استبشر الكثير من السوريين والمتابعين للشأن الاقتصادي خيراً بالملتقيات الاقتصادية المشتركة مع الدول العربية التي أقيمت مؤخراً خلال العام الحالي، مع دول مختلفة منها العراق وإيران وسلطنة عمان، وخاصة أن مخرجات هذه الملتقيات كانت تتحدث عن الكثير من الاتفاقيات التي جرى توقيعها للاستثمار بمجالات متعددة أهمها الطاقة، ولكن الأهم من ذلك هو مدى سرعة الإنجاز في تطبيق هذه الاتفاقيات، واستعداد الجانب السوري لها، وخاصة بالجزء المتعلق بالاستثمار على الأراضي السورية.
مدير عام هيئة الاستثمار السورية مدين دياب، بيّن في تصريح خاص لـ«الوطن» أن جميع الاتفاقيات الموقعة نتجت عن اجتماعات لجان مشتركة، وأُعِدَّ لها برنامج تنفيذي واضح وضمن إطار زمني محدد، وتنوعت المجالات ذات الاهتمام المشترك، فمع العراق مثلاً نص الحوار على التعاون في مجالات تختص بقطاعات الصحة والتجارة والتعليم والاقتصاد والاستثمار والمعارض الداخلية والخارجية والصناعة والزراعة والموارد المائية والسياحة، وتوقيع مذكرات تفاهم في قطاعات مختلفة، وجرى تتبع تنفيذ اتفاقيات سابقة في مجال الصناعة وغيرها، ومناقشة قضايا التعاون المشترك في العديد من المجالات.
وتابع: «فيما كانت آفاق التعاون مع إيران شاملة وإستراتيجية شملت العديد من المجالات أهمها الزراعة والنقل والطيران المدني وغيرها، حيث شكل الملتقى الثنائي الذي عقد في نيسان الماضي فرصة مهمة للتعرف من قبل ممثلي قطاع الأعمال على معوقات تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية والاطلاع على البيئة القانونية التي تساعد على تعزيز التعاون بين البلدين، خاصة مع الرغبة المشتركة لدى الطرفين للارتقاء بالعلاقات في القطاعين الحكومي والخاص، وتم الاتفاق على تطوير التعاون في مجالات الطاقة والكهرباء والنفط والسياحة والثقافة والتأمين والمصارف والجمارك»، فيما نتج عن اجتماع اللجنة المشتركة السورية العمانية الذي عقد في العاصمة مسقط توقيع 3 مذكرات تفاهم ووضع برنامج تنفيذي لها في مجالات الإعلام والمشاريع بما يشجع الاستثمار على صعيد المؤسسات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والأنشطة البحرية.
وفي سياق متصل، أشار دياب إلى التشجيع والتركيز على الاستثمارات في قطاع الزراعة وتربية الحيوان، وقطاع الصناعات الغذائية القائمة على الإنتاج الزراعي، وقطاع توليد الكهرباء بالطاقات المتجددة والبديلة، لافتاً إلى استعداد الجانب السوري لمناقشة أي مشاريع جديدة يتقدم بها المستثمرون، وكل ما من شأنه إنشاء شراكات عربية وتعزيز أشكال التعاون بين سورية والبلاد العربية، بما يحقق التكامل الاقتصادي العربي ويسمح بتدفق رؤوس الأموال الاستثمارية بسهولة.
وبيّن دياب أنه جرى طرح العديد من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات وصل عددها إلى 60 فرصة موزعة على 8 محافظات، تشمل فرصاً استثمارية في قطاعات الصناعة (التحويلية والاستخراجية)، وقطاع توليد الكهرباء والزراعة وتربية الحيوان وقطاع السياحة، تكمن أهميتها في كونها تلعب دوراً مهماً وأساسياً في تغطية الاحتياجات المحلية من المواد اللازمة في مرحلة إعادة الإعمار وتأمين المدخلات للعديد من القطاعات الأخرى ذات الأولوية والأهمية، بحيث يتحقق منها الاكتفاء الذاتي، وتأمين مستلزمات إقامة زراعة مستدامة وتحقيق الأمن الغذائي والدوائي وتأمين مستلزمات إعادة الإعمار، وإقامة صناعات محلية تلبي الاحتياج وتدعم القدرة التصديرية، إضافة إلى زيادة مصادر الكهرباء عن طريق الطاقات المتجددة، لافتاً إلى أن هذه الفرص تتميز بتوافر المادة الأولية اللازمة بكثرة وبكميات كبيرة وبمواصفات عالية، وكذلك البنية التحتية اللازمة لإقامة المشروع، بما يسهم في خفض تكلفة الاستثمار بشكل كبير وتمكين الصناعات من مواجهة ارتفاع كلف المواد الأولية والمدخلات الأخرى للصناعة، وهو ما يدعم تنافسية المنتج المحلي من ناحية انخفاض تكلفته وجودة مكوناته.
وحول أهم الفرص المطروحة من الجانب السوري، أشار دياب إلى أنها متعددة فمنها استثمار صخور السجيل الزيتي في محافظة حلب لإنتاج الطاقة الكهربائية والزيت والغاز، المنتجات البتروكيميائية والإسفلت ومواد الإسمنت وغيرها، وفرصة أخرى لصناعة مادة السيليكا المهمة من الرمال الكوارتزية في محافظة حمص، وإنتاج الملح الطبي (كلوريد الصوديوم) في دير الزور لاستخدامات طبية محلية كالحقن الوريدي والتعقيم وقطرات العين، وغير ذلك، إضافة إلى فرصة لإنتاج حراريات المغنيزيا في اللاذقية لتبطين أفران معامل الحديد والصلب ومعامل الإسمنت والسيراميك، كما تم أيضاً طرح فرصتين استثماريتين في المدينة الصناعية بالشيخ نجار في حلب لتصنيع الأجهزة والأدوات الطبية لزوم العيادات والمشافي، وتصنيع الأحبار اللازمة للطباعة، وتربية الماعز الشامي والأبقار والعجول وزراعة النباتات الطبية في محافظة القنيطرة، وإقامة منشأة دواجن متكاملة وتصنيع وتجميع ألواح الطاقة الشمسية في محافظة حماة.
الوطن