كتب الدكتور محمد الجبالي رئيس المجموعة الاقتصادية السورية
شهدت سوريا خلال السنوات الماضية تحديات اقتصادية عميقة أثرت بشكل كبير على بنيتها التحتية، قطاع الأعمال، والبيئة الاستثمارية. ومع بدء تعافي الاقتصاد السوري، تبرز الحاجة المُلِحّة لوضع محفزات استثمارية قوية تعيد الثقة للمستثمرين المحليين والأجانب، وتعزز من جذب رؤوس الأموال. فهذه المحفزات ليست مجرد حاجة، بل هي أداة استراتيجية لإعادة بناء الاقتصاد، تحقيق الاستقرار الاجتماعي، وخلق فرص عمل.
أهمية المحفزات الاستثمارية في هذه المرحلة
في ظل الظروف الحالية، الاستثمار هو العمود الفقري لأي عملية نهضة اقتصادية. ويتطلب ذلك بيئة مواتية تُحفز المستثمرين على ضخ أموالهم في مشاريع استراتيجية تشمل قطاعات حيوية كالصناعة، الزراعة، التكنولوجيا، والطاقة. المحفزات الاستثمارية لا تقتصر على تقديم مزايا مالية فقط، بل تتطلب توفير بنية تحتية قانونية وإدارية تقلل البيروقراطية وتعزز من حماية حقوق المستثمرين.
لماذا تُعد المحفزات ضرورة؟
1. تعويض الأضرار السابقة: تعويض الخسائر التي لحقت بالمستثمرين المحليين من خلال دعمهم بحزم اقتصادية مرنة.
2.جذب رأس المال الأجنبي: استقطاب مستثمرين من دول المنطقة والعالم عبر حوافز ضريبية وجمركية.
3. خلق فرص عمل: تعزيز القطاعات الإنتاجية والاستثمارية من شأنه توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
محاور أساسية لوضع محفزات استثمارية فعّالة
1. الإصلاحات القانونية: تعديل القوانين الاستثمارية لضمان الشفافية، تسهيل تسجيل الشركات، وحماية الملكية الفكرية.
2. الإعفاءات الضريبية: تقديم إعفاءات ضريبية وجمركية للشركات التي تعمل في قطاعات محددة مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية.
3.تطوير البنية التحتية: الاستثمار في تحسين شبكات الطرق، المواصلات، والمرافق الأساسية لتسهيل حركة البضائع والخدمات.
4.تأمين التمويل: إنشاء صناديق تمويل مشترك بين الحكومة والقطاع الخاص لدعم المشاريع الناشئة والمتوسطة.
من هنا ندعو المستثمرين السوريين في الخارج، وكذلك المستثمرين الإقليميين والدوليين، إلى العودة بثقة إلى السوق السورية والمساهمة في إعادة البناء. التاريخ أثبت أن الأزمات تُولد فرصاً جديدة، وسوريا اليوم تمتلك إمكانيات واعدة يمكن البناء عليها لتحقيق مكاسب اقتصادية مشتركة.
من المتوجب ان نعطي التحفيذ للمشتثمرين القادمين لسوريا من خلال :
• إمكانيات غير مستغلة: السوق السورية بحاجة إلى رؤوس الأموال لتطوير قطاعات متعددة مثل السياحة، التصنيع، والتكنولوجيا.
• الاستقرار التدريجي: هناك مؤشرات واضحة على تحسن المناخ الأمني والسياسي، مما يعزز من بيئة الاستثمار.
• عوائد مرتفعة: المشاريع في الأسواق الناشئة غالباً ما تحقق عوائد استثمارية أعلى مقارنة بالدول الأخرى.
فمن الضروري أن تتخذ الحكومة خطوات جدية لطمأنة المستثمرين، مثل إقامة مؤتمرات دولية، الترويج للمزايا الاستثمارية، والعمل على تحسين بيئة الأعمال. كما أن المجتمع السوري، عبر كوادره المهنية ورجال الأعمال، مطالب بالعمل على جذب المشاريع الكبرى التي تسهم في إعادة بناء الاقتصاد الوطني.
فإعادة بناء الاقتصاد السوري ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي مهمة مشتركة تتطلب تكاتف الجميع، من مستثمرين، شركات، وخبراء. بوضع محفزات استثمارية قوية ومدروسة، يمكن لسوريا أن تستعيد مكانتها كوجهة اقتصادية هامة في المنطقة، مما يساهم في تحقيق مستقبل مزدهر للأجيال القادمة.