مشروع طاقوي ضخم يرسم تاريخاً جديداً لسوريا

في خطوة توصف بأنها الأضخم منذ سنوات، وقعت الحكومة اليوم مذكرة تفاهم استراتيجية مع تحالف استثماري تقوده مجموعة UCC القابضة القطرية، بمشاركة شركات من الولايات المتحدة وتركيا، لإعادة تجهيز البنية التحتية لقطاع الطاقة في سوريا، وذلك خلال مراسم رسمية جرت في قصر الشعب بدمشق بحضور رئيس الجمهورية أحمد الشرع وعدد من كبار المسؤولين وممثلي الشركات.

وجاءت هذه الخطوة بعد ترقب شعبي واسع واهتمام إعلامي كبير، إذ كانت وكالات الأنباء المحلية والعالمية قد تحدثت منذ يوم أمس عن “اتفاق مرتقب من شأنه أن يغير وجه سوريا ويشكل نقطة تحوّل في مسار إعادة الإعمار”..

الاتفاق الذي تبلغ قيمته 7 مليارات دولار، يشمل إعادة تأهيل الشبكة الكهربائية ومحطات توليد الطاقة التي تضررت خلال سنوات الحرب، إضافة إلى مشاريع جديدة في الطاقة المتجددة والغاز، بما يهدف إلى إعادة القطاع إلى ما كان عليه قبل عام 2011.

وبحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الطاقة ، فإن التحالف الاستثماري الذي تقوده مجموعة UCC ويضم شركات مثل أورباكون القابضة، وباور الدولية، وجنكيز للطاقة، وكاليون التركية للطاقة، سيباشر فوراً بوضع الدراسات التنفيذية، على أن يبدأ التنفيذ الفعلي خلال الربع الأول من العام القادم.

وأكد وزير الطاقة محمد البشير أن “ما نشهده اليوم ليس مجرد اتفاق اقتصادي، بل لحظة مفصلية تمثل انطلاقة جديدة لقطاع الطاقة في سوريا”، مشيراً إلى أن المشروع سيولد طاقة كهربائية تصل إلى 5000 ميغاواط، وسيسهم في دعم القطاعات الحيوية كالصناعة والتعليم والصحة.

يتضمن الاتفاق إنشاء أربع محطات تعمل بالغاز بنظام الدورة المركبة (CCGT) باستخدام أحدث التقنيات الأمريكية والأوروبية، بقدرة إجمالية تقدر بـ 4000 ميغاواط، إضافة إلى محطة طاقة شمسية ضخمة بقدرة 1000 ميغاواط ستكون – وفق التصريحات الرسمية – الأكبر من نوعها في منطقة الشرق الأوسط.

ويُتوقع أن يخلق المشروع أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة وما يصل إلى 250 ألف فرصة عمل غير مباشرة خلال مراحل الإنشاء والتشغيل، ما يعزز من انتعاش سوق العمل السوري في وقت تعاني فيه البلاد من نسب بطالة مرتفعة.

ويعد هذا الاتفاق أول استثمار اقتصادي بهذا الحجم بعد التغييرات التي طرأت على واقع العقوبات المفروضة على سوريا. وقد اعتبر مراقبون أن الاتفاق يمثل ترجمة عملية لانفتاح دولي على دمشق، وتجسيداً لتوجه عدد من الدول والشركات الكبرى نحو دعم مشاريع إعادة الإعمار بشكل مباشر.

وفي حديث مقتضب عقب مراسم التوقيع، أعرب المدير التنفيذي لمجموعة أورباكون، رامز الخياط، عن “تفاؤله بالشراكة طويلة الأمد مع الحكومة السورية”، مشيراً إلى أن الاتفاق “يشكل بداية جديدة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الطاقي لسوريا، وتوفير بيئة مستقرة للاستثمارات المستقبلية”.
تميزت مراسم التوقيع بحضور دبلوماسيين وممثلين عن عدة دول، من بينهم مبعوث أمريكي خاص إلى سوريا، مما يشير إلى غطاء سياسي واسع النطاق للاتفاق. ورغم عدم صدور تصريحات رسمية عن جميع الأطراف الدولية المشاركة، فإن وجودها في المناسبة يضيف بعداً استراتيجياً للحدث.

ومن المتوقع أن يتبع هذا الاتفاق سلسلة من المشاريع المشابهة في قطاعات أخرى، خصوصاً أن سوريا تحتاج إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية والمرافق العامة بعد أكثر من عقد من الحرب والعقوبات.

يشكل هذا الاتفاق علامة فارقة في مسار الاقتصاد السوري، وفرصة لإعادة بناء قطاع الطاقة على أسس حديثة، وبمشاركة شركاء دوليين يمتلكون الخبرة والموارد. كما يمثل رسالة إلى الداخل والخارج بأن مرحلة جديدة بدأت تتسم بعودة تدريجية للاستقرار والانفتاح على الاستثمارات.

شارك