أكَّد رئيس غرفة تجارة دمشق، باسل حموي، أن سوريا تعيش اليوم مرحلة تاريخية جديدة، طوت فيها صفحة كاملة من هيمنة نظام بائد أعاد البلاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً إلى واقع مظلم ومتأخر.
وبيَّّن حموي في تصريح خاص لصحيفة الثورة أنه ومع انبثاق فجر الجمهورية الجديدة الحرة، يأتي الحوار الوطني كأحد أهم دعائم نجاح هذه المرحلة، حيث يجتمع أبناء الشعب السوري بمختلف مكوناته وتوجهاته لمناقشة مستقبل سوريا الجديدة بكل شفافية ووطنية ومسؤولية على المستويين السياسي والاقتصادي.
– حاضرة بقوة:
وأوضح حموي أن غرفة تجارة دمشق، باعتبارها أقدم غرفة تجارية محلياً وعربياً، لطالما كانت في صلب المسؤولية الوطنية والاقتصادية الحاسمة، ناقلةً نبض قطاع الأعمال التجاري في العاصمة دمشق، ومدافعةً بحماس وموضوعية عن هموم ومصالح وتطلعات المجتمع التجاري السوري، وأضاف أن هذا القطاع قاد، في مرحلة ما بعد الاستقلال، عشر سنوات ذهبية من النمو والتطور، وأسهم في إقامة مشاريع اقتصادية مهمة ساهمت في رسم معالم تاريخ سوريا الاقتصادي.
وأكد أن غرفة تجارة دمشق ترحب بانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، وستكون حاضرة بقوة إلى جانب باقي المؤسسات الأهلية المنتخبة والممثلة لقطاعات الأعمال، وستعرض وجهة نظرها الداعمة لاعتماد نهج الاقتصاد الحر التنافسي، باعتباره الأنسب لضمان نجاح وازدهار الأعمال ضمن بيئة تنافسية حقيقية.
– رسالة واضحة:
وأشار رئيس غرفة تجارة دمشق إلى أن القطاع الخاص، الذي يشكل حوالى ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، له الحق في أن يكون ممثلاً بقوة وفاعلية في الحوار الوطني، الذي سيحدد ملامح سوريا القوية الحرة المتماسكة، وستقدم الغرفة مجموعة من المقترحات والأفكار الجديدة التي تعكس هموم وتطلعات الفعاليات الاقتصادية، مستفيدةً من مساحة الحرية التي توفرها المرحلة الحالية لطرح هذه الأفكار بجرأة ومسؤولية وطنية.
وأضاف: نحن لا نتحدث عن مطالب تفصيلية بقدر ما نسعى لإيصال رسالة واضحة مفادها أن التجار وأصحاب الأعمال هم مكون وطني فاعل، ربما أسيء فهمه أو تم تهميشه في مراحل سابقة، رغم أن هذا المكون كان ولايزال رافعاً حقيقياً للتنمية الاقتصادية في سوريا كما في جميع دول العالم الناهض.
– الإشراف والتيسير:
وشدد حموي على أن الاقتصاد السوري قائم على روح المبادرة الفردية التي يجب دعمها وحمايتها لتعزيز ازدهار المشاريع الصغيرة والمتوسطة بجميع أشكالها، وأكد أن التجارة ينبغي أن تكون حرة وتنافسية، معتمدةً على اقتصاد السوق دون تدخلات غير ضرورية أو قيود بيروقراطية تعيق النمو.
وفي هذا السياق، أكد حموي أن شعار “دعه يعمل، دعه يمر”، يجب أن يكون أساس العمل الاقتصادي، إلى جانب دعم المشاريع الصناعية والزراعية التي تعتمد على الميزات النسبية والتنافسية، كما دعا إلى أن تكون التشريعات الاقتصادية الجديدة داعمةً للعمل الاقتصادي، وأن يقتصر دور الحكومة على الإشراف والتيسير فقط، من دون التدخل المباشر في حرية ممارسة الأعمال.
– تجميد عملها:
ونوَّه حموي بأن غرفة تجارة دمشق ستظل داعمة لمسار الاقتصاد الحر الجديد، وستنقل بأمانة ملاحظات وهموم التجار، مع الالتزام بالمسؤولية الوطنية التي طالما ميزت الغرفة منذ تأسيسها عام 1830، وأوضح أن الغرفة، عبر تاريخها الطويل، كانت دائماً حرة في التعبير عن وجهات نظر الفعاليات الاقتصادية، مشيراً إلى أن التاريخ يسجل مواقفها الواضحة خلال فترة الستينات، عندما دعمت انفصال تلك المرحلة الذي أعاد المعامل المؤممة إلى أصحابها، ورفضت بشدة سياسات التأميم والمصادرة ونظام التخطيط الاشتراكي المركزي، مما أدى إلى تجميد عملها حتى مطلع السبعينات.
– مركز اقتصادي:
وحول مؤتمر الحوار الوطني، أكد حموي أن نجاحه يعتمد على فلسفة انعقاده وأهدافه أولاً، ثم على طبيعة القوى والفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والدينية المشاركة فيه، وأوضح أن الغرفة، كجزء من منظمات الأعمال الأهلية المنتخبة، ستعبر عن صوت التجار والشركات في رسم ملامح سوريا الجديدة القادرة على أن تصبح، في فترة غير بعيدة، مركزاً اقتصادياً مهماً وجاذباً للاستثمارات المحلية والخارجية بكل كفاءة وفاعلية، مع ارتفاع معدلات الدخل القومي والفردي، وتحقيق حياة كريمة ورفاهية للمواطنين.
– سياسي ديمقراطي:
وأكَّد رئيس غرفة تجارة دمشق على أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، مشدداً على أن أي نجاح سياسي داخلي أو خارجي مرتبط بوجود اقتصاد قوي ومتطور يضمن حرية إنشاء وممارسة الأعمال، وأضاف: “لا يمكن تحقيق اقتصاد مزدهر دون نظام سياسي ديمقراطي يضمن حرية الرأي والتعبير، لمواجهة أي تقصير أو أخطاء، فعندما تجتمع حرية العمل والإنتاج والتجارة مع حرية العمل السياسي، تتحقق أهداف الوطن والمواطن.
– خارطة طريق:
وختم قائلًا: مستقبل سوريا سيكون أكثر وضوحاً بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، فهو بمثابة خارطة طريق جديدة نصنعها -نحن السوريين- بأنفسنا، بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية غريبة على مجتمعنا واقتصادنا الوطني.