تفاقمت الصعوبات التي واجهت التأمين الصحي خلال السنوات الماضية نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الدواء، وعدم تطبيق المحاسبة والعقوبات والمتابعة الدقيقة لآلية تنفيذ العقود، وهو ما يشكّل أحد الأسباب الرئيسية لزيادة تلك المتاعب، وفق ما أكده عبد القادر نحاس أمين الشؤون الصحية في الاتحاد العام لنقابات العمال، والذي أشار إلى أن موضوع التأمين الصحي كان من بين القضايا التي تمّ بحثها في لقاء المكتب التنفيذي للاتحاد مع الحكومة منذ أيام.
واستعاد نحاس في حديثه العديد من التحديات التي واجهت التأمين الصحي على مدار السنوات الماضية، لافتاً إلى أن قيام شركات إدارة النفقات الطبية بالاحتفاظ بمبالغ المطالبات المحوّلة من المؤسّسة السورية للتأمين لديها أو بحسابها الخاص لشهر أو شهرين قبل تحويلها إلى الأطباء والصيادلة والمخابر، بهدف الاستفادة من فوائد هذه المبالغ المحتجزة لديها، كان ومازال من بين المنغصات التي تشوّه التطبيق الصحيح للتأمين. كما أشار نحاس إلى تردّد العديد من المشافي الخاصة والصيادلة والأطباء والمخابر في استقبال العاملين المرضى المراجعين لهم، وتفضيلهم للمرضى الذين يدفعون أجورهم مباشرة تفادياً للدخول في مشكلات التحصيل من هذه الشركات، نظراً لسوء تعاملها مع مقدّمي الخدمة الطبية مع المزاجية والتقاعس، بالإضافة لمشكلة شبكة الإنترنت.
وركز نحاس على قضية انعدام الثقة مع إدارة الشركات في مجال النفقات الطبية بطلبات الأطباء لوصفهم بعض أنواع الأدوية أو التصوير مثل المرنان والطبقي بسبب التكلفة العالية والتي يحتاجها العامل لمتابعة علاجه وامتناع هذه الشركات عن الموافقة على صرف قيمتها، والحال نفسه لعمليات الأسنان والليزر للعين، وقيام هذه الشركات باستبدال العديد من المستلزمات الطبية المطلوبة بأنواع رديئة ومستهلكة أحياناً بهدف الربح وعلى حساب صحة العاملين.
وطالب نحاس بإعادة هيكلة التأمين الصحي وإصلاح هذه المنظومة بإيجاد منظومة بديلة من خلال إصدار صكّ تشريعي يتضمن نصوصاً خاصة مرنة تسهم في تطوير هذا النظام وضبط جودته وتوسيعه وفق الاحتياجات المجتمعية، وهذا يقتضي معه -حسب أمين الشؤون الصحية- إحداث كيان متخصّص بالتأمين الصحي قادر على تطوير الخدمة وإعداد الدراسات المجتمعية لتلبية الاحتياجات المتزايدة بما يخفّف العبء المجاني في مؤسسات الدولة الصحية، والانتقال إلى خدمات مدفوعة القيمة بالشراكة ما بين القطاع العام والقطاع الخاص، وتطوير المهن والمرافق الطبية وإعطاء المحفزات لاستثمارات متطورة خاصة في هذا القطاع لتعويض الحاجة في كافة المحافظات، وتصنيف المرافق الطبية وفق المعايير العالمية وتسعير الخدمات المقدمة وفقها مع اعتماد التراميز الطبية الموحدة وتفعيل الباركود الدوائي.
وأكد نحاس ضرورة تفعيل العمل بالمرسوم 46 الخاص بتشميل المتقاعدين بالتأمين الصحي الذي لم يفعّل بعد، داعياً الوزارات المعنية لتنفيذه نظراً لما له من أهمية في الوضع الاقتصادي والمعيشي الحالي، وخاصة للمتقاعدين الذين يعانون من الأمراض المزمنة التي تحتاج إلى نفقات وتكاليف علاجية كبيرة، وهذا ما يشكّل عبئاً على المتقاعدين، فالفاتورة الصحية لغلاجهم وتأمين أدويتهم لا تتناسب مع دخلهم وهناك فرق كبير.