رغم اللمعان الباهر للذهب في واجهات المحال، يبدو أن الزبائن باتوا يكتفون بالنظر، فحركة الشراء شبه متوقفة، والحديث عن الذهب صار أقرب إلى الترف، ولاسيما في ظل ارتفاع الأسعار وأجور الصياغة التي تختلف من محل لآخر، ترهق مَن هم على أبواب الزواج.
في حديث مع المواطن أحمد، الذي كان يتجول في سوق الذهب دون نية للشراء، ذكر أن «أسعار الذهب فلكية، والصياغة تختلف بين محل وآخر، وحتى إن فكر المرء بشراء قطعة بسيطة، فالصياغة وحدها كفيلة بأن تحبطه، فمجرد التفكير بالذهب يشكل عبئاً نفسياً قبل أن يكون مادياً».
واجهات محال الذهب في اللاذقية للعرض أكثر من المبيع
أسباب وراء الارتفاع
تتقاطع آراء أغلب أصحاب محال الصياغة الذين التقتهم صحيفة “الحرية” بأن هناك عدة أسباب تقف وراء ارتفاع أجور التصنيع، أبرزها تكاليف تشغيل الورشات (من كهرباء ومعدات)، استيراد المواد الأولية بالدولار، تقلبات سعر الصرف… إلخ.
نقيب الصاغة في اللاذقية يوضح
رئيس نقابة الصاغة في اللاذقية مروان شريقي، أوضح أن ارتفاع سعر الذهب عالمياً، وهو أمر خارج عن سيطرتنا، أما بالنسبة للصياغة فهي تختلف من موديل لآخر.
بعض القطع فيها جهد وتفاصيل كثيرة، وبالتالي ترتفع أجرتها، بينما هناك موديلات بسيطة وقديمة وأجرتها قليلة، لكنها قد لا تواكب ذوق السوق الحالي، فشغل القطعة يحدد أجرة الصياغة، بسبب نسبة «الخياس» أكثر.
وأضاف شريقي في تصريح لصحيفة “الحرية”: الوضع الاقتصادي في البلد مستقر إلى حد ما، لكن أولويات المواطن تغيرت، اليوم يهتم بتأمين حاجاته الأساسية من طعام وشراب، وبعدها يفكر في الكماليات مثل الذهب.
وأشار إلى أن هناك أجرة صياغة لسعر غرام الذهب عيار 21 بحدود/50/ ألف ليرة، وأجرة صياغة عيار /18/ تصل لحدود /200/ ألف ليرة، فلكل موديل أجرة خاصة به.
وعن مسألة الفواتير، بيّن شريقي أن الزبائن غالباً ما يرفضون استلام الفاتورة بمجرد علمهم بوجود ضريبة عليها، معتبرين أنها عبء إضافي، رغم أنها ضمان لحقوقهم في الشراء.
الزواج من دون ذهب
الصحيفة أجرت استطلاعاً بين عدد من الشباب المقبلين على الزواج، حيث أكد معظمهم امتناعهم عن شراء الذهب كجزء من تكاليف الزواج، مفضلين إنفاق المبلغ في تجهيزات أكثر واقعية، ومعتبرين أن الزواج أهم من الذهب، في ظل ظروف اقتصادية باتت تضغط على كل تفاصيل الحياة.
أحدهم أضاف: “بتنا نتحدث مع أهل العروس منذ البداية، بالاكتفاء بخاتم بسيط، أو حتى من غير ذهب، لأن الأسعار لا ترحم”، والبعض الآخر يلجأ إلى بدائل رمزية.
لم يعد للادخار ولا للزينة
في ظل الأوضاع الحالية، بات الذهب رفاهية مؤجلة للمواطن، رغم محاولات السوق التكيّف، ورغم تنوع الخيارات والموديلات، وبعدما كان الذهب رمزاً للأمان المالي والاستقرار الأسري، لم يعد للادخار ولا حتى للزينة.
ويبدو أن سوق الذهب بحاجة إلى تنظيم أعمق، يحمي المواطن، ويضمن استمرارية المهنة في آن واحد.