السياحة.. أول من مرض وأول من تعافى!!.. الوزير مرتيني: متفائلون بعودة السياحة العربية والأوروبية إلى سورية لسابق عهدها

في مستهل حوار” تشرين” مع الوزير مرتيني سألناه عن مدى أهمية الحديث عن السياحة المستدامة رغم التوترات التي تشهدها المنطقة والعالم.. وعرجنا بالحديث عن قطاع السياحة، الذي يعد من أكثر القطاعات التي تضرر نشاطها نتيجة الحرب على سورية.. وكيف استطاعت الوزارة تخطي هذه العقبات والتحديات، حتى تمكنا من القول: إن هذا القطاع (أول من مرض وأول من تعافى )؟.

وزير السياحة أشار إلى أن الإنجازات التي تحققت في قطاع السياحة، تؤكد نجاح الإستراتيجيات والخطط التي وضعت، لافتاً إلى أنه في العام الحالي ارتفعت مساهمة قطاع السياحة مقارنة بسنوات الحرب على سورية.. وأبدى تفاؤله بعودة السياحة العربية والأوروبية إلى سورية لسابق عهدها قبل الأزمة، لما نمتلكه من قدرات اقتصادية، وقد كانت رؤيته واضحة ومحددة بالأرقام، مؤكداً أن أعداد الزوار والسياح إلى سورية في الفترة الأخيرة مشجعة.

الإنجازات التي تحققت في قطاع السياحة، تؤكد نجاح الإستراتيجيات والخطط التي وضعت، كما ارتفعت مساهمة قطاع السياحة مقارنة بسنوات الحرب على سورية

وأفاد وزير السياحة خلال حديثه لـ”تشرين” بأن قطاع السياحة معرض بشكل خاص للأزمات، مثل الحروب والأوبئة، والتي يمكن أن تعطل السفر والضيافة وغيرها. وقد واجهنا العديد من التحديات خلال فترة الأزمة، لكننا تمكنّا من تجاوزها.. وعن أهم هذه التحديات أضاف: إن الحرب أدت إلى انخفاض كبير في أعداد السياح الوافدين، وخاصة من الأسواق الرئيسية التي كانت تشكل في السابق جزءاً كبيراً من الزوار.
مبيناً أن قطاع السياحة تأثر سلباً بارتفاع التكاليف، بما في ذلك أسعار الطاقة والغذاء، والتي تفاقمت بسبب الحرب. وقد أدى ذلك إلى زيادة التكاليف التشغيلية للفنادق وخدمات السفر، ما زاد من إجهاد الصناعة.
كما عانت صناعة السياحة من نقص كبير في العمالة، حيث غادر العديد من العمال القطاع أثناء الحرب ولم يعودوا، وقد أدى هذا إلى صعوبة عمل الشركات بكامل طاقتها، وخاصة في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على السياحة الموسمية، إضافة إلى غيرها من التحديات.
أما عن إستراتيجيات التعافي التي نفذتها الوزارة للنهوض بالقطاع السياحي، فقد بين مرتيني أنه تم التوجه إلى تنويع الأسواق للتخفيف من تأثير انخفاض عدد الوافدين من الأسواق التقليدية، وقد سعت وزارة السياحة إلى جذب الزوار من الأسواق البديلة، لاسيما الدول الصديقة والحليفة لسورية، ويهدف هذا المحور الإستراتيجي إلى استعادة أكبر قدر ممكن من أعداد السياح وتدفقات الإيرادات.

تم التوجه إلى تنويع الأسواق للتخفيف من تأثير انخفاض عدد الوافدين من الأسواق التقليدية

والأمر الآخر الذي تم العمل عليه هو تعزيز جهود التسويق حيث تم العمل على زيادة الأنشطة التسويقية والترويجية والتي تعتبر أمراً بالغ الأهمية، حيث ركزت الوزارة على تعزيز الحملات الإعلانية المستهدفة لأسواق محددة بهدف جذب السياح إلى المناطق الأقل تضرراً من جرّاء الحرب.
إستراتيجيات التعافي
ومن إستراتيجيات التعافي أيضاً حسب الوزير، دعم الشركات المحلية حيث أكدت الحكومة أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم شركات ومكاتب السياحة المحلية، ويشمل ذلك المساعدات المالية والحوافز لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على تحمل الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الحرب والجائحة.

