تُشكّل الحوافز والإعفاءات الضريبية أداة استراتيجية لدعم نمو الصناعة المحلية، ولا سيما في البلدان الخارجة من أزمات وحروب، لما لها من دور في إعادة إحياء الشركات والمعامل المدمرة.
وحين تُحسن الحكومة وضع قواعد ضريبية تتسم بالعدالة والشفافية، فإنها تضع الأساس لاقتصاد صناعي قوي قادر على تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز السيادة الاقتصادية على المدى الطويل.
نظام ضريبي جديد
يتضمن النظام الضريبي المرتقب في سوريا، إعفاءات وحوافز واسعة صُممت لدعم النمو الصناعي ومساعدة المنشآت على تجاوز التحديات، على حد تعبير وزير المالية محمد يسر برنية، الذي قال في تصريح صحفي، إن الحكومة تعمل على تقديم حزمة إعفاءات وحوافز مخصصة للمصانع المتضررة أو المدمرة، بهدف إعادة تأهيلها وتشغيلها، معتبراً أن إعادة دوران عجلة الإنتاج في هذه المنشآت تمثل أولوية لما لها من أثر مباشر في الاقتصاد الوطني وتشغيل اليد العاملة.
وأضاف برنية أن القطاع الصناعي مرّ بظروف قاسية خلال السنوات الماضية، إلا أن الدولة تفتح اليوم صفحة جديدة مع الصناعيين لإعادة بناء ما تهدّم وإحياء الصناعات التقليدية والتخصصية، مذكّراً بأن وزارة المالية قدّمت في 30 أيلول الماضي رؤية لضريبة متوازنة تحفّز النمو وتراعي مصلحة الخزينة العامة.
لكن، هل هذه الإعفاءات والحوافز كافية لإعادة تأهيل القطاع الصناعي المدمّر؟
يقول المحلل الاقتصادي سامر مصطفى، لصحيفة “الثورة السورية”، إن الحاجة أصبحت ملحة إلى سياسات اقتصادية فعّالة تعيد إحياء القطاع الصناعي، وفي مقدمتها الحوافز والإعفاءات الضريبية بوصفها أدوات أساسية لدعم الشركات المتضررة وتحفيز الاستثمار.
وأضاف مصطفى أن الحوافز الضريبية تلعب دوراً محورياً في تخفيف الأعباء المالية عن المنشآت الصناعية، خاصة تلك التي تعرضت للتدمير الجزئي أو الكلي خلال سنوات الصراع، فالإعفاء من ضرائب الدخل والأرباح، أو تخفيض الرسوم الجمركية على استيراد الآلات والمعدات، يسهم في تقليص تكاليف الإنتاج ويمنح الشركات قدرة أكبر على إعادة تشغيل خطوطها الإنتاجية وتحسين تنافسيتها في السوق المحلية.
تعزيز الاستقرار
يرى مصطفى أن الإعفاءات الضريبية تشكل عامل جذب مهماً للاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء، فحين يشعر المستثمر بوجود بيئة ضريبية مرنة ومستقرة، يزداد استعداده لضخ رؤوس الأموال في مشاريع صناعية جديدة أو في إعادة تأهيل المصانع المتضررة.
وهذا بدوره ينعكس إيجابياً على خلق فرص العمل، وتخفيض معدلات البطالة، وتحسين مستوى الدخل للأسر، ما يسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في مرحلة ما بعد التحرير.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن الحوافز الحكومية، مثل القروض الميسّرة والدعم الفني والإداري، إلى جانب الإعفاءات الضريبية، تساعد في تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد الأكثر تضرراً والأقل قدرة على تحمّل الخسائر، فدعم هذه الشركات يعزّز من تنويع القاعدة الإنتاجية ويحدّ من الاعتماد على الاستيراد، ما يساهم في تحسين الميزان التجاري ودعم العملة الوطنية.
لكن بحسب مصطفى، فإن نجاح سياسة الحوافز والإعفاءات الضريبية يتطلب إطاراً قانونياً واضحاً وشفافاً، يضمن توجيه هذه الامتيازات إلى القطاعات الأكثر تضرراً والأكثر قدرة على تحقيق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، كما يجب أن تكون هذه السياسات جزءاً من رؤية تنموية شاملة، تتكامل فيها الجوانب المالية مع إعادة الإعمار، وتطوير البنية التحتية، وتأهيل الكوادر البشرية.
