سندويشة الكباب أرخص من الفلافل.. أي لحوم هذه التي تباع بسعر بخس؟ كيلو الكباب بـ٣٠ ألف ليرة

بالنظر إلى التسعيرة المعلنة وبشكل بارز على اللوحة الموضوعة على واجهة المطعم فإنها صادمة جداً، حيث بلغ سعر كيلو الكباب المشوي مع المتممات من بندورة وبصل مشويين أيضاً وخبز ٣٠ ألف ليرة سورية، والكيلو من الكباب النيىء ٢٥ ألفاً وكيلو اللحمة الحمراء ٣٥ ألفاً وسندويشة الكباب ٥ آلاف ليرة، وهذه الأخيرة تعني أنها أرخص من سندويشة الفلافل، وبالمجمل فإن هذه الأسعار تثير تساؤلات عديدة حول ماهية تلك اللحوم التي تباع بهذا السعر، حيث إن كيلو الفروج الحي حتى بعد انخفاضة مؤخراً يزيد على ٣٠ ألفاً، فكيف يكون لحم الفروج المنظف والمحضر والمشوي بهذا السعر في المطاعم؟

مطاعم شعبية كثيرة تقدم مثل هذه الوجبات.. والريبة بالجودة لا تجد من يبددها!

تنتشر بكثرة
بالطبع هذا المطعم ليس الوحيد في مدينة درعا، فمثله الكثير ضمن عدة أحياء، وحتى في مدن وبلدات أخرى، وكلها تبيع إما بنفس التسعيرة أو أكثر بـ ه آلاف بالنسبة للكباب المشوي أو النيىء، وعلى ما يبدو أن هناك شيئاً ما غير معلوم وراء هذه المأكولات ذات السعر غير المنطقي أبداً، إذ إن قيمتها قد لا تعادل تكلفة مواد الفحم والبصل والبندورة وحدها فكيف مع اللحوم؟

نتر دجاج
يرى متابعون أن مكونات هذه الوجبات ليست إلا نتر دجاج (مخلفات الدجاج)، حيث يتم طحن العظام والزاوئد وتضاف إليها دهون (جلاميط) البقر والغنم غير الصالحة للبيع، وكذلك (كرشاتها) وأمعاؤها، وتضاف إليها منكهات وبهارات بكميات كبيرة، ومن ثم تعجن في عجانات كبيرة كالتي تستخدم في المخابز، ومن ثم يتم توزيعها على المطاعم التي تبيعها بالأسعار البخسة المشار إليها آنفاً.

لماذا نشتريها؟
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا: كيف يُقبل بعض المواطنين على شراء مثل هذه اللحوم سواء أكانت جاهزة للتناول المباشر أو نيئة ليتم طهوها في المنازل؟ وفي محاولة للحصول على الإجابة من الزبائن بيّن بعضهم أن وجبات اللحوم الجاهزة من النوعية الموثوقة سواء من لحم الغنم أو العجل غدت بأسعار مهولة لا قدرة للأسر الفقيرة على احتمالها أو حتى التفكير بشرائها، وهي ليست بقليلة أيضاً إذا كانت من لحوم الدجاج أو الديك الرومي (صدور وفخاذ)، وذكروا أن السعر المتداول المشار إليه في البداية لوجبات الكباب الجاهزة ولو أنه مثير للشكوك حول نوعية وجودة مكوناتها، إلا أن الإقبال عليها يأتي من باب سدّ الشهوة وخاصةً بالنسبة للأبناء بعد أن أصبحت الوجبات الموثوقة كما سلف ذكره أشبه بالمحرمات.

هل هي ضارة؟
بعض الكوادر الطبية والمخبرية أشاروا إلى أن مثل هذه الوجبات تحتاج إلى رقابة وأخذ عينات منها والتأكد من مكوناتها وصلاحيتها وقيمتها الغذائية، خاصةً أن أسعارها مدعاة للاستهجان والشك لأنها غير منطقية أو مقبولة أبداً، وبالنسبة لضررها فإنه قد لا يظهر بشكل مباشر أو في حال كان تناولها قليلاً، لكنه قد يظهر في حال تناولها بكثرة لاحتواها على الدهون من (جلاميط) الذبائح وجلد الدجاج ونتره، حيث تزيد من نسبة الشحوم في أعضاء الجسم بشكل قد يخلف أضراراً متفاوتة على صحة بعض الأشخاص مع طول المدة والتقدم بالعمر.

تنظيم ضبوط
رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في درعا، بيّن أنه يتم القيام بجولات رقابية لمتابعة باعة اللحوم والمطاعم، وقد تم منذ بداية العام الجاري حتى تاريخه تنظيم ٢٤ ضبطاً تموينياً بحق قصابين، وذلك لارتكابهم مخالفات عدم الإعلان عن الأسعار والبيع بسعر زائد، كما تقوم بدوريات مشتركة مع دائرة الشؤون الصحية في مجلس مدينة درعا لمتابعة تلك المطاعم والتأكد من نوعية اللحوم التي تدخلها في وجباتها وذلك بعد الكشف عليها.

تفعيل التشاركية
من جهته معاون رئيس مجلس مدينة درعا والمشرف على أعمال دائرة الشؤون الصحية الدكتور جهاد أبو نبوت، أشار إلى أن هناك بالفعل لجنة مشتركة بين مجلس المدينة ومديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك وأعضاء لجان الأحياء من المجتمع المحلي، وهي مشكلة من أجل متابعة الفعاليات والتأكد من التزامها بالاشتراطات الصحية، ولكن المطلوب والمرجو من مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك إشراك مجلس المدينة مع الدوريات التي تقوم بالجولات الرقابية، وتكثيف تلك الدوريات من أجل تحديد ماهية ونوعية اللحوم المبيعة بالأسواق، وخاصة الأطعمة الجاهزة مثل الكباب والشاورما التي تباع بأسعار منخفضة جداً، وذلك من أجل ضبط أي مخالفة من ناحية مدى صلاحية اللحوم ونوعها وطريقة حفظها، والهدف الأساسي من وراء ذلك يأتي للحفاظ على صحة المستهلك وعدم التسبب بإصابته بأمراض جرثومية أو تسممات وغيرها، علماً أن عناصر دائرة الشؤون الصحية في مجلس المدينة مكلفون أيضاً بالرقابة على محال المطاعم والقصابة وغيرها من الفعاليات، ويقومون أيضاً بالتأكد من مراعاتها لشروط النظافة والمعايير الصحية للحفاظ على السلامة العامة.

أخذ عينات من اللحوم وتحليلها لبيان صلاحيتها للاستهلاك البشري لا يحتمل التراخي

رقابة فاعلة
ليست المرة الأولى التي نعرض فيها لواقع مثل تلك الوجبات المنخفضة السعر والجودة، لكن على ما يبدو أن الجهات الرقابية مازالت تتراخى ولا تمارس الدور المأمول حيالها بدليل استمرار المطاعم التي تقدمها بطريقة العمل نفسها بل هي تتزايد بشكل مستمر، والمطلوب العمل وبأسرع ما يمكن على أخذ عينات من اللحوم وتحليلها في المخابر المعتمدة وبيان مدى صلاحيتها للاستهلاك البشري، وفي حال كانت مخالفة وغير صالحة لا بد من اتخاذ التدابير والإجراءات القانونية الرادعة بحق المطاعم التي تقدمها حرصاً على صحة وسلامة البشر.

تشرين

شارك