أكدت الحكومة أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم شركات ومكاتب السياحة المحلية

وأضاف: إن الوزارة وضعت خططاً لإدارة الأزمات والعمل باستمرار على تطوير إستراتيجيات شاملة لإدارة الأزمات، وتركز هذه الخطط على المرونة والاستدامة، ما يضمن قدرة قطاع السياحة على التكيف مع التحديات الجارية والمستقبلية، ويشمل ذلك الاستعداد للكوارث المحتملة وتعزيز البنية الأساسية الشاملة لدعم السياحة في بيئة ما بعد الأزمة.

تركز هذه الخطط على المرونة والاستدامة، ما يضمن قدرة قطاع السياحة على التكيف مع التحديات الجارية والمستقبلية

من الأولويات
وأكد مرتيني أن تشجيع السياحة المحلية يعتبر من الأولويات ومن خلال الترويج للمعالم والتجارب المحلية، والتي نهدف من خلالها إلى سد الفجوة التي خلفتها قلة السياح الدوليون وتحفيز الاقتصاد المحلي.
وذكر مرتيني أن استجابة وزارة السياحة للتحديات التي فرضتها الحرب وتأثيرها على قطاع السياحة تضمنت نهجاً متعدد الأوجه، يركز على تنويع السوق، تعزيز التسويق، دعم الشركات المحلية، تطوير إستراتيجيات قوية لإدارة الأزمات. وفي حين قد يكون الطريق إلى التعافي الكامل طويلاً، وهذه الجهود تهدف إلى بناء قطاع سياحي أكثر مرونة وقادر على تحمل الأزمات المستقبلية.

18 مشروعاً سياحياً
أما بخصوص المشاريع السياحية التي تنفذها الوزارة والمشاريع المخطط لها، أكد مرتيني أن عدد المشاريع في المحافظات وصل إلى 18 مشروعاً، حيث بلغ عدد المشاريع السياحية قيد التنفيذ في محافظة دمشق /5/ مشاريع سياحية بطاقة استيعابية /5330 /كرسي إطعام و/ 1500 / سرير فندقي، وفي محافظة ريف دمشق فيبلغ عددها /3/ مشاريع بطاقة استيعابية / 5440 / كرسي إطعام و/1154 / سريراً فندقياً، أما محافظة طرطوس فهي /3/ مشاريع سياحية وبطاقة استيعابية / 7593 / كرسي إطعام و/5628 / سريراً فندقياً، وتبلغ في محافظة اللاذقية /5/ مشاريع بطاقة استيعابية /4250 / كرسي إطعام، و/1182 / سريراً فندقياً، أما محافظة حلب فعدد المشاريع /2/ وبطاقة استيعابية /1256 / كرسي إطعام و/264 / سريراً فندقياً.

الواقع والطموح

ولدى سؤاله عن الخطط للنهوض بالقطاع السياحي، قال مرتيني: يعتبر القطاع السياحي قطاعاً استراتيجياً وحيوياً ورافداً مهماً للاقتصاد الوطني، حيث كان يشكل المورد الثاني للقطع الأجنبي بعد القطاع النفطي، وعلى الرغم من الظروف التي مرت فيها سورية من الاعتداءات الإرهابية والعقوبات الاقتصادية، وكارثة الزلزال الذي ضرب البلاد وما نتج عنه من أضرار مادية مباشرة وغير مباشرة من منعكسات وتخوف طالت حركة السفر والسياحة، والحرب المستمرة على قطاع غزة منذ تشرين الأول 2023 وما رافقها من انخفاض ملموس في القدوم السياحي لكامل المنطقة بما فيها سورية، إلا أن الوزارة وبتضافر الجهود الحكومية ونتيجة للاستقرار السياسي والانفتاح العربي والغربي على سورية، والعودة إلى جامعة الدول العربية، فإنها تعمل على تنفيذ المرحلة الثانية 2025-2030 من خطة القطاع السياحي 2019-2030 معتمدةً على عدد من السياسات العامة، أهمها زيادة القدوم السياحي إلى سورية من كل الدول، والتركيز على استقطاب الأسواق العربية والصديقة، إضافة إلى استكمال خريطة التعليم السياحي الشامل، والعمل على تحفيز وتطوير قطاع الاستثمار بما يعزز إيرادات خزينة الدولة ويؤمن فرص العمل.

