أكد رئيس مجلس الوزراء محمد غازي الجلالي خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت يوم أمس ضرورة التفكير من خارج الصندوق في معالجة الإشكاليات التي يعاني منها المواطنون، ما يفترض العودة إلى جذور هذه الإشكاليات وعدم الاكتفاء بمعالجة آثارها.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية لتنظيم ملف النقل الجماعي، يقول الدكتور الجلالي: إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في كيفية تسعير المشتقات النفطية التي تخلق أسواقاً موازية للاتجار بهذه المشتقات تفوق الأرباح الناتجة عن القيام بخدمات النقل.
وأشار الجلالي إلى أن استقرار بعض السياسات الاقتصادية والخدمية خلال سنوات أو عقود سابقة لا يعفي الحكومة من مسؤولية نقدها وتجاوزها بأسرع وقت ممكن متى كانت المصلحة الوطنية في ذلك، موضحاً أن هذا التوجه لا يرتبط فقط بملف الدعم والتسعير بل يمتد ليشمل الخدمات كافة التي تقدمها الحكومة، وكلف وزارة التعليم العالي بإعادة دراسة تمويل الموفدين وضرورة تعزيز منظومة التعليم الوطني لتكون أكثر إنتاجية وفاعلية على سبيل المثال.
مراقبة الأسعار
كما تحدث رئيس مجلس الوزراء عن موضوع مراقبة الأسعار في السوق وأهمية بذل كل الجهود لضبطها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه لا توجد حكومة في العالم تأخذ على عاتقها مسؤولية تحديد وضبط أسعار جميع المنتجات في السوق، بقدر ما يجب أن ينصب عمل الحكومة على تنظيم جهود المنتجين والموردين والموزعين وفق قوانين وضوابط عامة، باعتبار أن السوق الوطنية المعروفة بعراقتها وخبرتها قادرة على تنظيم نفسها بما يضمن مصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء، مع التأكيد على ضرورة قيام الحكومة بتحييد أي قوى تحاول العبث بسلاسة عمل السوق وتوازنها.
نقاش موسع
ووافق المجلس خلال الجلسة بأغلبية أعضائه على مشروع صك تشريعي يتضمن نقل مهام مديرية الشركات لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، بعد أن شهد الموضوع نقاشاً موسعاً، حيث عارض وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لؤي المنجد بوضوح فكرة نقل المديرية إلى وزارة الاقتصاد، معتبراً أن من شأن هذا النقل أن يضعف قدرة الوزارة على القيام بمهامها واختصاصاتها المحددة قانوناً ولاسيما ما يتعلق بالإشراف على عمل اتحاد غرف التجارة السورية.
بالمقابل كان لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد ربيع قلعه جي ووزير الصناعة رئيس اللجنة الاقتصادية محمد سامر الخليل رأي مختلف، حيث أكدا أن اللجنة الاقتصادية درست هذا الموضوع بشكل معمق خلال الأشهر السابقة وناقشت كل تفاصيله، مع الإشارة إلى ضرورة مقاربة نقل هذه المديرية من منظور كلي شامل، إذ يأتي كحلقة في سلسلة إعادة ترتيب وتنظيم قطاع الأعمال في البلد، ولاسيما ما يتعلق بإدارة ملف المشاريع الاستثمارية (الكبيرة والمتوسطة والصغيرة)، وبالتالي من غير المقبول أن تبقى البنية الإدارية والتنظيمية لهذا القطاع الحيوي مشتتة ومبعثرة على النحو الذي يضعف كفاءة إدارته ويشكل مقاومة لمساعي تطويره.
وانتهى المجلس إلى الموافقة بأغلبية أعضائه على استكمال مسار مشروع الصك التشريعي مع اتخاذ الإجراءات كافة لتلبية احتياجات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في هذا الصدد على النحو الذي يسمح لها بممارسة دورها واختصاصاتها بكل كفاءة.
وفي تصريح لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد ربيع قلعه جي على هامش الجلسة حول مشروع الصك التشريعي المتضمن نقل مهام مديرية الشركات لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى وزارة الاقتصاد قال: إن رأي وزارة الاقتصاد يستند إلى الدور المنوط بها في تعزيز بيئة الاستثمار بشكل عام وفي تنمية المشروعات بشكل خاص.
