أبقى مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار مقابل الليرة في البنوك عند 11,110 ليرة للبيع، و11,055 ليرة للشراء، وفقاً لآخر تحديث، وهو ثابت منذ أشهر في النشرات الرسمية.
ولكن بالمقابل شهد الدولار ارتفاعاً نسبياً أمام الليرة السورية في السوق الموازية (السوداء) وعليه يتم تداول السعر.
وبحسب مراقبين في الشأن الاقتصادي، فإن السوق الموازية مازالت أقل من المركزي، أو إذا صح التعبير يتقاربان بشكلٍ كبير، فمن يتحرك بعد ذلك وفق المركزي، باعتبار أن لديه مؤشرات خاصة لا تنشر للعلن.
لا مبرر
وتعليقاً على ذلك يقول الدكتور في العلوم المصرفية والمالية في جامعة القلمون والخبير الاقتصادي نهاد حيدر: لا يوجد أي مبرر لتغير سعر الصرف في السوق الموازية، ولكن الاقتصاد الذي يعاني من أزمات وفيه نوع من الهشاشة، كما في حالة الاقتصاد السوري، تكون حركة هامش سعر الصرف أعلى بقليل من غيره، فعملياً حركة سعر الصرف ضمن هامش محدد وليكن (+ – 5) بالمئة يكون طبيعي، وحتى في وضع اقتصادنا (+ – 10) بالمئة، أما البلدان الاقتصادية المستقرة أو في اتجاه محدد يكون هامش حساسية سعر الصرف فيها بسيط (+ – 1) أو 1,5 بالمئة يمكن أن تكون مشكلة في اقتصاديات هذه البلدان ولها أثر في حركة التجارة والأسعار.
وبالعودة إلى الوضع الاقتصادي غير المستقر في سوريا، يشير إلى أنه يوجد هامش صعود وهبوط، وهامش أمان لا يتحرك من خلاله المركزي، وهذه قاعدة مالية مرنة معروفة.ومن هنا ، والكلام لحيدر، فإن الـ5 بالمئة قد تكون طبيعية على 10 آلاف، أو إذا أصبح سعر الصرف 11 ألف ليرة سورية، ومن ثم انخفض إلى 9 آلاف، بين الـ 9 و11 ألف ليرة سورية طبيعي، ولا ننكر أن هامش الربح كبير وهذا مرتبط بالوضع الاقتصادي.
وعن دور المصرف المركزي في استقرار السعر، يقول: إن المركزي يراقب ثم يوجه ولا يرد على أي حركة تغيير، إن وجد أن هذه الحركة في التغيير طبيعية نتيجة ظروف اقتصادية تتماشى مع وضع البلد، فهنا لا مبرر لديه للتدخل، فحركة الاقتصاد والأسعار وسعر الصرف هذا هو المحدد له للتدخل.
وبرأي، دكتور العلوم المصرفية، إن إعادة الإعمار تزيد الطلب على القطع الأجنبي، وقد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار الذي هو فرق سعر الصرف، ولكن وضعت اللبنة الأساسية للبدء بالعديد من المشاريع، إلا أنه فعلياً لا يوجد شيء على أرض الواقع، أما الآن فإن المركزي إذا أراد التدخل، فمن خلال نشرة سعر الصرف الموجودة لديه، والتحكم بالسيولة النقدية ضمن السوق، ولكن نحن ليس لدينا معايير أو مؤشرات للوضع الحالي سوى سعر صرف المركزي الرسمي والثابت منذ 13/5/2025.
وبين أن “المركزي” لن يحركها إذا اقتنع أن التغيير في سعر الصرف عبارة عن حركة طبيعية أو ناتجة عن مضاربة وليست اقتصادية ويقول: وسطياً الأسعار ضمن الأسواق ارتفعت بحدود 10بالمئة وخاصةً في السلع المعمرة وهو نوع من الخوف عند التجار، علماً مع الارتفاع الطفيف للدولار من المفروض أن ترتفع بنسبة 5-6 بالمئة، أما الأسعار العامة تكاد تكون غير مؤثرة فعلياً على المستهلك.
مقومات
وينوه بأنه عندما نقول حاجز سعر الصرف تخطى الـ12 أو 13 ألف ليرة سورية، فهي لعبة مضاربات بين التجار في ظل غياب الرقابة ويعتبر كلام غير مقبول، فالسوق تحكمه مقومات دون التفكير بتخطي حاجز معين، وعندما نقول إن سعر الصرف في ظل المؤشرات الحالية يتجه تصاعدياً بدرجة بسيطة ولا يمكن أن يكون هذا حاجز التخطي بسبب صرف كتلة الرواتب والأجور مثلاً، ولا يمكن أن نوجه أصابع الاتهام بأن صرف كتلة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة والمتقاعدين هي التي حركت سعر الصرف.
ويتابع: من يراقب حركة الأسواق وفي أغلب المحافظات يجد أن الأسعار مرتفعة وخاصةً للمواد الاستهلاكية، وهذا مرتبط بزيادة الكتلة النقدية، لأن المركزي رفع سقف السحب لمليون ليرة سورية، وأن هذه الكتلة عملياً ستذهب للنفقات والمصاريف التي تحتاجها الأسرة، وليس للنفقات الاستثمارية، لكي تحرك سعر الصرف أو حتى الادخارية، فسعر الصرف عندما يكسر حاجزاً معيناً يكون في عمليات إعادة الإعمار قروض سكنية عندها سيكون هناك إقبال، لأن كميات هائلة من الأموال ستضخ في العقارات والسيارات، منوهاً بأنه اليوم السوق مليء بالسلع، فهناك عرض وفير ولكن الطلب خجول في ظل القدرة الشرائية الضعيفة وليس مطلوباً أن يزداد الإنتاج.
حصر سعر الصرف
الدكتور حيدر يختم حديثه بالقول: يجب ضبط السوق العشوائي والمتمثل ببسطات العملات التي توثر سلباً على سعر الصرف وتقوم بالمضاربة السلبية بالأسواق لسعر الصرف، أي يجب حصر وتغيير سعر الصرف عن طريق القنوات الرسمية التي هي أولاً البنوك، وثانياً شركات الصرافة بحدود مبالغ معينة، أما ما نشاهده بالأسواق من بسطات ومحلات وهي كثيرة جداً ستؤثر سلباً على سعر الصرف من دون أي مبرر، بسبب الجشع وتحقيق ربح، وإذا وجدت هذه الشريحة من تجار العملة أن هناك ركود في الأسواق فستلجأ إلى تحريكه عن طريق المضاربات.
من هنا.. على المصرف المركزي أن يلجأ إلى سلطته القانونية ويحد من تأثير هذه المضاربات وتأثيرها ونشاطها في الأسواق، ويبقى السؤال المفتوح.. ماذا عن الأيام القادمة إذا ما استمر سعر الصرف بالارتفاع؟.