تنتظر سوق الأدوية في سورية ارتفاعاً مرتقباً، حيث كَثُر الحديث بخصوص ذلك في الأيام الأخيرة، علماً أنه لم يمضِ على رفعها مدة طويلة، وبنسبة وصلت لأكثر من 50% – 80%، بل وأكثر لبعض الأصناف الدوائية. ويأتي ذلك بحجة استمرار توفيرها في الأسواق، وتماشياً مع ارتفاع سعر الصرف وفق نشرة المصرف المركزي.
لا شك أن رفع أسعار الأدوية بأي نسبة كانت لن يكون في صالح المواطن المريض بالأصل بحمى الأسعار التي طالت كل شيء، وخاصة المواد الغذائية وغيرها من احتياجات المعيشة ومتطلبات الحياة اليومية. وأمام ضعف الرواتب والأجور سوف يتحول الدواء إلى داء، وسيفتح ذلك الباب لبيع الأدوية على البسطات التي انتشرت مؤحراً وتلاقي إقبالاً من الناس لرخص أسعارها، علماً أن أغلبها مهرب وغير معروف المصدر، وربما منتهي الصلاحية، ما يعني أنها ستضر أكثر مما تفيد!.
وما يُزعج أن العديد من الصيدليات، ومع سريان خبر رفع الأسعار، بدأت بتخزين الأدوية ورفض بيعها للمرضى. ومن يطلبها يقال له بكل بساطة، ودون خوف من الرقابة، إن الدواء غير موجود، بل وصل الأمر ببعض الصيادلة إلى “الدق على صدورهم” وسعيهم لتأمين الدواء للمريض المضطر عن طريق المعارف، ولكن بسعر مضاعف بحجة أنه مفقود! والملاحظ أنه، وحتى في الأحوال العادية، غالباً ما يكون سعر الأدوية أعلى من السعر المحدد من وزارة الصحة.
ندرك أن صناعة الأدوية وانتاجها يحتاج لتكاليف كبيرة تدفع الشركات باستمرار للمطالبة برفع أسعارها تجنباً للخسارة أو الاضطرار لقفل أبوابها وتسريح كوادرها، ولكن بذات الوقت المفروض أن يُؤخذ الوضع الإقتصادي للمواطن بالاعتبار، فالشركات قد تتحمل بعض الخسائر، أما المريض فلا قدرة له على التحمل، فهناك أدوية قد يبلغ سعرها أكثر من راتب موظف!
بالمختصر، الدواء ليس سلعة تباع كأي مادة غذائية، وإنما هو حاجة ضرورية وحق لكل مواطن ومن المفروض أن يتم توفيره وبأسعار مناسبة، وعلى وزارة الصحة ونقابة الصيادلة إيجاد صيغة مناسبة، أهمها زيادة جرعة الدعم للصناعة الدوائية، فغير مقبول أبداً أن يخضع الدواء للمضاربة التي تستنزف الجيوب وتعصف بالحالة الصحية للمرضى، وخاصة أدوية الأمراض المزمنة والخبيثة، فالمفروض أن نشعر بوجع وآلام المرضى ومحاسبة كل من يتعامل مع الدواء بطريقة “البزنس” لأن الأمن الدوائي خط أحمر!.
البعث