وأوضح الجلالي خلال ترؤسه الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء أمس أن المطلوب هو الانتقال إلى صيغ حوكمة أكثر تطوراً وأكثر عصرية تواكب التطورات التي أتت بها النظرية الاقتصادية والإدارية الحديثة مع مراعاة خصوصية بلدنا.
وأشاد رئيس مجلس الوزراء بالجهود التي تبذلها وزارة الصناعة في سياق السعي لإعادة هيكلة القطاع الصناعي العام، مؤكداً ضرورة التعاطي بكل جرأة ومسؤولية مع مقاربات التطوير الهيكلي وتجاوز حالات التردد وسياسات «الترقيع» التي لم تعد تجدي نفعاً، «فالزمن قيمة غالية لا يجب التفريط بها».
ناقش المجلس بشكل موسع مشروع الصك الخاص بأسس التخطيط العمراني، وقدم عدد من الوزراء مداخلات ركزوا فيها على أهمية المشروع باعتباره نقلة نوعية نظراً للعديد من المتغيرات والمفاهيم التخطيطية الجديدة التي طرأت على عملية التطوير العمرانية وصناعة المدن وتنظيمها، ولاسيما ما يتعلق بالخصوصية المكانية وطبيعة التجمعات العمرانية، وبروز الحاجة لتحديث وتطوير أسس التخطيط العمراني المعمول بها حالياً لتحاكي التجمعات العمرانية العصرية.
واعتبرت بعض المداخلات أن الوقت قد حان لإصدار أسس التخطيط العمراني بعد تأخير دام لسنوات عديدة، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التغيرات الطبيعية التي حصلت خلال العقود الماضية من ندرة للموارد الطبيعية وانحسار الأراضي الزراعية وما خلفته الحرب على سورية والكوارث الطبيعية، وبعد مناقشات مستفيضة وافق المجلس على مشروع الصك واتخاذ ما يلزم لاستكمال إجراءات صدوره بهدف وضع أسس ومعايير تخطيطية أكثر كفاءة ومرونة يكون لها الدور الأساسي في تحديث البيئة العمرانية، ومراعاة دخول مفاهيم عمرانية مستدامة تسهم في تخفيض تكلفة السكن وتزيد من كفاءة استخدام الأراضي.
وحول مشروع المرسوم الخاص بأسس التخطيط العمراني، أكد وزير الأشغال العامة والإسكان حمزة علي في تصريح لـ«الوطن» أن المرسوم يعتبر نقلة نوعية باتجاه توفير بيئة سكنية آمنة بأفضل الشروط الحياتية لأنه يوجه نحو الاستعمال المتوازن للأراضي وتحقيق متطلباتها الوظيفية، كما يوجه برفع كفاءة المجتمعات العمرانية وتحسين أدائها، كل ذلك مع المحافظة على عادات وتقاليد وعمارة هذه التجمعات، ومن دون أن يغفل إظهار التجمعات العمرانية بمظهر حضاري يتلاءم مع تطور المجتمع.
ولفت إلى أن المرسوم يوجه بتحسين توزيع الخدمات والمنشآت الخدمية وشبكات الطرق وخدمات المناطق الصناعية والحرفية، كما يوجه بالتوزيع الأمثل لها. كما أنه لم يغفل الحفاظ على الأراضي الزراعية والحد من استهلاكها عند إعداد الدراسات التخطيطية ونظام البناء لأي تجمع عمراني.
وأكد الوزير علي أن هذا المرسوم جاء كضرورة في هذه المرحلة، لأن أسس التخطيط الموجودة في الوضع الراهن لم تعد كافية لتلبية متطلبات المجتمعات العمرانية ولا تطلعاتها، خاصة بعد إدخال مفاهيم عمرانية جديدة مثل العمارة الخضراء ومفهوم الاستدامة.
وأضاف: ستتبع إصدار المرسوم مجموعة من الأدلة الإرشادية لكل عناصر المخطط التنظيمي لتسهيل العمل، وتكون عاملاً مساعداً في سرعة إنجاز المخططات التنظيمية.
