الصناعة السورية والتحول التكنولوجي.. فرص وتحديات وعوامل النجاح تفتقد التأهيل والبنى التحتية

تواجه الصناعة السورية اليوم تحدّيات كبيرة في ظل نقص الأيدي العاملة والمواد الأولوية إلى جانب تدمير البُنية التحتية للمعامل والمنشآت، في ظل هذا الواقع وفي ظل التغييرات التي يشهدها العالم على صعيد التكنولوجيا وتوظيفها في خدمة القطاعات الاقتصادية، يرى خبراء أنه بات من الضروري أن تتبنى الصناعات السورية هذه التغييرات لتظل قادرة على المنافسة وتحقيق النجاح، ولاسيما أن التكنولوجيا الحديثة تسهم في تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف وزيادة الجودة وتعزيز القدرة التنافسية وتحقيق التنمية الاقتصادية.

التكنولوجيا الحديثة بمقدورها تشكيل الأنماط الصناعية التقليدية وتغيّر طريقة الإنتاج والتوزيع.. وحتى استهلاك السلع

ولدى سؤالنا كيف يمكن للتكنولوجيا أن تلعب دوراً في إعادة بناء الاقتصاد السوري وتحسين الإنتاجية؟ قدّم الخبير الاقتصادي فاخر القربي رؤية واسعة عن الثورة التكنولوجية وبإدراكها يُمكن إسقاطها على الصناعة السورية وتوظيف التكنولوجيا في خدمتها، قائلاً في تصريح لـ«الحرّية»: إن التكنولوجيا الحديثة أحدثت ثورة تقنية بمقدورها تشكيل الأنماط الصناعية التقليدية وغيّرت طريقة الإنتاج، التوزيع، وحتى استهلاك السلع، وهو ما أدى إلى ظهور صناعات جديدة، وتحسين كفاءة العمليات الصناعية، والتأثير على توزيع الصناعات مكانياً، وبالتالي يُنظر إلى التكنولوجيا الحديثة الآن على أنها المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي والابتكار الصناعي.

الآثار

تركت التكنولوجيا الحديثة آثارها على الأنماط الصناعية من خلال تحسين الكفاءة والإنتاجية، حيث أدى استخدام الآلات المتقدمة والروبوتات إلى تقليل الاعتماد على العمالة البشرية في المهام المتكررة والخطيرة، كما تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتحسين قرارات الإنتاج، ما يقلل من الهدر ويزيد من الكفاءة، حسب القربي، أضف إليه مساهمتها إلى حدِّ كبير في إعادة توزيع الصناعات مكانياً، فبفضل إنترنت الأشياء والاتصالات المتقدمة، لم تعد الصناعات بحاجة إلى التمركز في المناطق الحضرية الكبرى، بل يمكن الآن إنشاء مصانع ذكية في المناطق الريفية أو النائية.

الاعتماد على التكنولوجيا يبقى بعيد المنال إن لم يتوفر له رأس المال وشبكة اتصالات ودفع حكومي

وأضاف: تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد تقلل الحاجة إلى النقل، حيث يمكن تصنيع المنتجات محلياً، كما أدت التكنولوجيا الحديثة إلى ظهور صناعات رقمية بالكامل مثل صناعة البرمجيات، تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتصميم الأنظمة الذكية، إلى جانب أن التكنولوجيا البيئية (Green Tech) أصبحت قطاعاً صناعياً ناشئاً يعنى بتطوير تقنيات صديقة للبيئة.
لكن الاعتماد على التكنولوجيا يبقى بعيد المنال إن لم يتوفر له رأس المال وشبكة اتصالات ودفع حكومي، فالاستثمار في التكنولوجيا الحديثة يتطلب رأس مال كبيراً، ما يجعل الدول والشركات ذات الاقتصاد القوي أكثر قدرة على تبنيها، كما أن توفر شبكات اتصالات متقدمة، وكهرباء مستقرة يُعد ضرورياً لتشغيل المصانع الذكية، أضف إليه أن الحكومات التي تقدم دعماً للاستثمار في التكنولوجيا مثل الإعفاءات الضريبية والمنح البحثية تساهم في تسريع تبني التقنيات الحديثة.

يتطلب هذا التحوُل التغلب على العديد من التحدّيات المرتبطة باستخدام التكنولوجيا في الصناعة والتي تتطلب استراتيجيات متوازنة تهدف إلى تعزيز الابتكار الصناعي

تحدّيات

ومع ذلك، يتطلب هذا التحوُل التغلب على العديد من التحدّيات المرتبطة باستخدام التكنولوجيا في الصناعة، والتي تتطلب استراتيجيات متوازنة تهدف إلى تعزيز الابتكار الصناعي مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والبيئية، لاسيما أن التكنولوجيا مستقبلاً ستظل محوراً أساسياً في دفع عجلة التطور الصناعي وتحقيق التنمية المستدامة.
هذه التحدّيات يصنفها القربي على النحو التالي:
-التفاوت التكنولوجي: الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية تتزايد بسبب اختلاف القدرات على تبني التكنولوجيا الحديثة.
-التأثير البيئي: على الرغم من فوائد التكنولوجيا، إلا أن إنتاج الأجهزة الحديثة يتطلب استهلاكًا مكثفًا للموارد الطبيعية.
ويستعرض القربي مظاهر نتاج التكنولوجيا في المجال الصناعي:
-الصناعة التحويلية: استخدام الروبوتات في مصانع السيارات مثل«تيسلا» قلّل من الأخطاء وزاد من الإنتاجية.
-الصناعات اللوجستية: أنظمة الذكاء الاصطناعي في شركات مثل “أمازون” تستخدم لتحسين إدارة المخزون وسرعة التسليم.
-الصناعات البيئية: الشركات الناشئة مثل «SolarCity» تعمل على تطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية لتلبية احتياجات الصناعة.

شارك