مفاوضات جادة لانضمام سورية إلى «بريكس» … أكاديمي : الانضمام إلى المجموعة سيكون إيجابياً بالمطلق

ولاقى الخبر الذي نشرته وكالة «تاس» الروسية حول رغبة سورية بالانضمام إلى مجموعة «بريكس» وأن هناك مفاوضات جادة في ذلك، الكثير من الاهتمام لمعرفة مدى الفائدة التي ستحققها فيما إذا أثمرت هذه المفاوضات، وما الأمور التي ستتغير بالتعاملات الاقتصادية مع الدول الأخرى، وحول مفهوم انضمام سورية إلى إحدى الكتل الاقتصادية بالمجمل؟

الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور مجدي الجاموس، أوضح في تصريح لـ«الوطن» أن سورية تمر بوضع اقتصادي غير جيّد، لذا فإن الدخول بمثل هذه المفاوضات سيكون حتماً لمصلحة الاقتصاد الوطني لأن أهم ما تعاني منه سورية بالوقت الحالي هو عدم استقرار سعر الصرف الذي يعني عدم القدرة على الإنتاج والاستيراد وحدوث فوضى بالأسعار، وبالتالي فإن مجرّد الانضمام إلى هذا التحالف الاقتصادي من شأنه منح قوة للعملة المحلية، إذ سيصبح واجباً على الدول الأعضاء دعم هذه العملة أمام الاهتزازات الاقتصادية، معتبراً أن هذه المفاوضات تعطي أيضاً نوعاً من الثقة والأمل للمستثمر المحلي والخارجي وللمواطن السوري بإمكانية تحسن سعر صرف الليرة السورية، علماً أن أحد عناصر استقرار سعر الصرف هو الثقة بالعملة المحلية.

واعتبر الجاموس أن الانضمام إلى مجموعة «بريكس» سيكون إيجابياً بالمطلق ضمن الظروف الحالية المتدهورة التي تمر بها سورية، ولكون المنتج المحلي يعاني من ارتفاع تكاليف الاستيراد وارتفاع سعر الصرف وغير ذلك من العقبات، وعلى اعتبار أن سورية أصبحت حالياً أرضاً خصبة للاستثمار وإعادة البناء وعقد اتفاقات اقتصادية، وخاصة بعد وقوع الأزمات في الدول المحيطة، متوقعاً أن تشهد بداية العام القادم طفرة اقتصادية تحسن من الواقع الاقتصادي، فبناء على المعطيات الحالية سيكون الاهتمام بالجانب الاقتصادي هو عنوان المرحلة القادمة.

كما طرح الجاموس تساؤلاً مفاده فيما إذا كانت هذه الخطوة في حال تنفيذها ستريح الاقتصاد السوري من العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية كقانون قيصر، وهل ستستطيع الدول الأعضاء خرق هذه العقوبات وتجاوز ومواجهة أميركا؟ متوقعاً أن هذا التحالف سيكون حلاً لاختراق الحصار الاقتصادي المفروض على سورية.

وأكد الجاموس أن الهدف الإستراتيجي لمجموعة «بريكس» هو توحيد العملة لمواجهة هيمنة الدولار الأميركي – وإن لم يتم تحقيق ذلك إلى الآن، وتسهيل التعاملات الجمركية لدخول وخروج المنتجات وتخفيف الضرائب عليها، معتقداً أنه لا يمكن الوصول بالعملة الموحدة في حال اعتمادها لقوة الدولار التي لم تستمد من قوة الدولار الأميركي فقط، بل إنها جاءت من اتفاقية «بريتون وودز» التي اعتبرت أن الدولار عملة رائدة ويحمل قيمة بحد ذاته، واعتبرت في عام 1943 التعادل الذهبي – دولار ويجب على كل دول العالم أن تقيس عملتها الورقية على ما يقابلها من الذهب أو الدولار، ولذلك امتلأت خزائن دول العالم منذ عام 1943 حتى عام 1972 بالدولار، حيث كان من الأسهل على العالم حينها تخزين الدولار كعملة ورقية لتوفرها بشكل كبير بالسوق، لذلك فإن أي تكتلات اقتصادية لن تحقق عملة موحدة تضاهي الدولار ولكن ستكون لها قوة اقتصادية لا يستهان بها نتيجة القوة الاقتصادية للدول الأعضاء من جهة، وبسبب عدد السكان الذين سيتعاملون بهذه العملة من جهة أخرى.

وفيما إذا كانت قد انضمت سورية إلى أحد التكتلات الاقتصادية العالمية بالسابق، أشار الجاموس إلى أن سورية تعد من الدول المتحضرة جداً، وهي من مؤسسي منظمة التجارة العالمية في عام 1941 ولكنها انسحبت منها مع لبنان في عام 1951 عند انضمام الكيان الصهيوني إليها، كما كانت هناك مفاوضات سبقت الأزمة لدخول سورية في السوق الأوروبية المشتركة، حيث تحسن حينها الاقتصاد السوري، وكانت من ضمن شروط الانضمام إلى هذه السوق أن يكون متوسط دخل الفرد 300 دولار وقد كان هذا الشرط محققاً لولا الأزمة التي عانت منها سورية.

وفي السياق، أكد الجاموس أن دول بريكس أسست في عام 2008 من خمس دول هي البرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا والصين والهند، وتمثل سكانياً واقتصادياً نحو نصف العالم، بغض النظر عن القوة الاقتصادية للصين التي تحتل المرتبة الثانية عالمياً من بعد الولايات المتحدة الأميركية من ناحية الناتج المحلي، كما أن الهند تعد من الدول القوية اقتصادياً حيث يتجاوز ناتجها المحلي ملياراً ونصف مليار دولار سنوياً، إضافة إلى البرازيل التي أصبحت في عام 1997 من الدول القوية اقتصادياً ويتجاوز عدد سكانها 320 مليون نسمة، ودولة جنوب إفريقيا التي تعد من أقوى الدول اقتصادياً على مستوى إفريقيا.

شارك