الواقع إن عجزاً يبلغ تريليون دولار يلوح في الأفق. ووفقاً لتوقعات مكتب الميزانية في الكونجرس، من المتوقع أن يستمر العجز في تجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي لبقية العقد، ثم يرتفع إلى 6.1% بحلول 2034.
وعندئذ، قد تصل الولايات المتحدة إلى حد الدين الإجمالي المستدام، عند أكثر من 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لورقة بحثية جديدة كتبها جيورجي بوكهوا ومارك ورشاوسكي، نشرتها مؤسسة أميركان إنتربرايز.
على المستثمرين أن يضعوا ذلك في الحسبان قبل أن يفكروا في الاحتفال كما لو كنا في 1999.
ويرى خبراء.. عندما ننظر إلى دورات السوق والاقتصاد الماضية، تعد التسعينيات مؤشراً إيجابياً للعقد الحالي، ففي 1994، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل حاد لقمع ضغوط التضخم الناشئة، وتمكن من تحقيق هبوط ناعم نادر الحدوث، وبمجرد أنه أصبح من الواضح أن أسعار الفائدة قصيرة الأجل بلغت ذروتها (بعد مضاعفتها من 3% إلى 6%)، انطلقت سوق الدوت كوم الصاعدة مدفوعة بوعود الإنترنت.
اليوم، وفقاً لمجلة بارونز، عندما أصبح من الواضح أن الفيدرالي يقترب من نهاية دورة رفع أسعار الفائدة في 2023، ارتفعت الأسهم، وهذه المرة أدت وعود الذكاء الاصطناعي إلى صعود حاد في أسهم الشركات التي تسمى “العظماء السبعة”، ما رفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى مستوى قياسي.
لكن الوضع المالي للولايات المتحدة الآن مختلف عن التسعينيات مع احتمال استمرار العجز الضخم، على النقيض من التقدم المطرد نحو فائض في الميزانية في مطلع القرن الماضي.
وهناك تلميح قوي يتمثل في أداء سوق الذهب مقارنة بسوق الأسهم. ففي التسعينيات، بدأ المعدن الأصفر غير ذي جدوى عندما بدت آفاق الإنترنت هائلة. انخفض الذهب إلى أقل من ثلث قيمته، مقارنة بذروة تجاوزت 800 دولار في 1980.
لكن رغم إمكانات الذكاء الاصطناعي التي تبدو ضخمة، لم يواكب الذهب الأسهم فحسب، بل تفوق على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 حتى الآن في 2024، كما تفوق عليه خلال معظم الأعوام الـ3 ونصف العام الأخيرة.
ورغم الاتجاه الصاعد الذي تعكسه عوائد الأسهم، يشير أداء الذهب إلى توقعات بأن السياسيين سيفعلون كل ما يلزم للتعامل مع الميزانية. فمع تقدم التسعينيات، انخفض عجز الميزانية بشكل مطرد وتحول إلى فائض كبير يتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام المالي 2000.
وفي الوقت الحالي، حتى قبل الركود الاقتصادي الحاد الناجم عن جائحة كوفيد، بلغ العجز 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى كان مرتبطاً في السابق بالركود، رغم انخفاض معدل البطالة إلى أقل من 4%، ووصول سوق الأسهم إلى مستويات قياسية آنذاك.