… قاسم : ارتفاع قيمة الشركات السوقية بنسبة تزيد على معدل التضخم المسجل في عام 2023.. والسبب تحسّن أداء الشركات وربحيتها
كشف رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية الدكتور عبد الرزاق قاسم أن النتائج المالية للشركات المدرجة في سوق دمشق أظهرت ارتفاعاً في موجودات الشركات، كما أظهرت تحقيق معظم الشركات المساهمة العامة أرباحاً خلال الربع الأول من عام 2024، فيما لم تتمكن شركات التأمين من الإفصاح عن البيانات المالية ربع السنوية نظراً لعملها على تطبيق المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم (17) وهو معيار يتعلق بشركات التأمين يتم تطبيقه في سورية لأول مرة في عام 2024، ما يتطلب عكس أثر تطبيق هذا المعيار بشكل صحيح ودقيق على البيانات المالية لشركات التأمين، مضيفاً: أما بالنسبة لعام 2023 فقد حقق المؤشر الرئيسي لسوق دمشق للأوراق المالية ارتفاعاً بنسبة 99 بالمئة، فيما بلغت نسبة ارتفاع المؤشر القيادي 79 بالمئة، ونسبة ارتفاع القيم السوقية 107 بالمئة، كما ارتفعت قيمة التداول بنسبة 137 بالمئة عن عام 2022.
مؤشرات عربية
وعن أداء سوق دمشق مقارنة بالأسواق العربية قال: وفقاً لتقارير صندوق النقد العربي فإن أداء سوق دمشق للأوراق المالية كان جيداً جداً مقارنة مع مؤشرات الدول العربية الأخرى، ويدل على ذلك تحقيق المؤشر الرئيسي لسوق دمشق للأوراق المالية ارتفاعاً بنسبة 27 بالمئة خلال النصف الأول من عام 2024 وهي أعلى نسبة ارتفاع بين باقي المؤشرات العربية، إذ حقق مؤشر البورصة المصرية 12 بالمئة في حين حققت معظم مؤشرات الأسواق العربية تراجعاً خلال النصف الأول من العام، كما بلغت نسبة ارتفاع مؤشر الأسهم القيادي لسوق دمشق للأوراق المالية خلال ذات الفترة 49 بالمئة، وفي الوقت ذاته ارتفعت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في سوق دمشق بنسبة 32 بالمئة في حين انخفضت القيم السوقية لمعظم الشركات في البورصات الأخرى.
التضخم وسعر الصرف
وعن انعكاس التضخم الكبير الذي حدث خلال العام الماضي وأثر سعر الصرف في المؤشر العام لبورصة دمشق قال: بالعودة إلى المعلومات حول القيمة السوقية للشركات المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية خلال العام 2023 نلاحظ أن القيمة السوقية للشركات المدرجة وصلت إلى أكثر من 10,796 تريليونات ليرة سورية، أي هناك ارتفاع في القيمة السوقية بمعدل 106,92 بالمئة عن بداية العام وهذه النسبة تزيد على معدل التضخم المسجل في عام 2023، ما يعني أن الزيادة في القيمة السوقية حصلت نتيجة مجموعة عوامل وليس عامل التضخم فقط، مضيفاً: ومن أهم تلك العوامل تحسن أداء الشركات المدرجة كما يظهر من ربحية الشركات خلال العام 2023.
ومما يعزز هذا الاستنتاج أن القيمة السوقية للشركات المدرجة في السوق قد ارتفعت بمعدل 36,03 بالمئة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، على الرغم من أنه تم التحكم بنسب التضخم المرتفعة خلال الفترة نفسها ويظهر ذلك من خلال تدني أرباح إعادة تقويم القطع الأجنبي في القوائم المالية لتلك الشركات.
