تتجه معظم الجهود العالمية لكسر هيمنة الدولار عالمياً، واتخاذ قواعد تداول جديدة ضمن سلة عملاتها. اللافت هو تحرك تجمع دول «البريكس» والذي أعلن مؤخراً انضمام دول جديدة له متخذاً قرارات لها وقعها في الاقتصاد وخاصة أن معظم دول «البريكس» سواء الأساسية أم المنضمة حديثاً لها من الدول الصديقة لسورية، فكيف سيستفيد الاقتصاد السوري من هذا التحرك وهل فعلاً سيكون هناك عملات جديدة تكبح جماح الدولار الأميركي؟
الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية بين أن دول البريكس حالياً عددها خمس دول وتمت الموافقة الرسمية لهذه القمة مؤخراً على ضم 6 دول جديدة، ثلاث منها عربية (السعودية ومصر والإمارات)، وهي خطوة جيدة بالنسبة لتجمع البريكس بتنوع الدول المنضمة وزيادة عددها، فالسعودية دولة نفطية ومستقرة اقتصادياً، كذلك الإمارات تضم اتحاد دول مستقرة اقتصادياً، ومصر من القارة الإفريقية، فالملاحظ هو التنوع الذي يقصده هذا الاتحاد.
وأوضح فضلية في تصريح خاص لـ«الوطن» أن قوة البريكس زادت وبالتالي تأثيرها سيصبح أكبر، ومن ناحية أخرى هناك طلبات مقدمة تُدرس للانضمام للاتحاد تقريباً وصل عددها لـ(22) دولة، وغالباً ستتم الموافقة عليها في القمة القادمة، فالبريكس في مرحلة نمو، وهو سيؤدي بالتأكيد لتحجيم هيمنة دور الدولار الأميركي كعملة تداول دولية.
وأشار فضلية إلى أنه ضمن اجتماع المجموعة الأخير تم الإعلان عن نقطتين مهمتين الأولى صرح بها الرئيس الروسي أنه يجب تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي ضمن العلاقات الاقتصادية بين دول الاتحاد، بالتالي تقليص دوره، والنقطة الثانية تجلت بتصريح رئيس جنوب إفريقيا أن دول البريكس ستسعى للتعامل مع بعضها بعملاتها الوطنية، وإذا فرضا أن هناك دولاً جديدة دخلت للاتحاد وأخرى ستدخل فيه هذا يعني توسع نطاق زيادة حجم التعامل بالعملات الوطنية وتقليص دور الدولار بشكل غير مباشر وهو ما سيؤدي بالمستقبل المتوسط والطويل إلى تحجيم دور الدولار وكسر هيمنته.
ولفت فضلية إلى أهمية إعلان اتحاد البريكس حول نيتها لإصدار عملة تستند إلى الذهب، أي سيكون هناك بديل للدولار كعملة تداول موحدة، مشيراً إلى أن قرار التعامل بعملات الاتحاد الوطنية الأخرى كاليورو والروبل والروبيه واليوان وغيرها سيكون معقداً وليس سهلاً، بالتالي إيجاد عملة موحدة للتعامل ضمن البريكس سيؤدي حتماً إلى تقليص أشد لهيمنة الدولار الأميركي.
وأكد فضلية أن هذه المؤشرات والنيات التي يقوم بها اتحاد دول البريكس لن يظهر أثره بشكل مباشر أو فوري بل يحتاج لسنين وعمل تراكمي، وخاصة بما يخص العملة الموحدة فهو يتطلب دراسات اقتصادية ونقدية ومالية ولها علاقة كذلك بالإنتاج السلعي، لكن الخطوة بدأت، موضحاً أن نية دول البريكس موجودة بخطوات عمل مدروسة ومرتبة والدليل اقتراح الصين الأخير أن يتم اعتماد الروبيه الهندي كعملة تداول بين دول مجموعة البريكس، كمرحلة من ضمن المراحل المؤقتة ضمن عملها في كسر هيمنة الدولار، وهو ما تشعر به الدول الغربية اليوم وخاصة أميركا في التغير الاقتصادي والسياسي والنقدي، فدول البريكس تحتوي على دول من مشارب سياسية مختلفة لخلق تكتل جديد يخطط أن يكون بديلاً لعالم القطب الواحد الذي تقوده أميركا.
وفيما يخص الوضع الاقتصادي في سورية بين فضلية أن الأثر يتجلى لكون سورية دولة صديقة لمعظم دول البريكس، وبالنسبة للمعونات التنموية لدول البريكس الخاصة ببنك التنمية، والذي تم تأسيسه منذ عدة سنوات برأس مال ما يقارب 50 مليار دولار، وهذا البنك سيساعد عن طريق الإقراض والتسهيلات لدول أعضاء البريكس والدول الصديقة بما فيها سورية.
وشدد فضلية أن الخطوة التالية لسورية يجب أن تكون بسعيها لتصبح ضمن الاتحاد، وعلاقة سورية مع دول البريكس كدول متفرقة جيدة وهو يتطلب دراسات وظروفاً اقتصادية أفضل ليتم قبول طلب الانضمام.
الوطن