لا تقتصر الآمال الكبيرة التي يعلق السوريون مستقبلهم عليها، عبر الاتفاق الوطني الذي تم توقيعه بين رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” مظلوم عبدي، على جانب واحد، بل هي مرتبطة بالعديد من الجوانب سواء السياسي، أو الاقتصادي، أو التنموي، أو الاجتماعي وغيرها، والذي بالمجمل يعد خطوة هامة في الظروف الحالية التي تمر بها سوريا، والمأمول منها نحو بناء سوريا الجديدة والحرة الموحّدة.
خطوة مسؤولة
العديد من الآراء والتحليلات تُجمع على أهمية هذا الاتفاق، والنتائج التي يمكن أن يعكسها، في حال تم تنفيذ بنوده الشاملة وفق الخطط المقررة، وفي هذا الإطار تحدث لـ”الثورة” رئيس مجلس النهضة السوري- الباحث الاقتصادي عامر ديب حول الاتفاق، مؤكداً أن سوريا تمرُّ بلحظة تاريخية فارقة تفرض على جميع أبنائها، في مختلف مواقعهم ومكوناتهم، الوقوف إلى جانب مشروع وطني جامع ويحمي وحدة ترابهم، ويُؤسس لمرحلة جديدة من العدالة والمصالحة والتنمية.
وأشار إلى أننا نتابع ترحيباً وطنياً عميقاً فور الإعلان عن الاتفاق المذكور آنفاً، كما أن مجلس النهضة السوري يعتبر هذا الاتفاق خطوة شجاعة ومسؤولة في سبيل تحقيق تطلعات الشعب السوري، الذي أنهكته سنوات الحرب والانقسام والتدخلات الخارجية.
ترجمة عملية
وأوضح ديب أن الاتفاق، يُعد ترجمة عملية للرؤية التي تضمنتها الخطة الوطنية للإنقاذ المقترحة من مجلس النهضة السوري، والتي ترى أنها الإطار الأنسب لإدارة المرحلة الانتقالية، وتحقيق الاستقرار الشامل، وإنقاذ سوريا من حالة التمزق والفراغ السياسي والأمني، مع التأكد على الدعم الكامل لهذا الاتفاق، واعتباره الركيزة الأساسية لتنفيذ البنود التالية من خطة الإنقاذ الوطني، والتي تشمل تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية، تضم ممثلين عن جميع القوى الوطنية، على قاعدة النزاهة والاستقلالية، لتحمل مسؤولية إدارة شؤون البلاد، والعمل على وضع خارطة طريق سياسية ودستورية تنقل سوريا إلى مرحلة الاستقرار والديمقراطية، كذلك تحقيق العدالة والمحاسبة الشاملة، عبر تشكيل لجنة قضائية مستقلة لمحاسبة المتورطين في الجرائم والانتهاكات، وخاصة تلك التي حدثت مؤخراً في الساحل السوري، وضمان عدم الإفلات من العقاب، إضافة إلى إطلاق مصالحة وطنية حقيقية، تفتح الباب أمام جميع السوريين للعودة إلى الحياة السياسية والاجتماعية، باستثناء من تلطخت أيديهم بدماء السوريين، أو كانوا أدوات في مشاريع التقسيم والفتنة، فضلاً عن إعادة بناء مؤسسات الدولة، وخاصة القضاء والأجهزة الأمنية، على أُسس وطنية ومهنية، تكفل إنهاء الفساد والتبعية، وضمان حقوق جميع المواطنين دون تمييز.
تشجيع الاستثمارات
وأضاف الباحث الاقتصادي ديب: من بنود خطة الإنقاذ الوطني، استعادة السيادة الوطنية، عبر إنهاء كل أشكال الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي، ووقف التدخلات الخارجية، وبناء علاقات دولية قائمة على الندية والمصالح المشتركة، ناهيك عن إطلاق إستراتيجية اقتصادية للنهضة، تشمل إصلاح المنظومة المالية، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وضمان توزيع عادل للثروات، مع توفير فرص العمل والعدالة الاجتماعية، وتشجيع عودة الاستثمارات ورؤوس الأموال الوطنية، وكذلك إعادة بناء الجيش السوري الوطني، وجعله ممثلاً لمكونات الشعب كافة، تحت راية الوطن الواحد، بعيداً عن أي انتماءات طائفية أو أيديولوجية، ومحاربة خطاب الكراهية والطائفية، وإقرار قوانين واضحة تجرّم التحريض على العنف والانقسام، مع إطلاق حملات وطنية لتعزيز مفهوم المواطنة، والعيش المشترك بين جميع السوريين، علاوة على ذلك أقرت الخطة ضمان الدعم الدولي للحل الوطني، من خلال التواصل مع جميع الدول المعنية، لرفع العقوبات عن الشعب السوري، وضمان دعم المجتمع الدولي لمسار الحل السوري- السوري، بعيداً عن الإملاءات أو الهيمنة الخارجية.
استعادة دورها
كما لفت ديب إلى أن مجلس النهضة السوري يرى في هذا الاتفاق بداية الطريق نحو دولة سورية موحّدة، حرّة، ديمقراطية، تستعيد دورها الحضاري والإنساني في المنطقة والعالم، وتضع حداً لسنوات الحرب والمعاناة، كما يدعو جميع القوى الوطنية الصادقة للانخراط في هذا المسار، بعيداً عن الحسابات الضيقة، من أجل سوريا الجديدة، دولة العدالة والمواطنة والكرامة، والتأكيد على النضال لتحقيق وحدة سوريا، وهي الأساس الذي قام عليه مجلس النهضة السوري، منوهاً بالاستعداد للعمل مع الدولة السورية لتنفيذ بنود رؤية خطة الإنقاذ الوطنية، والمساهمة في أي عمل وطني غايته بناء الدولة السورية الحديثة وتحقيق النهضة الاقتصادية بما يضمن مستقبلاً آمناً لسوريا وأبنائها.
حسب الأرقام
يذكر أن الاتفاق يمكن أن يؤسس لاندماج 35% من الجغرافية السورية، خاصـة وأنهـا تحـوي أكثـر مـن 70% مـن مقـدرات سـوريا النفطيــة والزراعية والحيوانية، وآبار النفط، مما يعزز دور القطاع النفطي، وتحسين إيرادات الخزينة العامة للدولة، وتطوير الاقتصاد والتنمية، مع عودة عجلة الإنتاج والمساهمة في بناء سوريا الجديدة.