حبس السيولة يثقل كاهل مزودي الخدمات التأمينية.. قوشجي يقترح حلولاً عاجلة

وأوضحوا في شكواهم لـ«الوطن» أن سياسة حبس السيولة وتخفيض سقف السحوبات حالا دون حصولهم على مستحقاتهم التي تم تحويلها إلى حساباتهم من شركات التأمين، ما تسبب لهم بصعوبات في الاستمرار بالعمل، خاصة الصيادلة منهم الذين لم يعد بمقدور الكثير منهم ترميم مخازينهم من المستحضرات والأدوية.

وأكد الكثير منهم توقفهم عن استقبال مرضى التأمين بسبب معاناتهم مع شركات التأمين والمصارف، مشيرين إلى عدم شمولهم بقرار المركزي الأخير الخاص برفع الرسوم عن السحوبات، لاعتبار مستحقاتهم ضمن نظام الحوالات، وأخضعهم لحدود السحب الخاصة بالحوالات، التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم قوشجي قال في حديثه ل«الوطن»: إن النظام الصحي السوري يعاني من تدهور حاد نتيجة عقود من الفساد الإداري، وغياب الخطط التطويرية، وارتفاع تكاليف الطبابة مع انخفاض متوسط دخل الفرد، ما أدى إلى تدني الاستشفاء أو اللجوء للعلاج  لدى الكثير من أفراد المجتمع السوري، ما يستوجب أن نعيد التفكير في أنظمة التأمين الصحي ودوره الاجتماعي.

لذلك، لا بد من دراسة طريقة تمويله وطريقة إنفاقه على الخدمات الطبية المقدمة لمنتسبي الضمان الصحي.

وأضاف: من أهم الملاحظات السابقة تراكم الديون المالية لمزودي الخدمات، وبسبب هذا التراكم توقفت خدمات التأمين الصحي لعدة أشهر (وإن أُعلن عن استئنافها في نيسان 2025)، ما أدى إلى تراكم مستحقات مالية ضخمة للصيادلة والأطباء والمستشفيات، بلغت مليارات الليرات السورية، وتصنيف المبالغ كحوالات، حيث صنف البنك المركزي السوري هذه المستحقات كحوالات مالية، ما فرض قيوداً على سقف السحب الأسبوعي (مليوني ليرة أسبوعياً). ما يُصعّب على مزودي الخدمة سداد التزاماتهم التشغيلية، مثل شراء الأدوية أو صيانة الأجهزة الطبية.

ولفت قوشجي إلى تأثير القيود في مزودي الخدمات مع تراجع القدرة على سحب الأموال، إذ يعاني مزودو الخدمات من نقص السيولة اللازمة لتغطية تكاليف التشغيل المرتفعة، مثل إيجارات الصيدليات التي تصل إلى 650 دولاراً شهرياً في المناطق الحيوية، ما أدى إلى رفض استقبال المؤمَّن عليهم، نتيجة عدم تسديد المستحقات!، كما بدأ بعض الأطباء والمستشفيات برفض التعامل مع حاملي بطاقات التأمين، ما دفع المرضى لتحمّل التكاليف من جيوبهم أو اللجوء إلى القطاع الخاص غير المنظم.

وتابع قائلاً: لذلك لابد من حلول عاجلة لمعالجة التراكم المالي، مثل تحويل المستحقات المتراكمة إلى شيكات على شركات التأمين مجيرة لمصلحة مصرف سورية المركزي قابلة للتسديد لمستحقيها على أقساط مع فترات سماح بدلاً من تصنيفها كحوالات.

وقد رفع سقف السحب الأسبوعي عبر زيادة الحد الأقصى للسحب إلى 10 ملايين ليرة أسبوعياً لتأمين السيولة التشغيلية العاجلة. مع ضرورة إصلاح نظام التمويل والإنفاق بنموذج تمويل ثلاثي من خلال إنشاء صندوق تأمين صحي مدعوم من الدولة والمنظمات الدولية لتسديد جزء من الديون خلال 6 أشهر، وأن تراكم رصيد الصندوق بعد السداد يبقى ليغطي فروقات أسعار الخدمة الصحية مع الاشتراكات. ويمكن أن تكون المساهمات الحكومية نسبة ثابتة من إيرادات النفط أو الضرائب لتمويل التأمين الصحي، واشتراكات رمزية من المواطنين إضافة إلى دعم المنظمات الدولية.

وختم بالقول: إن إنقاذ النظام الصحي السوري يتطلب موازنة بين الإجراءات الطارئة (كتمويل الديون) والإصلاحات الهيكلية (كإعادة هيكلة التأمين). مثل النموذج الألماني في التمويل التشاركي، أو تجربة الأردن بإدارة الأزمات الصحية، قد تكون إرشادات مفيدة.

شارك