رغم الهدوء والاستقرار في سعر صرف الليرة أمام الدولار، لا تزال الأسعار في الأسواق لجميع المنتجات مرتفعة، وخاصة بتأثيرها السلبي على ذوي الدخل المحدود، على عكس ما يُشاع أن الأسعار انخفضت عن الفترة السابقة، وهو ما يؤكده المواطن، المعنيّ الأول والأخير بأي انخفاض ملموس، إلا أنه على أرض الواقع لم يتحقق ذلك!
بينما يجد التّجار أن التخبّط وفوضى الأسعار الحاصلة في الأسواق، واختلافها بين مكان وآخر، سببه عدم وضوح الخطة الاقتصادية، وارتفاع موارد المحروقات والنقل والطاقة بشكل مستمر، إلى جانب اعتراف المصرف المركزي بالسعر الحقيقي لسعر الصرف مقابل الليرة السورية.
بدوره عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق يرى أن هناك عوامل كثيرة لا تزال تلعب في ارتفاع سعر المواد، منها التقييدات الموجودة في الاستيراد رغم وضع بعض الحلول والتسهيلات الجزئية لذلك، إلا أن تأثيرها لا يزال محدوداً، حيث لا يزال هناك فجوة بين سعر النشرة التموينية وتكاليف المنتج الحقيقية، وهو ما يجعل المواطن إلى الآن تائهاً في الأسواق واضعاً الحق على التاجر، في حين أن الأسعار المقدّمة حسب هذه اللوائح السعرية لا تزال غير حقيقية، والمواطن حين يراها يجد أن هناك شرخاً كبيراً بين أسعار النشرة التموينية وأسعار السوق، وكأن دوائر التسعير لا تعرف القيم الحقيقية للمنتجات أو السلع، وتجد مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اختلاف السعر بين تاجر وآخر وفوضى الأسواق بالتسعيرة، أنه لا يوجد أي مبرّر لأي تاجر أو بائع بعدم تقيده بالنشرة التموينية الصادرة عن الوزارة التجارة الداخلية، خاصة وأن التسعيرة تتمّ بالتنسيق والتشارك مع كل الفعاليات وكبار المنتجين والمستوردين، مبينةً أن النشرة التموينية تصدر وفق تكاليفها الفعلية الحقيقية لتكون رادعاً لكلّ الفعاليات التجارية، حيث إن الظروف الاقتصادية الحالية التي تمرّ بها البلاد، هو ما جعل الدولة تتدخل بالتسعير وتضع بالتالي ضوابط سعرية لكلّ المواد والسلع المطروحة في الأسواق، وعليه صدر المرسوم رقم ٨ الذي أخضع جميع المواد والخدمات المطروحة بالأسواق الداخلية إلى هوامش الأرباح المقصود بها التكلفة زائد هامش ربح.
ويعتبر الخبير الاقتصادي جورج خزام أن الأسعار ما تزال مرتفعة بسبب وجود منصة التمويل المقيدة للبضائع، مشيراً إلى أن ارتفاع المحروقات بالفترة السابقة وما زال إلى الآن زاد من هذا الشرخ، وزاد من تكاليف الإنتاج وارتفاع بأسعار البضائع بنسبة كبيرة وارتفاع سعر الصرف الدولار مقابل الليرة. وبيّن خزام أن اختلاف التكاليف النهائية للبضاعة، وبالتالي تغيّر واختلاف التكاليف الموضوعة بالسلعة بين مختلف الحلقات التجارية، سواء كان بائع مفرق أو جملة، أو بين كل محل تجاري وآخر، يجعل من توحيد السعر أمراً صعباً للغاية وغير متساوٍ وعادل.
من جهتها طالبت جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها بإشراكها في التسعير المركزي، لكن لا نتيجة لذلك حتى الآن، كون مشاركة جمعية حماية المستهلك في التسعير، حسب قولها، سيجعلها أكثر دراية ومعرفة بواقع الأسواق والأسعار، لأن السوق السوداء والاحتكار ما يزالان موجودين ولم يتمّ ضبطهما بعد، ففي كلّ مرة تسعى الجمعية وتطالب وزارة التموين بتوفير المواد المدعومة مثل الغاز والمازوت، ذلك أن عدم توفر هاتين المادتين قد خلق سوقاً سوداء وأدى لانفلات بالأسعار وعدم انضباطها، دالة في الوقت نفسه، على أن مشكلة ارتفاع الأسعار في الأسواق أكبر من استطاعة وزارة التموين في ظلّ الظروف الحالية وهي غير قادرة على ضبط الأسعار، خاصة وأن هناك شرخاً كبيراً بين النشرة التموينية والواقع لدرجة أصبحت أسعار المواد في الدول المجاورة أرخص من أسعارها في أسواقنا المحلية.