تسريب معلومات
وعن شفافية السوق مع المستثمرين وإمكانية تسريب معلومات من بعض الشركات قال قاسم: في كل الأسواق المالية، إن الكفاءة والشفافية هدف قائم تسعى الهيئة والسوق للوصول إليه بشكل مستمر ودون أن تحقق درجة الكفاءة المطلقة، ولا مجال هنا للخوض بأنواع الكفاءة وأشكالها في الأسواق المالية، أما بالنسبة لسوق دمشق للأوراق المالية، فإن السوق يتمتع بدرجة جيدة من الكفاءة، حيث يتم توفير المعلومات لجمهور المتعاملين بشكل مباشر عن طريق نشر هذه المعلومات من خلال موقعي الهيئة والسوق الإلكترونيين وصفحاتهما على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد لاحظنا في كثير من الحالات تفاعل جمهور المتعاملين مع هذه المعلومات المنشورة، سواء عن طريق المجموعات الإلكترونية المشكلة من هؤلاء العملاء، التي تتم مراقبتها أيضاً من الهيئة، أو عن طريق انعكاس هذه المعلومات على حجم التداول والأسعار، إذ إن القارئ للتغيرات السعرية للورقة المالية يستطيع مباشرة ربط الارتفاع والانخفاض بالإفصاحات والأخبار المنشورة عبر المواقع الإلكترونية المذكورة.
مضيفاً: إن تسريب المعلومات من بعض الشركات أمر وارد الحدوث في جميع الأسواق المالية، ولا يمكن البت بأي عملية تسريب إلا بعد إجراء التحقيقات اللازمة والحصول على أدلة إثبات كافية لعملية التسريب، ومن ثم استغلال المعلومة المسربة وتحقيق المكاسب من خلالها. وقد قامت الهيئة بالتعامل وإجراء عمليات التحقيق عندما اشتبهت بوجود حالات لتسريب للمعلومات من داخل الشركات. ولا يمكن النظر إلى حالات تسريب المعلومات بمعزل عن إجراءات الحوكمة والضبط الداخلي لدى الشركات المدرجة، إذ إن إجراءات ضبط داخلية أكثر كفاءة تعني تسريباً أقل للمعلومات بشكل ملحوظ، وفي هذا الإطار فإن جهود الهيئة الحثيثة لتطبيق مبادئ الحوكمة وتحديثها داخل الشركات المدرجة، تصب في النهاية بضبط عمليات تسريب المعلومات واستغلالها داخل سوق دمشق للأوراق المالية.
مخالفات
وعن المخالفات المرتكبة من شركات الوساطة المالية أوضح قاسم أن معظم المخالفات المرتكبة من شركات الوساطة تتعلق بالتداول لمتعامليها خلال فترات الحظر، وتتم معالجة هذه المخالفات مباشرة من خلال الطلب من الشركة إعادة بيع الأوراق المالية المشتراة أو إعادة شراء الأوراق المالية المبيعة خلال جلسة التداول نفسها أو الجلسة التالية كحد أقصى.
ولفت إلى أن هناك بعض المخالفات المتعلقة بتجاوز نسب الاعتباريين المتاحة في المصارف المدرجة، حيث يتم أيضاً الطلب من شركة الوساطة إعادة بيع الأسهم المشتراة بما يتجاوز النسب المتاحة، بالإضافة إلى المخالفات المتعلقة بعمليات فتح الحسابات وتعريف المستثمرين، وذلك من خلال عدم استكمال جميع الثبوتيات المطلوبة بموجب تعليمات وأنظمة الهيئة، أو من خلال نقص المعلومات المطلوبة عن صاحب الحساب، وهناك المخالفات المتعلقة بكشف حسابات بعض العملاء (تمويل بالهامش)، نتيجة إهمال الوسيط تدقيق معلومات العميل المالية قبل إدخال أوامر الشراء الخاصّة به، أو نتيجة قيام العميل بتعديل أوامره وحذفها بطريقة متكررة خلال جلسة التداول.
وبالنسبة للشركات المعتمدة لتقديم خدمة التداول عبر الإنترنت، أشار رئيس مجلس مفوضي الهيئة إلى أنه هناك مخالفات تتعلق بعدم إطلاع عملائها على مخاطر التداول عبر الإنترنت، بالإضافة إلى عدم بذل العناية اللازمة لتوضيح جميع المعلومات المتعلقة بهذا النوع من التداول وعدم تدريب العملاء على التطبيقات الخاصّة بهذه الخدمة.
أما بالنسبة للعقوبات المرتبطة بهذه المخالفات، فقال: هي عقوبات خفيفة تتراوح بين التنبيه، والكتب الرسمية للفت النظر.
