العيون تترقب بدء إنتاج السيارات الكهربائية المحلية.. فهل يكون لها مستقبل؟ وأي مصير ينتظر السيارات التقليدية؟

تجاذبات كثيرة أثارها إعلان وزارة الصناعة حول التحضير لتجميع سيارات الكهرباء بوساطة القطاع الخاص، بين مشجع للفكرة لأهميتها في توطين هذه الصناعة الحديثة محلياً و التي يتوجه العالم نحوها باعتبارها صديقة للبيئة وتوفر الوقود، وبين معارض باعتبار أن الظرف الاقتصادي حالياً لا يسمح بالتطبيق وهناك أولويات اقتصادية أكثر أهمية يجب أن تلتفت لها الحكومة وتحديداً فيما يتعلق بتحسين واقع الأمن الغذائي ومشاريع التنمية والنهوض بالبنى التحتية التي دمرت بفعل الحرب الإرهابية.

وحسب التصريحات الرسمية سيتم الانتقال من مرحلة تجميع مكونات السيارات العاملة بالوقود إلى مرحلة السيارات الهجينة التي تعمل بالطاقة الكهربائية وبالوقود أيضاً.

ويبدو السؤال الأهم بنظر الأكثرية؛ بماذا تتميز السيارات الكهربائية عن سيارات الوقود اقتصادياً؟

تعزيز التصنيع المحلي 

يقول الخبير الاقتصادي عاصم أحمد أن الحكومة الصينية تدعم اليوم مصانع السيارات الكهربائية وتزيد التكاليف على سيارات البنزين – على سبيل المثال ‏- لوحة سيارة البنزين تكلف ٤٠ ألفاً، بينما ‏لوحة سيارة كهربائية مجاناً، و غالباً يكون الإقبال عليها كبيراً لأن عمرها ضعف عمر السيارات التي تعتمد على الوقود، وتكاليف صيانتها أقل جداً.

داعياً الحكومة للعمل بقوة على تعزيز التصنيع المحلي للسيارات الكهربائية من خلال خريطة طريق تنطوي على خفض رسوم الاستيراد على المركبات الكهربائية ومكوناتها (مدخلات الإنتاج)، وتقديم حوافز وخصومات وإعفاءات ضريبية للشركات التي تستثمر في مجال تصنيع السيارات الكهربائية، وتشجيع الشراكات مع الجامعات والمعاهد البحثية العاملة في مجال تكنولوجيا السيارات الكهربائية، والعمل على تأمين بنية تحتية لمنظومة شحن بالطاقة الشمسية أو الريحية غير الشحن التقليدي.

وحول الفوائد الاقتصادية لهذه الصناعة أوضح أحمد أنها تدعم ميزان المدفوعات، إضافةً إلى دعم سلاسل الإمداد وفتح فرص استثمارية جديدة فيها، وتوظيف عدد كبير من المواطنين السوريين مع توفير الآلاف من الوظائف المباشرة في المصنع خلال ذروة العمليات التشغيلية، وتخفيف الضغط على الخزينة وربما تكون نقطة قوة مع الدعم الحكومي بسبب توطين الصناعة إضافة لخلق المحفزات لدعم شراء السيارات المجمعة محلياً.

أحمد: تدعم ميزان المدفوعات وسلاسل الإمداد وتؤمن فرص عمل وتخفف الضغط على الخزينة

الاستعداد والجهوزية 

ويستقرئ أحمد أنه خلال سنوات قليلة سوف تغرق الصين العالم بسيارات كهربائية اقتصادية، ربما نصف الأسعار الحالية وعلينا أن نكون جاهزين للتعامل معها من حيث ‏اقتنائها و‏التدرب على صيانتها و‏دراسة تخصصات جامعية ومهنية لها علاقة بصيانتها و‏إنشاء محطات تعبئة كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية وأن ننجح بتقديم السيارة بأقل من قيمتها بالمصنع وهذا يمكن من خلال الحصول على سعر مدعوم من المصنع والاكتفاء بهامش ربح محدود.

كما أشار أحمد إلى أنه لنا كل الحق بحماية شركاتنا المحلية، لكن يجب على تلك الشركات التطوير من نفسها لتقلل تكلفة الإنتاج مع الوقت وتمرير التوفير للمستهلك، و إلا سيجد المنتج الصيني طريقه للأسواق بطريقة أو بأخرى، لأن الصين أنتجت سيارات عبر الروبوتات وبتقنيات الذكاء الاصطناعي من دون تدخل بشري، ‏تقطع 600 كيلو متر بعد شحنها لمدة 30 دقيقة فقط!

