سوريا على أعتاب تحول لوجستي شامل..خبير اقتصادي بحري يبشّر بعلامات فارقة في استثمار الموقع الجغرافي

 رأى الدكتور المهندس البحري سلمان ريا أنّ سوريا على أعتاب تحوّل لوجستي شامل.


في إشارة إلى الشراكة الإستراتيجية مع شركة CMA CGM لتعزيز البنية التحتية وإنشاء موانئ جافة بنموذج النقل المتعدد الوسائط.

* د. ريا: سوريا ستكون مركزاً لوجستياً إقليمياً يخدم حركة التجارة بين الشرق والغرب

نموذج اقتصادي لامركزي

و لفت د. ريا في تصريح خاص لصحيفتنا “الحرية” إلى أن هذه الخطوة تُجسّد انتقال سوريا نحو نموذج اقتصادي لامركزي أكثر كفاءة.. مشيداً بالإعلان عن توقيع مذكرة تفاهم إستراتيجية بين الهيئة العامة للمنافذ البحرية وشركة CMA CGM الفرنسية، وهي إحدى أكبر شركات الشحن والنقل البحري والخدمات اللوجستية في العالم، لإنشاء وتشغيل منظومة موانئ جافة متقدمة في مناطق حرة ذات طابع حيوي اقتصادي وتجاري.

نقطة انعطاف

ويرى الخبير الاقتصادي – البحري أن المذكرة التي تشمل إنشاء موانئ جافة في كل من المنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة ومنطقة عدرا الحرة في ريف دمشق، تمثل نقطة انعطاف في البنية التحتية الوطنية، عبر ربط الموانئ البحرية بالمراكز الصناعية الداخلية بوساطة نظام النقل المتعدد الوسائط، الذي يقوم على نقل البضائع باستخدام وسيلتين أو أكثر من وسائل النقل (بحرية، برية، سككية) تحت إدارة موحدة وعقد نقل موحّد (بوليصة موحدة)، ما يسمح بخفض التكاليف التشغيلية وتقليص زمن تسليم البضائع.

وأضاف د. ريا: هذا النموذج يتيح ما يُعرف بنقل البضائع “من الباب إلى الباب” (Door-to-Door Delivery)، وهو أسلوب حديث في اللوجستيات يضمن تسليم الشحنات من موقع المُصدّر إلى المستورد النهائي من دون الحاجة لتدخل المستفيد في إدارة عمليات النقل الوسيطة، ما يزيد الكفاءة التشغيلية ويحد من التأخيرات الناتجة عن تعدد المتعهدين.

* مرافئ جافة ونقطة انعطاف في البنية التحتية الوطنية

معايير عالمية

مشيراً إلى أنه من المقرر أن تتولى شركة CMA CGM تشغيل هذه الموانئ الجافة وفق أعلى المعايير العالمية، بما يشمل التخليص الجمركي، التخزين، والنقل البري والسككي، ضمن بيئة قانونية وتنظيمية جاذبة للمستثمرين الإقليميين والدوليين، مستفيدة من الامتيازات الجمركية والتشريعية التي توفرها المناطق الحرة السورية.

و يوضح الخبير أنّ هذا المشروع يتكامل مع عقد استثماري طويل الأجل أبرمته سوريا مع CMA CGM لتحديث وتوسيع محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية، بتمويل يصل إلى 230 مليون يورو، يُخصص الجزء الأكبر منه خلال السنوات الأربع الأولى لتطوير بنى تحتية قادرة على استقبال السفن الحديثة ذات الحمولة الكبيرة، بما يعزز من قدرة المرفأ على لعب دور محوري في حركة التجارة العابر للحدود.

* نموذج متقدم من الشراكة بين العام والخاص

شراكة إستراتيجية

ويؤكد د. ريا أنّ الصيغة التعاقدية التي اعتُمدت في هذه الاتفاقات تمثل نموذجاً متقدماً من الشراكة بين القطاع العام والخاص، حيث تضمن للدولة حصة تصاعدية من صافي الأرباح بعد خصم التكاليف التشغيلية بالكامل من طرف الشركة المستثمرة، مع إعادة ملكية الأصول والمنشآت إلى الدولة مجاناً عند انتهاء مدة الاستثمار، من دون منح أي امتيازات دائمة أو تنازل عن السيادة.

* انتقال البلاد إلى نماذج تشغيل حديثة تستند إلى تكامل سلاسل التوريد

رؤية وطنية

تأتي هذه الخطوات – برأي د. ريا – ضمن رؤية وطنية لإعادة تموضع سوريا كمركز لوجستي إقليمي يخدم حركة التجارة بين الشرق والغرب، ويستثمر موقعها الجغرافي الإستراتيجي في قلب الممرات الاقتصادية الدولية. وتُعزز هذه الإستراتيجية من اللامركزية الاقتصادية عبر توزيع المحاور اللوجستية على كامل الجغرافيا السورية، وتحويل المناطق الحرة إلى عقد تشغيلية ضمن شبكة متكاملة من الخدمات التجارية والنقل المتطور.

علامة فارقة

كما يرى د. ريا أنّ هذه المشاريع تمثل علامة فارقة في تطور قطاع النقل السوري، وتؤكد على انتقال البلاد إلى نماذج تشغيل حديثة تستند إلى تكامل سلاسل التوريد، ونقل المعرفة، وتوطين التكنولوجيا، في إطار سياسة انفتاح محسوبة تسعى إلى تحقيق الاستدامة الاقتصادية وتعزيز السيادة على الموارد الحيوية.

الحرية – نهى علي:

شارك