الطاقة بات أهم التحديات بالنسبة لهم، وقد شكّل ذلك الارتفاع المتزايد عاماً بعد عام عبئاً كبيراً في حجم الفاتورة، وانعكس ذلك سلبياً على المواطن، وأشاروا إلى أنهم طالبوا وزارة الكهرباء خلال الاجتماع الأخير في غرفة صناعة دمشق بتخفيض أسعار الكهرباء وتأمينها بالشكل المناسب لمنشآتهم، خاصة وأن سعر الكيلو الواط الساعي المحلي مقارنة مع الدول المجاورة أصبح أكثر كلفة، وهذا ليس لصالح الصناعة المحلية نهائياً.
عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها مهند دعدوش تساءل: لماذا باتت صناعاتنا أغلى بين دول الجوار في تسعيرة الكهرباء، حيث إن تكاليف الإنتاج ارتفعت أضعافاً مضاعفة بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات خلال العام الحالي، كذلك الأمر بالنسبة لمادة الفيول التي ارتفعت مؤخراً، وباتت عبئاً إضافياً على حوامل الطاقة، هذا يأتي في وقت تعاني المنشآت الصناعية وخاصة النسيجية من نقص موارد الطاقة والكهرباء مع قلة توفر مادة المازوت والفيول لعمل المولدات.
أما الصناعي نوري سمحا فيؤكد أن الأسواق هذا الموسم اختلفت عن غيرها من المواسم السابقة، وذلك نتيجة ارتفاع المواد الأولية والخيوط اللازمة لصناعة الأقمشة، مشيراً إلى أنه ليس هناك أية إمكانية لمنافسة الدول المجاورة بتصدير الألبسة نتيجة التعقيدات المتعلقة بمنصة الاستيراد التي لم يتمّ الانتهاء منها بعد، وهو ما يؤدي بالنهاية إلى زيادة أسعار الألبسة، لأن هذه الأعباء تنعكس بالمحصلة على جميع الأسعار محلياً على عكس دول أخرى لا تتحمّل تكاليف وأية أعباء.
بدوره، دعا الصناعي محمد الأصفر إلى بقاء واستمرار الدعم الحكومي لحوامل الطاقة، وضرورة تسعير الكهرباء بالسعر العالمي كدول الجوار، أسوة بتسعير المشتقات النفطية في سبيل الحصول على منتجات أقل عبئاً وتكلفة، خاصة وأن المدخلات الإنتاجية ازدادت تضخماً أكثر من السابق وحركة البيع في الأسواق لا تطمئن، فدعم الصناعة بحوامل الطاقة ومنها الكهرباء يمكّن المنتج المحلي من العمل بالداخل والمنافسة بالخارج والحفاظ بالتالي على جودة تنافسية بضائعه مع المنتجات الأخرى.