مفهوم الشركات القابضة
هي أداة اقتصادية وتجارية متقدمة، تتمثل بشركات أو كيانات تجارية هدفها الأساسي امتلاك وإدارة أسهم ، أو حصص بشركات أخرى بدلاً من إنتاج سلع وخدمات بشكل مباشر ، وتسيطر على قراراتها وتوجهاتها الإستراتيجية ، وبذلك تنوع استثماراتها وتقلل المخاطر التي تتعرض لها، وقد تمارس التشغيل مباشرة وتسمى بهذه الحالة الشركات المختلطة .
و هنا يشير الخبير الاقتصادي مروان زغيب إلى أن الحاجة السورية لهذا النموذج تنبع من؛ غياب الكيانات الاستثمارية الكبرى القادرة على إدارة مشاريع متعددة ، و تشتت رأس المال المحلي بين مشاريع صغيرة غير مترابطة, وارتفاع مستوى المخاطر الذي لا يحتمله المستثمر الفرد ، و اقتصاد مُنهك واستثمار متردد.
خبير اقتصادي: تمثل فرصة واقعية في حال إدماجها ضمن رؤية وطنية شاملة
فالاقتصاد السوري يعاني من ضعف السيولة النقدية في السوق المحلية، و- تآكل القدرة الشرائية وانكماش الطلب، إضافة إلى سيطرة المشاريع الصغيرة غير القابلة للتوسع، وغياب التمويل طويل الأجل، وفي هذا السياق، يرى زغيب أن’الاقتصاد السوري لم يعد يحتمل نماذج الاستثمار الفردي أو العائلي التقليدي، بل يحتاج إلى كيانات قادرة على امتصاص الصدمات’ .
هل تعتمد الشركات القابضة على رأس المال الخارجي فقط؟
يفنّد الخبير الاقتصادي “زغيب ” هذا الاعتقاد السائد، موضحًا أن الشركات القابضة يمكن أن تقوم على رؤوس أموال محلية لرجال أعمال داخل البلاد ، و مدّخرات السوريين في الخارج الراغبين بالاستثمار الآمن، و شراكات بين القطاع الخاص والمؤسسات المحلية ، و أموال غير منتجة في العقار والتجارة القصيرة الأجل ، مؤكداً أن المسألة ليست في مصدر المال، بل في طريقة تنظيمه وإدارته’ .
القابضة المحلية: خيار تنموي لا سياسي
وهنا علينا أن نحذّر من الارتهان غير المدروس لرأس المال الخارجي، ويؤكد زغيب أن الشركات القابضة المحلية تتميز بـ: فهم أعمق لخصوصية السوق السورية ، و ارتباط مباشر بالمجتمع المحلي ، مع التزام أكبر بالاستقرار الاقتصادي طويل الأجل ، و قدرة أعلى على تحقيق تنمية متوازنة.
الفائدة الحقيقية للشركات القابضة على الاقتصاد السوري؟
وبحسب زغيب يمكننا أن نعدد الفوائد المتوقعة على مستويات متعددة منها الاقتصادي ، كتحريك رأس المال الراكد وتحويله إلى استثمار منتج ، و تحسين كفاءة توزيع الموارد ، و تقليل الاعتماد على الاقتصاد الريعي ، أما اجتماعيًا فتساعد على خلق فرص عمل مستقرة، و رفع مستوى الحوكمة والإدارة ، و الحدّ من الفوضى الاستثمارية.
أما في مجال إعادة الإعمار فتساعد الشركات القابضة على إدارة مشاريع كبيرة دون تفتيت ، و ضبط العلاقة بين الدولة والمستثمر ، و منع الاحتكار الفردي، ويؤكد زغيب أن ‘القضية ليست في حجم الأموال، بل في شكل التنظيم’ .
المخاطر المحتملة وكيفية ضبطها
بالرغم من الإيجابيات المتعددة إلّا أنّ الخبير الاقتصادي يشير إلى مخاطر حقيقية، أبرزها: تحوّل الشركات القابضة إلى أدوات احتكار، و ضعف الشفافية المالية ، وغياب الرقابة الفعالة ، والحد من هذه المخاطر يتطلب تشريعًا واضحًا ينظم عمل الشركات القابضة، و قوانين منافسة صارمة ، مع إلزامية الإفصاح المالي ، و رقابة مستقلة وفعالة.
خلاصة
الشركات القابضة ليست حلًا سحريًا، لكنها تمثل فرصة اقتصادية واقعية في حال إدماجها ضمن رؤية وطنية شاملة لإعادة بناء الاقتصاد السوري.
