324 مقسماً صناعياً جديداً في “الشيخ نجار الصناعية”

تعيش مدينة الشيخ نجار الصناعية في حلب مرحلة جديدة من النهوض، مع الإعلان عن طرح 324 مقسماً صناعياً ضمن المرحلة الثانية من الاكتتاب، وهي خطوة مهمة في إطار دعم بيئة الاستثمار وتشجيع إقامة مشاريع إنتاجية متنوعة، تعزز النشاط الصناعي وتساهم في توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، فضلاً عن دورها في تنشيط الاقتصاد المحلي والوطني.

أرضية لمرحلة أوسع

بحسب تصريح رئيس دائرة النافذة الواحدة في المدينة الصناعية بشار فتال، فإن المرحلة الأولى من الاكتتاب على المقاسم شهدت إقبالاً ملحوظاً من الصناعيين، حيث جرى تخصيص عشرات المقاسم لمستثمرين بادروا مباشرة إلى إطلاق أعمال تجهيز مصانعهم، مؤكداً أن الإدارة اعتمدت في هذه المرحلة حزمة من الإجراءات التنظيمية المبسطة، من أبرزها تفعيل خدمة النافذة الواحدة التي سمحت بإنجاز معاملات الترخيص والتسجيل في مكان واحد، إضافة إلى وضع آلية واضحة للتخصيص تراعي الأولويات والاحتياجات الفعلية للصناعيين.
ويضيف: لقد أثبتت التجربة أن الصناعيين يحتاجون إلى بيئة تنظيمية شفافة وواضحة، وهذا ما عملنا عليه، ومع المرحلة الثانية، نلمس رغبة أكبر من المستثمرين في العودة إلى حلب، والبدء بمشاريع جديدة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.

ثقة متجددة

خطوات الإدارة، كما يوضح عدد من الصناعيين، ساعدت على إعادة بناء الثقة التي تأثرت خلال سنوات الحرب، وأكدوا في أكثر من مناسبة أن ما شجعهم على العودة هو وضوح القوانين وسهولة الإجراءات، إذ لم يعد المستثمر مضطراً للتنقل بين عشرات الدوائر الرسمية، اليوم، وعبر النافذة الواحدة، تنجز كل المعاملات في وقت قصير، وهذا بحد ذاته إنجاز.
كما تؤكد إدارة المدينة أن هدفها لا يقتصر على بيع مقاسم أو تأجير مساحات، بل يتمثل في تهيئة بيئة صناعية متكاملة، قادرة على الاستمرار والنمو، مع مراعاة توفير خدمات البنى التحتية اللازمة، كالمياه والكهرباء والاتصالات، فضلاً عن التوسع في شبكات الطرق داخل المدينة.

عودة إلى الواجهة

لا يختلف اثنان على أن حلب كانت وما زالت العاصمة الاقتصادية لسوريا، وأن دورها الصناعي تراجع بشكل كبير خلال سنوات الحرب، ويرى مراقبون أن الخطوات الجارية في الشيخ نجار، تمثل بداية فعلية لاستعادة المدينة دورها الريادي، وخاصة أن حلب تمتلك كل المقومات، أهمها اليد العاملة الخبيرة، و الموقع الجغرافي الاستراتيجي، والإرث الصناعي العريق، وأن جلّ ما تحتاجه فقط هو دعم البنى التحتية وضمان استقرار التشريعات، وما طرح مئات المقاسم الصناعية بهذا الشكل المنظم، إلا رسالة واضحة أن حلب عائدة بقوة إلى خارطة الصناعة الإقليمية.

تحديات وفرص

رغم التفاؤل الكبير، لا تخفى التحديات التي لا تزال قائمة، وخصوصاً فيما يتعلق بتوفير الطاقة الكهربائية بشكل مستقر وبأسعار مناسبة، إضافة إلى الحاجة لتطوير شبكات النقل والربط اللوجستي مع المرافئ والأسواق الداخلية والخارجية.
ويشير عدد من الصناعيين إلى أن أكبر هاجس لدى الصناعيين اليوم هو الطاقة، ففي حال تم تأمين الكهرباء بشكل دائم، فإن الإنتاج سيزدهر، وستعود حلب كما كانت وأكثر.
في المقابل، تؤكد إدارة المدينة أنها تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية على وضع خطط لتأمين مصادر بديلة للطاقة، بما فيها الاعتماد على محطات توليد صغيرة وشبكات طاقة متجددة، وهو ما يعد ” توجهاً استراتيجياً ” لتأمين استدامة النشاط الصناعي.
لا يقتصر أثر هذا التوسع على الجانب الصناعي فحسب، بل يمتد ليشمل المجتمع المحلي ككل، فمع كل معمل جديد يفتتح، تتولّد فرص عمل جديدة للشباب، ويزداد الطلب على الخدمات المساندة، مثل النقل والمطاعم والمخازن، ما ينعكس إيجاباً على الدورة الاقتصادية بأكملها.
وتشير تقديرات أولية إلى أن المقاسم الـ 324 التي تم طرحها في المرحلة الثانية، يمكن أن توفر، عند استثمارها بالكامل، الآلاف من فرص العمل المباشرة، فضلاً عن آلاف الوظائف غير المباشرة في القطاعات المرتبطة.

طريق واعد

ما يجري حالياً في مدينة الشيخ نجار الصناعية ليس مجرد عملية تخصيص مقاسم، بل هو جزء من مشروع أكبر لإعادة بناء الاقتصاد السوري على أسس أكثر مرونة واستدامة، ورغم التحديات الكثيرة، فإن الإقبال الكبير من الصناعيين، الشباب منهم والمخضرمين، يثبت أن حلب قادرة على النهوض مجدداً، وأن الصناعة السورية ستستعيد مكانتها تدريجياً.
وبكلمات أحد الصناعيين المخضرمين: كل مقسم يخصص اليوم يعني بذرة مصنع جديد، وكل مصنع يعني عائلة تعود إلى الحياة بكرامة، هذه هي المعادلة التي تجعلنا متفائلين بمستقبل أفضل.

شارك