كما أناط المرسوم للوحدات الإدارية أن تضع نظام بنائها مع الجهات المعنية بالمحافظة ونقابة المهندسين، وذلك بالتنسيق مع الوزارة. والأهم حسب الوزير أن عملية التخطيط هذه هي تلبية للحاجات الآنية والمستقبلية للتجمعات العمرانية لعشرين سنة قادمة، وبالتالي تطلعاتنا أن تكون المجتمعات العمرانية مواكبة للتطور الحاصل بالمجتمع والعالم، ولدى سؤاله عن دخول مفاهيم عمرانية مستدامة، وهل حقاً ستسهم في تخفيض تكلفة السكن قال: «لا يمكن القول إن مشروع أسس التخطيط العمراني سيخفض من تكلفة إنشاء المساكن، لكن نستطيع القول إن التخطيط الجيد للتجمعات العمرانية سوف ينعكس إيجاباً على الموارد اللازمة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على التكلفة»، موضحاً أن تكلفة تخديم المجمعات العمرانية المنظمة بالطبع تكون أقل على المديين البعيد والقريب من تخديم المجمعات العشوائية غير المدروسة، وأشار إلى أن ما ورد في المرسوم يهدف إلى أن ينعكس إيجاباً على تكاليف المساكن وهو موضوع زيادة عامل الاستثمار، لافتاً إلى أن المرسوم يدعو إلى الارتفاع الشاقولي على حساب الأفقي، وهذا سوف ينعكس إيجاباً على التكلفة. والجميع يعلم أن تكلفة إنشاء بناء مؤلف من طابقين ستكون أقل تكلفة من إنشاء مسكنين، كل مسكن بطابق واحد على أرض مختلفة. والشيء الأساسي أن مشروع المرسوم أتى لتحسين جودة الحياة في التجمعات العمرانية بشكل عام عن طريق لحظ الخدمات التي تلبي الاحتياجات لعشرين سنة قادمة، لذلك لا نستطيع القول إن الهدف من المرسوم فقط تخفيض تكلفة المساكن، لكن حتماً التخطيط الجيد سينعكس إيجاباً على تكلفة المساكن.
كما تمت الموافقة على مقترح وزارة التربية تعيين المقبولين من خريجي معاهد إعداد المدرسين لمصلحة المناطق التعليمية الواقعة ضمن مراكز مدينتي دمشق والحسكة وتشميل محافظة دمشق ومركز مدينة الحسكة بكتاب رئاسة مجلس الوزراء ذي الصلة، واستعرض المجلس مذكرة وزارة النفط والثروة المعدنية حول واقع العمل في المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية والمنشآت العاملة في مجال المقالع والعقود المبرمة في هذا المجال، وتم التأكيد على أهمية التوسع باستثمار الثروات الباطنية التي تشكل مأمولاً اقتصادياً واعداً مع ضرورة الالتزام بالمعايير البيئية وتطوير عمل المؤسسة من خلال إعادة الهيكلة واستمرار محاربة الفساد.
ووافق المجلس على تمديد عمل لجنة إعادة الإعمار لمدة شهرين لاستكمال تنفيذ كامل مهامها وصرف الكشوف لعدد من المشروعات قيد الاستكمال حالياً، وعلى تخصيص الاتحاد الرياضي العام بمليار ليرة سورية لاستكمال مشروع تأهيل المرافق العامة للملعب الرئيس في المدينة الرياضية بدرعا.
وأكد ضرورة وضع ضوابط ومعايير واضحة لتركيب منظومات الطاقة الشمسية في قطاعي الأبنية السكنية والمنشآت الحرفية والصناعية بما يضمن منع حدوث أضرار نتيجة الظروف الجوية، وتقديم التسهيلات اللازمة للعاملين في الرقابة المالية لإنجاز أعمالهم بالشكل الأمثل بما يحافظ على المال العام ويضمن سلامة الإنفاق واكتشاف أي تجاوزات وإعداد الموازنات والقوائم المالية في أوقاتها المحددة.
كما أكد المجلس على تقديم الدعم الممكن لتحويل أي شركه عائلية أو شركات الأشخاص إلى شركات مساهمة ما يسهم في تعبئة المدخرات الوطنية وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية والمجتمعية.
وخلال الجلسة قدم كل من وزير الدفاع العماد علي محمود عباس والخارجية والمغتربين بسام صباغ عرضاً حول التطورات السياسية والعسكرية في المنطقة والجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على دول وشعوب المنطقة.
وأكد الوزيران أن الفكر والسلوك الإجراميين للعدو الإسرائيلي لا يمكن أن يهزما إرادة المقاومة والحياة والحفاظ على السيادة والاستقرار لدى دول وشعوب المنطقة.