اتفق عدد من السائقين الذين التقيناهم على رأي واحد حول وجود مشكلة في الزيوت المعدنية مؤكدين وجود نقص في الزيوت على الرغم من اختلاف أنواع سياراتهم من حيث سنة الصنع أو فئة السيارة واستطاعتها، حيث تحتاج كل سيارة إلى إضافة أو إضافتين ما بين غيار الزيت و الآخر بسبب النقص في زيت المحرك.
شكوى أصحاب السيارات دعمها عدد من أصحاب المشاحم وورش تغيير زيوت السيارات، فيما قال البعض منهم: إنهم لم يلحظوا ذلك باعتبار أن مالكي السيارات يضعون عبوات زيت في سياراتهم ويقومون بإضافة الزيت لتعويض النقص، وللإشارة إلى حجم المشكلة وجدنا أن ستة سائقين يضعون عبوة زيت احتياطية في سياراتهم من أصل تسعة سائقين سألناهم عن الموضوع.
المواصفة حسب العمولة
وفيما يخص رأي أصحاب المشاحم حول نوعية الزيوت وجودتها كانت الآراء متباينة، فكل شخص يُشيد بالنوع الذي يعتمده، ولكن أحد العاملين في المشاحم اختصر الأمر بجملة واحدة ربما هي الأقرب للواقع الحقيقي حيث قال: “كل مشحم يأخذ عمولة من الموزّع وعليه يروّج لنوع الزيت الذي حصل على عمولة من وكيله، وإذا أتى موزّع آخر وأعطى عمولة أعلى سيروّج له، فالموضوع ليس جودة وإنما عمولات”.
تغطي ٧٠ %
ولدى السؤال عن الزيوت المعدنية التي يُنتجها معمل مزج الزيوت بحمص، فكان هنالك شبه إجماع على جودته، ولكن عدم استقرار توفره وتوزيعه بانتظام وعدم منح عمولات للمشاحم يقلل من اعتمادهم عليه أو تشجيع الزبون على استخدامه، بل على العكس هناك مَن يحاول الإساءة وينصح بعدم استخدامه، والسبب طبعاً لما سبق ذكره.
الجهات الرسمية تعتمد زيوت سادكوب لكل آلياتها- حسب تأكيد عدد من رؤساء المرائب الذين التقيناهم، ويصفون زيوت سادكوب بالممتاز.
الاحتياج الكلي ٧٠ ألف طن سنوياً
وفي المتابعة لموضوع الزيوت المعدنية تبيّن أن الاحتياج الكامل لسورية من الزيوت (آلات صناعية ومحركات) يقارب 70 ألف طن سنوياً، والرقم كان قبل الأزمة بحدود 150 ألف طن، هذه الكمية يتم تأمينها عن طريق معمل مزج الزيوت في حمص، إضافة إلى ما يُنتجه 14 معملاً خاصاً مرخّصاً بشكل رسمي.. والسؤال هنا مَن يضبط ويراقب عمل هذه المعامل؟
مسموح بتبخّر ١٤%
مدير معمل مزج الزيوت في حمص الدكتور صبحي حسن بيّن في حديث لـ “الثورة ” أن معمل مزج الزيوت يؤمّن حوالي 70 % من حاجة المحافظات من الزيوت المعدنية ويتولّى القطاع الخاص تأمين الباقي.
وتابع بالقول: “معمل الزيوت يُنتج 54 نوعاً بأفضل المواصفات، وهناك اختبارات دائمة لنوعية الزيوت المُنتجة التي تصلح لكافة الآليات.
وعن سبب نقص الزيوت في المحركات والآلات قال الدكتور حسن: كل زيت مُنتَج مسموح بنسبة تبخّر 14 %، يعني كل غيار زيت لأي سيارة ممكن أن يتبخر 300 إلى 400 غرام حسب كمية الزيت التي تأخذها السيارة، بالإضافة إلى عوامل أخرى تؤدي إلى تبخّر الزيوت مثل (عمر المُحرك، حركة الآليات، الوقود والزيوت المستعملة).
وعن مراقبة الأسواق وضبطها أوضح الدكتور حسن أن المَعني بمراقبة الأسواق لجهة المواصفة والأسعار هي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتعاون مع معمل مزج الزيوت والبحوث العلمية، حيث تنفّذ جولات بشكل دائم على الأسواق ويتم سحب العينات ويجري اختبارها في مخبر معمل الزيوت بالنسبة لحمص وحلب والمنطقة الشمالية، أما دمشق وريفها والمنطقة الجنوبية فيتم اختبارها في مخبر البحوث العلمية.
تهريب وغش
ما علمناه من خلال مصادرنا ومتابعتنا للموضوع أن هناك تهريباً للزيوت عبر الحدود، وتكريراً للزيوت المحروقة بطرق بدائية يعتمد على سحب اللون من الزيوت المحروقة وتنقية الشوائب الميكانيكية فقط، فيما تحتاج هذه العملية لتكنولوجيا متقدمة، والخلل الأكبر يتجسد في اعتماد وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على مخابر لا تمتلك إمكانية تحليل واختبار الزيوت، وبالتالي النتائج غير مضمونة وربما يفسّر ذلك وجود زيوت بمواصفات سيئة.
أخيراً يمكن القول: إنه ثمة مشكلتان أساسيتان في نوعية الزيوت المعدنية الموجودة في سورية، الأولى تتعلق بالسماح لمعامل لا تمتلك تكنولوجيا هذه الصناعة المعقّدة، وثانياً بمراقبة وضبط الأسواق واعتماد مخابر متقدّمة تمتلك إمكانية التحليل، وأخيراً في مراجعة المواصفة السورية للزيوت المعدنية.
الثورة