الركود يخيّم على الأسواق السورية..  خبير اقتصادي يشخّص الأسباب ويقدم وصفته للحل

لم تخفف “أسواق العيد” من حالة الركود التي يشكو منها التجار، بالشكل الذي كان يتوقعه الجميع، الأمر الذي ترك الكثير من التساؤلات في الأوساط التجارية التي كانت تنتظر المناسبة لكسر حالة الجمود.

وفي تحليل أسباب ضعف المبيعات في الأسواق السورية وتأثيراتها الاقتصادية، يوافقنا الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، في أن الأسواق شهدت قبل عيد الأضحى ركودًا غير مسبوق، حيث لم تتمكن من تحقيق المبيعات المتوقعة رغم الحاجة الكبيرة لدى المواطنين للسلع الأساسية.

الغلاء الكبير ونقص السيولة وضعف القوة الشرائية للمواطن

ويرى د. قوشجي في تصريح لصحيفتنا “الحرية” أن هذا الركود يعود إلى مجموعة من العوامل المتشابكة التي أدت إلى ضعف القدرة الشرائية وانخفاض حجم التداول النقدي، ما أثر سلبًا على النشاط الاقتصادي.

انخفاض الدخل

أبرز هذه العوامل – برأي الخبير قوشجي-  انخفاض الدخل لدى 90% من السوريين.

ويضيف: يعيش أغلبية السوريين تحت ضغط مالي شديد، حيث تراجع دخل الأسر إلى مستويات متدنية بسبب ضعف الأجور مقارنة بارتفاع تكاليف المعيشة.

ارتفاع الأسعار

العامل الثاني برأي الخبير هو الغلاء الكبير في أسعار الغذاء والدواء والألبسة، فالارتفاع الحاد في الأسعار يعد من أكثر العوامل تأثيرًا على ضعف المبيعات.

مطلوب إزالة القيود التي تحد من مرونة العمل التجاري

إذ شهدت أسعار المواد الأساسية، مثل الغذاء والدواء والملابس، زيادات كبيرة تفوق قدرة المستهلكين على التحمل، نتيجة ترسخ الفكر الاحتكاري في السوق بدل الفكر التنافسي.

كما أن ضعف القدرة الشرائية أدى إلى انخفاض الطلب على هذه السلع، ما أثر على الحركة التجارية بشكل عام.

أزمة السيولة

العامل الثالث هو أزمة الرواتب وعدم توفر السيولة في البنوك.. فمن المشكلات الرئيسية التي أثرت على الإنفاق الاستهلاكي عدم تمكن الموظفين من استلام رواتبهم الضئيلة ومنحة السيد الرئيس بسبب نقص السيولة في البنوك، هذه الأزمة تعود إلى ضعف السياسات النقدية، واعتماد المصارف على أنظمة مالية غير فعالة في إدارة النقد المتاح.

تقييد السحب

ويرى د. قوشجي أن القيود المفروضة على عمليات السحب زادت من تعقيد المشكلة، ما حدّ من قدرة المواطنين العاملين في القطاع العام والخاص من الإنفاق على الاحتياجات الأساسية قبل العيد.

تدخل لم يحصل

أما العامل الرابع، فهو عدم تدخل وزارة الاقتصاد ومصرف سوريا المركزي بفاعلية.. فعلى الرغم من أن الأزمة الاقتصادية تتطلب حلولًا عاجلة، إلا أن التدخل الحكومي لم يكن كافيًا للحد من حجم المشكلة، ولم يتمكن مصرف سورية المركزي من اتخاذ إجراءات فعالة لتحسين السيولة النقدية أو ضبط التضخم، كما لم تضع وزارة الاقتصاد سياسات واضحة لدعم الأسواق المحلية، سواء عبر تخفيض الرسوم الجمركية أو تقديم تسهيلات مالية للتجار والمستهلكين.

لابد من آليات ضبط شفافة تمنع الاحتكار وتضمن عدم رفع الأسعار 

هذا الغياب عن المشهد الاقتصادي ترك الأسواق في حالة من الجمود، دون وجود حلول تُسهم في تحفيز النشاط التجاري أو تحسين القدرة الشرائية لدى المواطنين.

ويوضح د. قوشجي صحيح أن الحلول بعيدة المدى ضرورية، لكن هناك أيضًا إجراءات يمكن أن تحقق نتائج أكثر سرعة دون الحاجة إلى تغييرات هيكلية كبيرة.

مرونة وشفافية

وبرأيه توجد بعض الحلول المنطقية التي يمكن أن تساهم في زيادة متوسط دخل المواطنين وتحرير الأسواق لتخفيض الأسعار مثل: إزالة بعض القيود الإدارية التي تحدّ من قدرة التجار على استيراد السلع، ما يسهم في توفير المنتجات بأسعار أقل.

وتقليل الاحتكارات التجارية التي ترفع الأسعار، وذلك عبر دعم دخول منافسين جدد إلى السوق، وإنشاء آليات رقابية شفافة لضمان عدم التلاعب بالأسعار من قبل بعض التجار الذين يستغلون نقص العرض.

رفع الأجور

ويجزم  الخبير قوشجي بأن تحفيز الأسواق السورية وإعادة النشاط الاقتصادي يتطلب رفع الحد الأدنى للأجور بشكل ملح، لضمان تحقيق تعافٍ منطقي للاقتصاد السوري ينعكس إيجاباً على حياة المواطنين ويخفف معاناتهم.

شارك