سجل وطني
وأشار إلى أن المهام الموكلة إلى وزارة الاقتصاد تستند إلى المرسوم 21 للعام 2007 والذي يتضمن من ضمن مهامه الإشراف على قطاع الأعمال بشكل عام إضافة إلى الإشراف على المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة وانطلاقاً من هنا قامت الوزارة بإعداد مشروع مرسوم لتطوير بيئة الأعمال في سورية ولإتمام هذا المشروع كان لابد من العودة إلى مجموعة من القرارات السابقة، والتي أحالت عدداً من المديريات التي يجب أن تتبع لوزارة الاقتصاد وتوزيعها على عدد من الوزارات وبالتالي قامت الوزارة بإحداث السجل الوطني للمشروعات الشامل الذي سوف يعمل على ضم جميع السجلات التجارية والسياحية والصناعية لكون هذه السجلات الفرعية هي جزء أساسي من السجل الوطني للمشروعات، وبالتالي يجب أن تكون الشركات والسجل التجاري تابعة لوزارة الاقتصاد لأنها الجهة المشرفة على تطوير بيئة الأعمال وتعزيز الاستثمار في سورية.
مكافحة الإرهاب
وقدّم وزير الداخلية اللواء محمد الرحمون رؤية وزارة الداخلية ومقترحاتها لتنفيذ مضمون الكلمة التوجيهية للسيد الرئيس بشار الأسد خلال ترؤسه اجتماع وزارة المرسوم 232 لعام 2024، والتي تركز على مكافحة الإرهاب والوقاية من الجريمة ومكافحتها وتبسيط الإجراءات والإصلاح الإداري ومكافحة الفساد وتحقيق الشفافية والتأهيل والتدريب وتطوير القوانين وتحديثها.
القطاع السياحي
كما قدّم وزير السياحة محمد رامي مرتيني عرضاً حول الأداء للقطاع السياحي حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، موضحاً أن عدد القادمين إلى سورية بلغ 1.698 مليون قادم بزيادة قدرها 5 بالمئة عن الفترة نفسها من عام 2023، فيما بلغ عدد القادمين السوريين 2.189 مليون قادم بزيادة قدرها 27 بالمئة عن الفترة نفسها من عام 2023، وبلغ عدد الزوار لأغراض السياحة الثقافية والدينية 150 ألف زائر لنهاية شهر آب.
وفي تصريح لـ«الوطن» أوضح مرتيني أن القطاع السياحي تضرر نتيجة الاعتداءات الغاشمة المتكررة على غزة وجنوب لبنان وسورية مما أدى إلى خسائر كبيرة في المنطقة عموماً وفي القطاع السياحي خصوصاً نتيجة تضرر النشاط السياحي بشكل عام في الدول العربية والصديقة والأجنبية، لافتاً إلى الآثار السلبية المباشرة في القطاع محلياً نتيجة إشغال جزء من المنشات السياحية بالوافدين من لبنان.
ولفت إلى أن قطاع السياحة الثقافية أيضاً تضرر إضافة إلى التضرر الكبير الأمر الذي سوف ينعكس بالتأكيد على أعداد القادمين في نهاية العام.
وبالعودة إلى أداء القطاع السياحي قال: إن نتائج القدوم السياحي كانت جيدة هذا العام وكان هناك زيادة في أعداد السوريين القادمين بنحو 25 بالمئة عن العام 2023 للفترة نفسها، أي حتى تاريخ 23/9/ 2024، كما كان هناك زيادة أيضاً في أعداد السياح القادمين من العراق بنحو 23 بالمئة واللافت أن هناك حضوراً للقادمين من البحرين بشكل جيد، أما القادمون من الأردن فلم تنخفض نسبتهم عن العام الماضي.
الحرائق الزراعية
كما ناقش المجلس موضوع حرائق الأراضي الزراعية والحراجية لناحية المسببات والإجراءات اللازمة للحد من خطورتها، وتم التأكيد على ضرورة تفعيل وتطوير منظومة الإنذار المبكر وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، بالإضافة إلى الصيانة المستمرة والدورية للآليات المخصصة لعمليات الإطفاء.
ووافق المجلس على تمديد عمل اللجنة المكلفة مراجعة القرارات والصكوك الإدارية المتعلقة بشغل مركز عمل معاون وزير ومدير عام وأمين عام محافظة والمسارات الزمنية لكل منها، وعلى منح المصرف الزراعي سلفة مالية 300 مليار ليرة لسداد الالتزامات المترتبة على عقود استجرار الأسمدة.
ووافق المجلس على عدد من المقترحات العملية القابلة للتنفيذ لمعالجة المشكلات التي يعاني منها المواطن، انطلاقاً من حقيقة أن «الحكومة والمواطن في صف وخندق واحد، ومستعدة لمناقشة ودراسة أي مقترح يسهم في تحسين الواقع المعيشي ويخفف من الأعباء عنه، وباعتبار أن المواطن ينتظر من الحكومة حلولاً للواقع الراهن»، مؤكداً أهمية الجرأة باتخاذ القرارات التي تصب في المصلحة الوطنية، وإجراء مراجعة وتقييم للصكوك الصادرة بهدف تطبيقها وتطويرها لتلبي توجهات المرحلة المقبلة وإيجاد الحلول للمشكلات القائمة من خلال الأدوات المتوافرة.