رفع الرسوم الجمركية على واردات الدول سيمنع المنافسة في السوق الأميركي محلل مالي ومصرفي : لا تعتبر الأولى من نوعها

يقول المحلل المالي والمصرفي الدكتور علي محمد؛ إن قرارات الرئيس ترامب التي أعلن عنها في الثاني من شهر نيسان الحالي، (يوم التحرير بحسب وصف ترامب)، والخاصة بفرض رسوم جمركية شاملة ومرتفعة على مروحة كبيرة من دول العالم، لا تعتبر الأولى من نوعها على مستوى العالم وحتى على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، فمنذ قرن تقريباً وتحديداً في العام 1930 صدر قانون الرسوم الجمركية الأمريكي وذلك إبان حدوث أزمة الكساد الكبير عام 1929 ((والتي فشلت حينها النظرية الكلاسيكية في تفسيرها أو عدم الوقوع بها، وتربعت مكانها النظرية الكينزية آنذاك)) مما أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية في ذلك الوقت إلى أن ألغي القانون عام 1934 نظراً لآثاره الكارثية حينها.
وأضاف في تصريح لـ”الثورة”: اليوم حاول ترامب طمأنة دول العالم بعدم رفعه للرسوم الجمركية عن النصف من النسب التي تفرضه بقية الدول على البضائع الأميركية، إلا أنه بلا شك فإن هذه النسب المفروضة الآن أميركياً قد تؤدي إلى خسائر في الناتج القومي الإجمالي العالمي، إلا إذا كانت قد صدرت بغية التفاوض مع بقية الدول لتخفيض رسومها ليصبح توازناً ما في العلاقات التجارية البينية وبما يحقق الاستقلال الاقتصادي الأمريكي الذي يسعى له الرئيس ترامب.
وقال علي: إن الولايات المتحدة الأمريكية اتهمت دول العالم بأنها تستغل الولايات المتحدة الأميركية لسنوات، لذلك هو اعتبر هذا اليوم يوم التحرير في سبيل تحقيق الاستقلال الاقتصادي للولايات المتحدة.
وأفاد أن بعض الدول نتيجة رفع الرسوم الجمركية الأمريكية على وارداتها قد تصبح غير قادرة على المنافسة في السوق الأميركي أو أنها ستقوم ببيع كميات أقل مما كانت تبعيه بالسابق أو أنها ستقوم برفع أسعارها، وبالتالي ستخسر جزءاً من حصتها السوقية في الولايات المتحدة الأميركية أو أنها ستختار إبقاء السلع على وضعها الراهن وبالتالي ستتعرض للخسائر.
الميزان التجاري
وبحسب كلامه- فإن محصلة هذه الرسوم الجمركية التي قامت الولايات المتحدة برفعها، وللعلم فإن ترامب لم يرفع الرسوم الجمركية سوى بما يعادل النصف مما تفرضه دول  العالم على الواردات الأميركية، وهو اعتمد مبدأ النصف، وكان الحد الأدنى للرسوم الجمركية هو ١٠%، بالتالي هذا سيؤثر بشكل جوهري على  الميزان التجاري الأميركي داخلياً من خلال انخفاض المستوردات بشكل أساسي نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية عليها لذلك عندما ترفع الرسوم الجمركية سينخفض حجم الطلب الداخلي الأميركي على بعض السلع نتيجة ارتفاع سعرها وبالتالي المواطن الأمريكي قد يحجم عن شراء بعض أنواع السلع
والمحصلة هي انخفاض حجم الاستيراد.
تشجيع الشركات المحلية
بالمقابل حسب رؤية ترامب- ذلك سيمكن الشركات الأميركية نفسها بأن تقوم بالابتكار والتصنيع بما يستبدل المستوردات التي كانت تستوردها من دول العالم وبالتالي هو بذلك يشجع الإنتاج المحلي داخل الولايات المتحدة.
وأشار علي إلى أن من ضمن سياسة ترامب كما أعلن في برنامجه الانتخابي رفع الرسوم الجمركية وتخفيض الضرائب، وبالتالي سيأتي التحفيز الثاني خلال الفترة القادمة للشركات والمنتجات بأن الضرائب ستكون منخفضة عما سبق مما سيعزز من إنتاجها لاستبدال ما تم إلغاؤه من قائمة الاستيراد نتيجة رفع الرسوم الجمركية.
انخفاض النمو الاقتصادي العالمي
وفي سياق متصل هناك دراسات كثيرة عن الرسوم الجمركية، ففي دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كانت قد توقعت بأن أي رفع للرسوم الجمركية هو من ضمن القيود على التجارة العالمية سوف تؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي العالمي للعام ٢٠٢٥ بنسبة  0,5 %، كما أن هناك مجلات عالمية مختصة بالشأن الاقتصادي، قالت إن الرسوم الجمركية إن أقرت كما تم الحديث عنها ستؤدي إلى تأخير توريد السلع بنسبة ٢٠ % مما كانت بالسابق وهذا يعني تعقيداً بالإنتاج وتباطؤاً بالإنتاج والخدمات.
وفي دراسة لصندوق النقد الدولي ٢٠٢٣ قالت إن أي رفع للرسوم الجمركية على الواردات بحدود ١٠ % سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة المواد المستوردة بنسبة ٣،٥ % وهذا يعني زيادة بالضغوط التضخمية.
والنقطة الأهم لكل دول العالم أن التأثر برفع الرسوم الجمركية الأميركية سيكون بشكل غير مباشر فهناك تقديرات من البنك الدولي بأن التجارة العالمية تعتمد على تصنيع مكونات سلع وبضائع مكوناتها ليست من بلد واحد بل من بلدان متعددة قد تصل إلى ٧٠ % لمكونات سلعة معينة وبذلك سيكون هناك تعدد في فرض الرسوم الجمركية وتأثيراتها على سلعة واحدة تنتج في مكان معين وتصدر إلى دولة معينة وبالتالي كل مكون سيخضع إلى رسم جمركي معين.

شارك