تعمل الوزارة على تنفيذ المرحلة الثانية من خطة القطاع السياحي 2019-2030 معتمدةً على عدد من السياسات العامة أهمها زيادة القدوم السياحي إلى سورية من كل الدول

وذكر الوزير أنه في الوقت ذاته سوف يستمر العمل بإنشاء وتطوير مشاريع مخصصة لقطاع السياحة الداخلية والشعبية، مع دعم وتحفيز المشاريع الصغيرة من خلال التوسع بتنفيذ مشاريع الحاضنات التراثية (أسواق المهن اليدوية)، إضافة إلى المساهمة في تمكين مشاركة جيل الشباب والمرأة في القطاع السياحي، مع العمل على تعزيز البعد التنموي للقطاع السياحي و دعم تنافسية هذا القطاع عبر تنويع وتطوير المنتجات السياحية التقليدية، وابتكار أنماط جديدة، مشيراً إلى أن ذلك لابد من أن يترافق مع تعزيز المهام التنظيمية لوزارة السياحة، والأهم التحول الرقمي وتشجيع استخدام التكنولوجيا في السياحة، الأمر الذي تسعى من خلاله الوزارة لاستقطاب السياح وفق توجهات تستهدف الأسواق السياحية الصديقة والواعدة، مع السعي لاستعادة تدريجية للأسواق المورّدة للسياحة في سورية، وبالأرقام ذكر مرتيني أن عدد القادمين إلى سورية بلغ / 1.002 / مليون قادم لبداية الشهر السابع من عام 2024، بزيادة قدرها 5% عن الفترة نفسها من عام 2023، كما ازداد عدد القادمين خلال عام 2023 بنسبة 16 % عن عام 2022.
(( أكثر من مليون قادم لبداية الشهر السابع من عام 2024 بزيادة قدرها 5% عن الفترة نفسها من عام 2023))
كما بلغ عدد القادمين لأغراض السياحة الثقافية والدينية / 119/ ألف زائر لنهاية الشهر السادس من جنسيات: العراق، الباكستان، الهند، البحرين، الكويت، أذربيجان، هولندا، أستراليا.

مساهمة السياحة في الناتج الإجمالي
وحول مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي أشار الوزير إلى أنه وفي السنوات التي سبقت الحرب على سورية، وصلت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 14% بفضل ارتفاع أعداد القادمين الذي بلغ حوالي/10/ ملايين قادم عام 2010، وزيادة التدفق الاستثماري المنفق على المنشآت السياحية المنفذة، وما تم إنفاقه على الترويج السياحي، مع ارتفاع مستويات إنفاق السياحة الوافدة والداخلية، ونتيجة الحرب والعقوبات الأحادية الجانب والحصار الاقتصادي التي فرضت على سورية انخفض التدفق الاستثماري للقطاع السياحي وانخفضت أعداد القادمين إلى حوالي /2/ مليون قادم خلال عام 2023.
وتجدر الإشارة – حسب الوزير- إلى أن مشروع منصة استصدار سمات الدخول للسياح القادمين عن طريق مؤسسات السياحة والسفر يسهم بشكل كبير في زيادة القدوم من كل دول العالم، ما يؤدي لإيرادات مهمة من القطع الأجنبي الناشئ عن إنفاق الزوار والسياح ووفق المعايير التي تضعها وزارة السياحة.

مشروع منصة استصدار سمات الدخول للسياح القادمين عن طريق مؤسسات السياحة والسفر يسهم بشكل كبير في زيادة القدوم من كل دول العالم

فيما بلغ إجمالي عدد النزلاء العرب والأجانب حوالي / 129/ ألف نزيل لنهاية الشهر السادس من عام 2024 بزيادة قدرها 40 % عن الفترة نفسها من عام 2023 بعدد ليالي /850/ ألف ليلة فندقية بزيادة قدرها 34% عن الفترة نفسها من عام 2023.

يبلغ عدد العاملين في القطاع ما يعادل 170 ألف عامل دائم ومؤقت.. علماً بأنه استقطب خلال الفترة 2019-2023 ما يقارب 67 ألف عامل

وخلص الوزير بالقول: إن القطاع السياحي يساهم في توفير فرص عمل مباشرة؛ سواء في الفنادق أوالمطاعم أو في شركات الطيران أو وكالات السفر أو المعالم السياحية أوالمرشدين السياحيين، وغير مباشرة؛ في القطاعات الاقتصادية ذات العلاقة بالقطاع السياحي (السكن والنقل والتسوق)، حيث يبلغ عدد العاملين في القطاع ما يعادل 170 ألف عامل دائم ومؤقت، علماً بأن القطاع استقطب خلال الفترة 2019-2023 ما يقارب 67 ألف عامل.

شارك