واعتبر إسماعيل في مشاركته خلال ندوة حوارية أقامتها كلية الاقتصاد جامعة دمشق أمس بعنوان «قراءة تحليلية في كتاب «الاقتصاد السياسي للركود التضخمي» للدكتور رسلان خضور، أن التمويل بالعجز من أسباب ظاهرة الركود التضخمي وأن أغلب التمويل بالعجز ذهب لتغطية الإنفاق الجاري والرواتب وغيره عبر زيادة كمية النقود المصدرة، ما تسبب بخلل في العرض والطلب والكتلة النقدية والسلعية إذ لم يقابل الكتلة النقدية كتلة سلعية أو خدمات، مؤكداً ضرورة تحقيق التوازن بين العرض والطلب، والكتلة النقدية والكتلة السلعية، وبين المستوردات والصادرات.
وأشار إسماعيل إلى انعدام الطبقة الوسطى بسبب التفاوت الحاد والصارخ في توزيع الثروات والدخول والتي كانت تشكل ٨٠ بالمئة من مجمل السكان وفق تقرير البنك الدولي حتى عام ٢٠١١، ورأى أن الثروات تتركز بأيدي المحتكرين الذين طوّعوا السياسات لتتناسب مع مصالحهم.
ولفت إلى تزايد حجم اقتصاد الظل إلى نحو ٧٥ بالمئة فيما كان بحدود ١٩ بالمئة حتى عام ١٩٨٠ وذلك بسبب صعوبة عملية تمويل المستوردات عبر المنصة إضافة إلى الضرائب العالية، مشيراً إلى عدم التنسيق بين السياسات المالية والنقدية.
وأشار إلى تفاقم ظاهرة الفساد لتصبح ثقافة ومنهجية عمل، حيث إن ضعف الرواتب والأجور دفع البعض لإتخاذ أساليب الفساد إذ إن الراتب ٣٥٠ ألف ليرة ومتطلبات الدخل تبلغ ٣ ملايين لتأمين سبل العيش، معتبراً أن كامل الأسباب السابقة قابلة للمعالجة والحل بتوافر الإرادة والحرص على الوطن!
بدوره بين الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق رسلان خضور في تصريحه لـ«الوطن» أن من أهم أسباب تطور وتوطن مشكلة الركود التضخمي على المستوى العالمي والمحلي خلال الأربعين عاماً الماضين تكمن في ثلاثة متغيرات تنطوي تحت مظلة الاقتصاد السياسي وهي أولاً التفاوت الحاد والصارخ في توزيع الثروات والدخول وثانياً سطوة وسيطرة الاحتكارات في الأسواق العالمية والمحلية على الكثير من السلع والخدمات وثالثاً انتشار الفساد وتحكمه بمفاصل الاقتصاد والمجتمع ما أدى إلى الحد من النشاط الاقتصادي والاستثمارات التي تخلق فرص العمل وتولد الدخول، وبالتالي تراجعت معدلات النمو في الناتج المحلي وهذا يغذي الركود والتضخم معاً.
من جانبه أطلق الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق الدكتور عدنان سليمان مصطلح «صدمة المستهلك» على ظاهرة الركود التضخمي مشيراً إلى أن المشكلة ظهرت بعد عام ٢٠٢٠ وجائحة كورونا والأزمة الروسية والأوكرانية، حيث تم الانتقال من سياسة التيسير الكمي إلى سياسة التشدد الكمي بمعنى إبطاء النمو عوضاً عن زيادة النمو والانتعاش الاقتصادي مما أدى إلى زيادة البطالة وارتفاع كلفة الاستثمارات، وبالتالي إلى صدمة في الطلب تتزامن مع صدمة في العرض يدفع المستهلك ثمنها نتيجة ضعف القوة الشرائية.
فيما أشار الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق الدكتور علي كنعان إلى أن العملة السورية تُحمّل على ثلاث دعامات سلع وخدمات وسند حكومي وذهب في حين الدولار يقوم على سلطة الاحتكارات والأساطيل الموجودة في البحار في وقت ليس له أي دعم، معتبراً أن الدول الغربية تصدر ورقاً تحكم به العالم وتستورد سلعاً بالمجان.
وفي السياق ذاته رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق الدكتور أحمد صالح ضرورة تطبيق المنهج العلمي في فهم الظواهر الاقتصادية ذات الطبيعة الإنسانية متناولاً عدداً من النظريات والمفاهيم والمدارس الاقتصادية المختلفة.