إدلبي: نجاح هذه الصناعة يحتاج صناعات متممة.. شحن السيارة الكهربائية منزلياً يحتاج ١٢ ساعة متواصلة، و١٦ لوحاً إذا كان الشحن عن طريق الطاقة الشمسية! 

مقومات غير متوافرة 

بالمقابل يرى الخبير في مجال السيارات الكهربائية محمد إدلبي أن المشروع لن ينجح لأن سورية أصبحت أغلى دولة في العالم بأسعار حوامل الطاقة ولا جدوى اقتصادية من تجميع سيارات تكلف أكثر بكثير من سعرها ببلد المنشأ، فليس هناك بنية تحتية لسيارات الكهرباء ولا يمكن تنفيذ شبكة شحن في الظروف الراهنة، كما إن نجاح صناعة السيارات يعتمد على مقومات معروفة عالمياً غير متوافرة محلياً، فهذه الصناعة تحتاج صناعات متممة مزودة لها؛ كالإطارات والبطاريات والزجاج والمحركات وإلكترونيات وفنيين ويد عاملة مدربة وهذا كله غير متوافر لدينا، وتساءل إدلبي إذا كان شرط التجميع أن يتم تصدير بعض الإنتاج فمن هي الدول التي ستستورد منا؟

المشروع محكوم بالفشل ولا يملك مقومات النجاح، مبيناً أن نجاح الصناعة لا يكون بوضع جمارك مرتفعة على المستوردات لحماية صناعة وطنية لا ترقى لجودة ١٠% من جودة المستورد وإجبار المستهلك عليها لعدم وجود البديل.

وحسب إدلبي فإن أسعار السيارات الكهربائية في الدول المجاورة يبدأ من ٢٥٠ مليون ليرة ويصل لحوالي مليار ليرة حسب مواصفات السيارة ونوع البطارية.

وأن السيارات الكهربائية يمكن شحنها منزلياً بوساطة شاحن استطاعته ١٦ أمبيراً لمدة ١٢ ساعة متواصلة، لكن من أين لنا أن نأتي بالكهرباء المتواصلة كل هذه الساعات بالتزامن مع نظام التقنين الحالي، أما إذا أردنا شحنها بوساطة الطاقة الشمسية فهي تحتاج إلى ١٦ لوحاً للتمكن من شحنها.

إدلبي: نجاح هذه الصناعة يحتاج صناعات متممة.. شحن السيارة الكهربائية منزلياً يحتاج ١٢ ساعة متواصلة، و١٦ لوحاً إذا كان الشحن عن طريق الطاقة الشمسية! 

ومن الناحية التوفيرية، يرى إدلبي أن هذه السيارات اقتصادية وتوفر البنزين ولكن البطارية لها عمر تشغيلي قد يكون سنتين أو خمساً على حسب نوع البطارية، وكلفتها تعادل نصف ثمن السيارة لذلك ما يمكن توفيره من وقود سيتم تسديده ثمناً لتبديل البطارية.

إذا نجحت الفكرة

وحول توقعاته فيما يخص مستقبل السيارات التقليدية مع بدء استخدام الكهربائية محلياً، قال إدلبي إذا نجحت الفكرة سيبدأ الإنتاج وتبدأ المنافسة وتنخفض أسعار السيارات المتداولة حالياً وبنسب متفاوتة حسب وضع كل سيارة من حيث مواصفاتها وسنة الصنع، وإما سيحدث العكس كما حدث عام 2018 إذ أصيبت الناس بخيبة أمل وارتفعت أسعار السيارات القديمة بشكل جنوني لعدم كفاءة السيارات المنتجة حينها ولعدم ثقة المستهلك بها، وفي حال لم تكن السيارات المنتجة بالمستوى المطلوب سنشاهد قفزة صاروخية في الطلب على القديم وقلة عرض وبالتالي قفزة بأسعار القديم لم نعهدها من قبل، والاحتمالان قائمان بنسبة 50% لكل منهما.

وختم بالقول: استغرب التوجه نحو هذه الصناعات التي لاتسمن ولا تغني من جوع بدلاً من التوجه لدعم الصناعات من الموارد المحلية كالصناعات الغذائية وغيرها.

شارك