الاقتصاد السوري على أعتاب ولادة جديدة.. عودة ٣٠٠ معمل حكومي وزير الاقتصاد يكشف ملامح التحوّل بعد رفع العقوبات

أكّد وزير الاقتصاد والصناعة، الدكتور نضال الشعار، أن سوريا تعيش لحظة مفصلية من التحوّل الشامل، تستدعي إعادة صياغة المنظومة الاقتصادية والتشريعية بما يواكب تطلعات السوريين نحو الاستقرار والازدهار، وذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن فعاليات اليوم الثالث لقمة الإعلام العربي 2025 في دبي.

في تصريحاته، شدد الوزير الشعار على أن ما تشهده البلاد اليوم لا يُعد “إعادة إعمار لسوريا القديمة”، بل هو انطلاقة نحو بناء سوريا جديدة بمفاهيم اقتصادية وتنموية حديثة، قائلاً: “نحن لا نُرمم ما تهدّم، بل نؤسس لدولة جديدة، ولمنظومة اقتصادية قادرة على تجاوز الماضي والانطلاق نحو المستقبل”.

وأوضح أن النسيج الصناعي والتجاري الذي لطالما تميزت به سوريا عبر قرون، تعرض لتآكل كبير خلال العقود الستة الماضية، مضيفًا أن العمل جارٍٍ لإعادة بنائه من جذوره لا بترقيعه، وأن تقديرات الفرص الاستثمارية الحقيقية في سوريا الجديدة قد تتجاوز تريليون دولار، متخطية التقديرات السابقة التي قُدرت بنحو 400 مليار.

وأشار الشعار إلى أن رفع العقوبات أتاح فرصاً واسعة لجذب الاستثمارات، مؤكداً أن الحكومة شرعت بالفعل في توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع شركاء دوليين، وتعمل حالياً على تعديل القوانين الاقتصادية لتصبح أدوات تنموية أكثر فاعلية.

وكشف عن نية الحكومة إصدار قانون استثمار جديد، يوفّر ضمانات حقيقية للمستثمرين، ويحمي الملكية الخاصة ضمن إطار الدستور.

وأضاف أن الحكومة تسعى لتوفير بيئة استثمارية شفافة وعادلة، وتضع خريطة استثمارية تغطي القطاعات الحيوية، من السياحة إلى الصناعة والطاقة والبنية التحتية.

قال الشعار: إن توجه الحكومة اليوم يركز على تمكين القطاع الخاص من إدارة المصانع والقطاعات الإنتاجية، مع الحفاظ على حقوق الشعب السوري، مشيراً إلى أن الخصخصة لا تعني بيع الممتلكات العامة، بل إدارتها بشكل رشيد وفق نماذج عالمية مثل B.O.T وP.P.P. كما أعلن عن عودة أكثر من 300 مصنع حكومي للعمل، إلى جانب استئناف الإنتاج في مئات المنشآت الخاصة، لاسيما في حلب التي شهدت دخول خطوط إنتاج جديدة، ما يعكس عودة تدريجية للنشاط الصناعي في البلاد.

أشاد الوزير بروح التحدي لدى السوريين، لاسيما العائدين من الخارج، مؤكداً أن إطلاق طاقاتهم واستثمار مدخراتهم يشكل أولوية قصوى للحكومة، خاصة في ظل التحسن التدريجي في توفر السلع الأساسية وانخفاض الأسعار واستقرار سعر الصرف.

في ما يتعلق بالقطاع السياحي، كشف الشعار عن خطة وطنية شاملة لإعادة إحيائه، بالتعاون مع مطورين دوليين، مستشهداً بتجربة دبي كنموذج يُحتذى به.

وأوضح أن سوريا تفتح ذراعيها الآن للاستثمارات في السياحة والبنية التحتية، بعد سنوات من الإغلاق بسبب الحرب والدمار، وألمح الوزير إلى وجود دراسة لإعادة هيكلة النظام المالي، قد تشمل إصدار عملة جديدة أو اعتماد العملات الرقمية، في سياق تحديث شامل للقطاع المصرفي وتسهيل المعاملات.

أشاد الشعار بالتوجه التشاركي في صنع القرار ضمن الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، موضحاً أن الوزراء باتوا يعملون بحرية واستقلالية، وبأن القرارات تصدر علناً وبمشاركة أصحاب المصلحة، ما خفف من النقد وأعاد الثقة في الإدارة العامة.

أكد الشعار أن الحكومة لا تبيع أوهاماً للمواطنين، بل تسير بخطا مدروسة نحو خلق بيئة إنتاجية حقيقية، موضحاً أن محاربة الفقر تبدأ من إعادة الحياة للورشات والمصانع والمهن الصغيرة، وختم الوزير بالقول: “نحن لا نعيد بناء الماضي، بل نرسم المستقبل… سوريا اليوم ليست على هامش التاريخ، بل في قلبه، تصنع تجربتها الجديدة بثقة، وتتطلع إلى شراكات دولية حقيقية تعيد لها مكانتها”.

شارك