الاستثمار بالأسهم
وعن رأيه إن كان الاستثمار بالأسهم في ظل هذه الظروف رابحاً، أي هل حافظ على حقوق حملة الأسهم، قال: لقد حقق معظم الشركات المدرجة في السوق عائداً مالياً جيداً في عام 2023، وعندما نتحدث عن العائد فإننا نقصد الربح الرأسمالي وتوزيعات الأرباح التي وزعتها الشركات المساهمة المدرجة في السوق، ومن الجدير ذكره أيضاً أن عمليات زيادة رأس المال عن طريق الطرح للاكتتاب العام التي تقوم بها الشركات المساهمة المدرجة تعدّ أيضاً من عوائد الاستثمار في الأسهم، إذ إنها تمنح المستثمر المساهم في الشركة حق الأفضلية في الاكتتاب بأسهم الزيادة بالقيمة الاسمية (100 ل.س) في الوقت الذي يباع فيه السهم ذاته بقيمة سوقية تفوق القيمة الاسمية بشكل كبير.
ويلاحظ من خلال استعراض العوائد المالية التي حصل عليها المستثمرون خلال العام الماضي أن هذه العوائد تتراوح بين شركة وأخرى وهي تتغير من عام إلى آخر، فمن الممكن أن تكون عوائد الاستثمار هذا العام بالنسبة لشركة معينة مختلفة عن نتائج العام الماضي وهذا يعود لعوامل مختلفة.
إلا أنه نستطيع القول: إن الاستثمار في الأسهم يمكن أن يحقق عوائد جيدة في حال توافر للمستثمر خبرة استثمارية جيدة والقدرة على متابعة مجريات جلسات التداول وقام بمتابعة وتقييم الإفصاحات، ولاسيما تلك المتعلقة بالبيانات المالية والإفصاحات الجوهرية ومنها قرارات زيادة رأس المال.
تشجيع على التحول
أما عن المطلوب لتشجيع الشركات للتحول إلى شركات مساهمة فقال رئيس مجلس مفوضي الهيئة: هناك عدد من الأسباب يحدّ من وجود رغبة تأسيس الشركات المساهمة العامة أو التحول إلى هذا الشكل القانوني، ومن أهم هذه الأسباب التي يجب العمل على تلافيها لتشجيع التحول إلى شركات مساهمة، تجذر ثقافة الإدارة الفردية والعائلية لدى مؤسسي هذه الشركات، الأمر الذي يستدعي بذل جهود حثيثة لتغيير هذه الثقافة وإبراز أهمية الشركات المساهمة العامة، ولاسيما قدرتها على الاستمرارية ونموها لسنوات طويلة بدلاً من انتهاء عمرها عند وفاة المؤسسين أو انتقال الملكية إلى الجيل الثاني من العائلة.
وأشار إلى تعدد الجهات الإشرافية والرقابية التي ترخص وتشرف على تأسيس هذه الشركات من وزارات وجهات حكومية متعددة، وقال: هنا يجب العمل على تبسيط إجراءات ترخيص الأعمال وحصر جميع الإجراءات في نافذة واحدة للتعامل مع طلبات التحول، إضافة إلى ضرورة تخفيض رسوم تأسيس الشركات المساهمة العامة.
ورأى أنه يجب تحديد نسبة ملكية المؤسس الفرد بـ10 بالمئة في الشركة المساهمة العامة: وهذا يتطلب تعديل بعض التشريعات ورفع هذه النسبة خلال السنوات الأولى للتحول، مع ضرورة توفير الظروف والشروط التي تحقق العدالة والمنافسة المتكافئة بين الشركات الموجودة ضمن القطاع الواحد باختلاف شكلها القانوني.
وختم قاسم بالقول: كما يجب حصر الشكل القانوني للقطاعات الاقتصادية المهمة ولاسيما التنموية في شكل الشركات المساهمة العامة، والعمل على منحها مزايا تفضيلية بما في ذلك إعفاءات وتخفيضات ضريبية.
ويبقى السؤال: هل يعكس أداء السوق والزيادة الكبيرة في المؤشرات نمواً حقيقياً في الاقتصاد كزيادة عدد الشركات المدرجة الناتجة عن النمو الاقتصادي؛ أم إنها فقط زيادة ناتجة عن التضخم والطلب على الأسهم في ظل غياب الفرص الاستثمارية الأخرى وارتفاع سعر الصرف الأجنبي؟